..فريد فين، أسطورة الطيران الذي قطع 15 مليون ميل جوي
من بلد لآخر، لاستكشاف ثقافات جديدة، والتعرف عن كثب على المعالم التاريخية، والتمتع بجمال العالم. ولكن هناك من تجاوز هذا الحلم ليصنع تاريخًا خاصًا به، ويصبح “الرجل الأكثر سفراً في العالم”. هذا هو فريد فين، الذي استطاع
تحقيق ما يعجز عنه الكثيرون، بفضل شغفه الكبير بالطيران، وعلاقته الاستثنائية مع طائرة الكونكورد الأسطورية.
فريد فين: من شغف الطيران إلى أسطورة السفر
ولد فريد فين في مقاطعة كنت في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، ومنذ طفولته، كان مغرمًا بالطائرات. كان يقضي ساعات طويلة بالقرب من مطار عسكري، حيث كانت الطائرات تطير فوقه، مما أثار في قلبه حبًا لا ينضب لهذا العالم. وفي سن الثالثة عشرة، تحقق حلمه الأول عندما خاض تجربته الأولى في الطيران على متن طائرة تايجر موث، ذات الجناحين، وهو ما أثّر بشكل كبير على مسار حياته.
مع مرور الوقت، بدأ فريد في اكتشاف العالم عبر رحلاته الجوية المتكررة، وكان يزداد شهرة بين محبي السفر بفضل شخصيته المغامرة. وفي عام 1976، كانت نقطة التحول الكبرى في حياته عندما تمت دعوته للانضمام إلى أول رحلة تجارية لطائرة الكونكورد بين لندن وواشنطن، الطائرة الأسرع من الصوت التي كان يترقبها الجميع.
الكونكورد: الطائرة التي غيرت حياته
تُعد طائرة الكونكورد، التي كانت تحلق على ارتفاعات تصل إلى 11 ميلاً بسرعة تفوق 1300 ميل في الساعة، رمزًا للحداثة والرفاهية في السفر الجوي. كانت أسرع من الصوت، وواحدة من أرقى طائرات السفر التجارية في تاريخ الطيران. بالنسبة لفريد، أصبحت هذه الطائرة أكثر من مجرد وسيلة نقل، بل هي شغف حيّ. لم يقتصر حب فريد لهذه الطائرة على رحلاته المعتادة، بل أصبح جزءًا من عائلة الكونكورد، حيث كان يتم تخصيص مقعده المفضل، المقعد 9 أ، في كل رحلة. وكان يحظى بترحيب خاص في كل مرة، بل كان يحظى أيضًا بشرف الجلوس في قمرة القيادة خلال الرحلات.
علاوة على ذلك، أصبح فريد جزءًا من عالم الكونكورد الفاخر، حيث شارك في حفلات زفاف الطيارين وتعرف على العديد من المشاهير الذين كانوا يسافرون على متن هذه الطائرة المميزة.
وداعًا للكونكورد: نهاية عصر الطيران الأسرع من الصوت
في نوفمبر 2003، أسدل الستار على عصر الكونكورد بعد 27 عامًا من الخدمة. قرار إنهاء الرحلات التجارية لهذه الطائرة جاء بعد حادث مأساوي في عام 2000، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التشغيل التي جعلت من الصعب استمرارها. في اليوم التاريخي الذي ودعت فيه الكونكورد السماء، لم يكن فريد فين على متن الرحلة الأخيرة، بل كان في استوديو “سكاي نيوز”، حيث قدم تحليلاته وتأملاته حول هذا الحدث الفاصل.
ورغم رحيل الكونكورد، لم تتوقف مغامرات فريد. لا يزال يسافر بشكل مستمر حول العالم، وينغمس في شغفه بالسفر. يزور بلده المفضل، كينيا، عدة مرات سنويًا، حيث يجد نفسه في أحضان الطبيعة الخلابة واللحظات الاستثنائية.
15 مليون ميل جوي: الرقم الذي يتحدى المستحيل
اليوم، ومع تقدم فريد في السن إلى 84 عامًا، لا يزال يحمل في رصيده ما يزيد عن 15 مليون ميل جوي. هذا الرقم الخيالي يعادل أكثر من 62 رحلة إلى القمر! ورغم ذلك، تبقى الروح المغامرة في قلبه على حالها، ولا يزال يواصل اكتشاف العالم.
إن قصة فريد فين هي أكثر من مجرد قصة عن السفر، بل هي شهادة على الشغف والإصرار والإيمان بقوة الطيران في فتح آفاق جديدة. فريد فين، الرجل الذي جعل من السماء طريقه، سيكون دائمًا رمزًا للمسافر الذي لا يتوقف.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-JET