يُشير مُصطلح السيارات الذكية أو ذاتية القيادة إلى السيارات التي بها إمكانية التحرك واستشعار البيئة من حولها دون سائق.
وبدأت تجارب تصنيع سيارات ذاتية القيادة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وظهرت أول سيارة ذكية في الثمانينيات، من خلال مشروعات جامعة “كارنيجي ميلون” وشركة “أوتو ليف” عام 1984، ومشروع “أوريكا بروميثيوس” الذي أطلقته شركة “مرسيدس بنز” في أكتوبر/تتشرين الأول عام 1986، بالتعاون مع العديد من شركات صناعة السيارات ومنتجي الإلكترونيات والمعاهد والجامعات.
وتمكنت الشركة من تصنيع العديد من النماذج للسيارات ذاتية القيادة، وتوجت محاولاتها بإعادة هندسة سيارة فئة “W140 S”، التي تمكنت من السير ذاتيًا بشكل شبه كامل مسافة 1678 كيلومترًا من ميونيخ إلى كوبنهاجن عام 1995.
ومنذ ذلك الحين، بدأت العديد من الشركات والمنظمات البحثية في تطوير نماذج سيارات ذاتية القيادة.
كيف تعمل السيارات ذاتية القيادة؟
هناك العديد من النظم الموجودة داخل السيارات الذكية لتجعلها قادرة على القيادة الذاتية دون سائق، إذ يوجد بها أجهزة استشعار عن بُعد، تستطيع رسم خريطة ثلاثية الأبعاد للسماح للسيارة برؤية المخاطر المُحتملة.
يتم ذلك من خلال انبعاث شُعاع الليزر من السيارة، وارتداد نبضاته مرة ثانية لتحديد المسافات بدقة، وتحديد ملامح الأشياء والكائنات المحيطة والأشخاص، إضافة لرصد مواقف السيارات القريبة.
وبينما تستطيع أجهزة الاستشعار رسم الخرائط، فإنها لا تتمكن من تحديد سرعة السيارات المُحيطة بدقة في الوقت الحقيقي، لذلك يأتي دور الرادار لإرسال إشارة إلى المُعالج لتشغيل الفرامل، أو الخروج من الطريق عند الحاجة لتجنب الحوادث.
وتوفر الكاميرات الموجودة بالسيارات ذاتية القيادة صور متداخلة لمُحيط السيارة، ولا تختلف في ذلك عن عمل العين البشرية التي تُعطي صورًا متداخلة قبل تحديد عمق المجال المحيط والحركات الهامشية وأبعاد الأشياء. وتوفر كل كاميرا زاوية رؤية بنسبة 50 درجة، وبدقة تصل إلى نحو 30 مترًا.
بينما تُمكن أجهزة الإستشعار بالموجات فوق الصوتية، الموجودة في عجلات السيارة من الكشف عن المركبات الأخرى الموجودة في موقف السيارات.
ويُحلل جهاز الكمبيوتر المركزي كافة البيانات المتاحة من أجهزة الاستشعار للتحكم في التسارع والتوقف وكل العمليات الأخرى.
أين تقف تقنية السيارات ذاتية القيادة حاليا؟
تتنافس كُبرى الشركات في العالم لتطوير تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة. وبدأت شركة “جنرال موتورز” مؤخرًا بتجربة نموذج سيارتها ذاتية القيادة “شيفروليه بولت”، والتي عملت على إنتاجها مع الشركة المملوكة لها “كروز أوتوميشن” المُختصة بالسيارات ذاتية القيادة.
كما تستعد شركة “أوبر” لإطلاق سيارة ذاتية القيادة لزبائنها في مدينة بيتسبرغ، ولن تكون هذه السيارات بلا سائق بشكل كامل، بل سيتوافر سائق احتياطي للحالات الطارئة، تمهيدًا لاستخدامها دون تدخل بشري في المستقبل القريب، وستكون تلك السيارات مجانية خلال الفترة التجريبية، كما لن تجبر الشركة أي راكب على استخدام تلك السيارات.
ومن أبرز الشركات في ذلك المجال شركة “جوجل” التي تُدخِل تطورات جديدة على سياراتها الذكية يومًا بعد يوم من أجل أن تكون مُستعدة للسير في الطرقات بشكل آمن بين الركاب والمارة.
وكان آخر تلك التطورات هو اختبار فريق تطوير سيارة “جوجل” ذاتية القيادة مؤخرًا ذكاءً اصطناعيًا جديدًا، يجعل السيارة تعلم متى وكيف يمكنها إطلاق بوق التحذير، من أجل تنبيه السيارات المجاورة أو المارة.
