ارتفاع معدلات التضخم في مصر إلى معدلات غير مسبوقة يضع المسؤولين في مأزق كبير، حيث أدت إلى خفض توقعات النمو، وبالتالي عدم تحقيق مستويات العجز المقدرة في موازنة العام المالي الجديد، إضافة إلى صراخ المواطنين من أسعار السلع التي دفعت القوى الشرائية للتراجع وحدوث ركود في الأسواق.
ويبدو أن معدلات التضخم التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء والتي سجلت 32.5% في مارس الماضي لم تكن في حسبان المؤسسات الدولية التي أشادت ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، فقد قالت مديرة صندوق النقد الدولي إنه يتوجب على مصر العمل على مزيد من الإجراءات لمعالجة مشكلة التضخم.
وأوضحت كريستين لاغارد، خلال مؤتمر صحافي، على هامش افتتاح اجتماعات الربيع بين الصندوق والبنك الدولي في واشنطن، أن الإصلاحات الأخرى يجب أن تستمر، ولكن يجب أن يكون هناك تركيز خاص على التضخم.
وقال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إن أسعار الفائدة والتدابير النقدية تعد أدوات تستطيع مصر استخدامها للتحكم في واحد من أعلى معدلات التضخم في الأسواق الناشئة، مشيرا إلى أن أدوات السياسة النقدية والمالية المتاحة، بما في ذلك أسعار الفائدة، يمكن أن تساعد مصر على احتواء التضخم.
قد تكون هذه إشارة إلى توصية من صندوق النقد برفع أسعار الفائدة، علما أن الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية سيكون يوم 18 مايو القادم، وكان المركزي قد رفع أسعار الفائدة بنسبة 3% دفعة واحدة بالتزامن مع تعويم الجنيه في 3 نوفمبر لمواجهة التضخم المرتقب بأسعار السلع، وتحجيم الدولرة.
وردا على هذه الإشارات من الصندوق أكد هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث بشركة بلتون فاينانشال السابق، أن التضخم المستدام (ليس الموسمي أو الناتج عن صدمات مؤقتة في عرض السلع) هو في معظم الأحوال نتيجة لوفرة السيولة بالجنيه المصري. وكلام الصندوق غالبا ما يشير إلى التضخم المستدام وضرورة السيطرة عليه حتى لا تفقد مصر قدرتها التنافسية وتعود ظاهرة الدولرة كمخزن قيمة.
وأضاف أن رفع أسعار الفائدة هو النتيجة الحتمية لسحب السيولة، وبالتالي فأي سياسة هدفها تقليص السيولة فهي بالتبعية تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، ومنها على سبيل المثال رفع نسبة الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي.
ولكن هناك سياسة أخرى لخفض التضخم، وهي تسهيل دخول المنتجات المستوردة والتي قد تقل ثمنا عن المنتج المصري، وبالتالي قد يكون الصندوق أيضا يشير إلى رفع أي قيود استيرادية.
وترى رضوى السويفي، رئيس قطاع البحوث بشركة فاروس القابضة، أن صندوق النقد الدولي يضغط على مصر للإبقاء على أسعار الفائدة عند معدلات مرتفعة، وذلك لكبح جماح التضخم الناتج عن خفض الدعم وتحرير سعر الصرف.
ورجحت أن تظل معدلات الفائدة مستقرة عند المستويات الحالية حتى الربع الأخير من 2017، على أن تكون هناك موجات خفض محتملة عقب ذلك.
وأشارت إلى أن هناك تباطؤا في وتيرة ارتفاع الأسعار على أساس شهري ربما يعد علامة على أن التضخم وصل بالفعل لذروته.
وقالت ريهام الدسوقي، كبير الاقتصاديين فى أرقام كابيتال، إن رسالة صندوق النقد تبدو كأنها توصية لرفع الفائدة للحد من التضخم، ولكن لا أعتقد أن هذه الخطوة سوف تقلص التضخم، لأن الارتفاع جاء بسبب صدمات فى الأسعار و”تأثيرات أساسية” تتعلق بمستوى التضخم منذ عام مضى.
وأوضحت أن التضخم بدأ في التراجع تدريجيا نتيجة انحسار تأثير العنصرين السابق ذكرهما.
وقالت الدسوقي إن رفع أسعار الفائدة سوف يرفع تكلفة التمويل على الحكومة والقطاع الخاص، ويمدد فترة تعافي الاقتصاد المصري، كما سيجعل استثمارات الدخل الثابت أكثر جاذبية ولكن ستكون آثارها سلبية على سوق الأسهم واستثمارات القطاع الخاص.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-jkE