وتمكنت سيارة “جوجل” فى النهاية من إطلاق صوت التحذير وقت الحاجة بشكل سليم، دون حدوث ضوضاء على الطريق.
كما الشركة براءة اختراع لتوصيل الطلبات إلى المنازل عبر سيارة ذاتية القيادة، وتنوي أيضًا التوسع لمنافسة شركة “أوبر” و”ليفت”، وإطلاق خدمة توصيل عبر سياراتها ذاتية القيادة.
وقد أطلقت سنغافورة مؤخرًا أول خدمة سيارة أجرة ذاتية القيادة في العالم، وذلك مع توافر سائق احتياطي.
وتُخطط الحكومة البريطانية لإطلاق سيارة ذاتية القيادة في طرقها قبل حلول عام 2020، على أن يتم اختبارها العام القادم للتأكد من سلامتها قبل بيعها للجمهور.
كما تعتزم روسيا إطلاق سيارات ذاتية القيادة قبل إقامة مونديال 2018، لنقل المشاركين في بطولة العالم بكرة القدم وضيوفها.
مخاوف الاعتماد على السيارات ذاتية القيادة
على الرغم من أن العديد من الخبراء يرون أن السيارات ذاتية القيادة أكثر أمانًا من نظيرتها التقليدية، وأنها سوف تُساعد على تقليل حوادث المرور، إلا أن مصرع رجل الأعمال الأمريكي “جوشوا براون” بعد اصطدام سيارته الكهربائية المزودة بنظام القيادة الذاتية بمقطورة شاحنة “تسلا إس”، أثار صدمة كبيرة وجدلاً واسعًا في الولايات المتحدة الأمريكية حول ما إذا كانت هذه السيارات آمنة بالفعل أم لا.
وقد اصطدمت إحدى سيارات “جوجل” ذاتية القيادة للمرة الأولى بحافلة تسير بسرعة منخفضة في شهر فبراير/شباط الماضي، كما تعرضت سيارة اختبار ثانية إلى حادث آخر في كاليفورنيا بعد أن صدمتها سيارة أخرى، مُخلفة أضرارًا في الجزء الخلفي من السيارة.
بالأرقام.. توقعات النمو
أصدر موقع “بيزنس إنسايدر” مؤخرًا تقريرًا يتوقع وصول عدد السيارات ذاتية القيادة على الطريق إلى ما يقرب من 10 ملايين سيارة بحلول عام 2020.
ووفقًا للتقرير، الذي اعتمد على تحليل سوق السيارات ذاتية القيادة، فسوف تؤدي هذه السيارات إلى تيسير حياة المستخدمين، وجعل الطرق أكثر أمانًا، ومن المتوقع أن تكون هناك سيارات ذاتية القيادة بشكل كامل دون الحاجة لتدخل أي سائق بحلول عام 2019.
وحسب تقديرات شركة البحوث “كيه بي إم جي” فسوف تؤدي السيارات ذاتية القيادة إلى عدد وفيات أقل بنحو 2500 حالة بين عامي 2014 و2030.
أين المنطقة من المشهد؟
من جانبها، تسعى دول الخليج العربي لمواكبة المشهد العالمي، فيما يتعلق بتفعيل إطلاق السيارات الذكبة. في هذا الصدد، أطلقت دبي خدمة التنقل بأول سيارة ذاتية القيادة بها بعشرة مقاعد، وتمتلك السيارة تكنولوجيا استشعار عن بعد يُمكنها رصد المركبات القريبة حتى مسافة 40 مترًا، كما يُمكنها القيادة لمدة 3 ساعات، وتتطلب الشحن لمدة ساعتين.
ويأتي ذلك عقب إعلان حاكم دبي الشيخ “محمد بن راشد” مؤخرًا مبادرة لجعل 25% من جميع رحلات وسائل النقل في دبي ذكية وبدون سائق بحلول عام 2030.
ووجدت دراسة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية على السيارات ذاتية القيادة أن 70% ممن شملهم الاستطلاع في دبي، لديهم استعداد لتجربة السيارات ذاتية القيادة، بينما قال 79% إن لديهم استعدادًا لتجربة السيارات ذاتية القيادة بشكل جزئي وليس كليًا.
في الإطار ذاته، تعتزم السعودية جلب سيارات ذاتية القيادة إلى مدينة الملك عبد الله الاقتصادية للمرة الأولى.
وتبقى هناك حاجة لدعم البنية التحتية الخاصة بالطرق لتسهيل تواجد هذه التقنية الحديثة في المنطقة التي سوف تستغرق وقتاً لن يكون قصيرا لتحل محل السائق أمام عجلة القيادة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-fhu