عندما نتحدّث عن المصادر الحيوانية، نفكّر تلقائياً في اللحوم والدواجن والسمك. لكن ماذا عن البزّاق؟ هل يتمتّع بقيمة غذائية مهمّة تدفعنا إلى إيلائه أهمّية فعليّة؟
لى جانب الخضار والفاكهة، نشهد في الأسواق اللبنانية خلال هذا الموسم انتشاراً لافتاً للبزّاق الذي يشتهر تحديداً في أفريقيا الغربيّة والمطاعم الفرنسيّة. وفي حين أنّ أشخاصاً كثيرين يحبّون تناوله، نجد في المقابل فئة كبيرة من الناس تعتبر هذا الأمر غريباً وغير اعتيادي. فهل هو مفيد لك، وبالتالي هل يجب عليك إدخاله إلى غذائك؟
خسارة الوزن
وتعليقاً على هذا الموضوع المُثير للإهتمام، قالت إختصاصية التغذية جانين عوّاد الجميّل في حديث خاصّ لـ”الجمهورية” إنّ “البزّاق يُعدّ من أهمّ المصادر الغذائية القليلة الكالوريهات، فكلّ 100 غ من البزّاق المطبوخ والمنزوع القوقعة (Coquille)، أي ما يساوي كوب شاي، يزوّدنا فقط بسبعين سعرة حرارية. ما يعني أنه يمكن إدخاله إلى نظام غذائي صحّي يهدف إلى خسارة الكيلوغرامات الزائدة والتحكّم بالوزن”.
فيتامينات ومعادن ذهبيّة
وأشارت إلى أنّ “عشّاق البزّاق يعتقدون أنّه يخلو من أيّ قيمة غذائية أو منفعة صحّية، خصوصاً أنّ حجمه صغير ولا يزن شيئاً، لكنهم سيتفاجؤون حتماً عندما يعلمون أنّه يحتوي كمية بروتينات تُضاهي تلك الموجودة في لحم العجل، إضافة إلى مجموعة من أهمّ الفيتامينات خصوصاً الـA الذي يؤدي دوراً مهمّاً في نموّ العظام وعمليّة الإنجاب والأداء المناعي وضمان رؤية جيّدة وبشرة صحّية، والمعادن كالحديد المطلوب لنقل الأوكسيجين من الرئتين إلى خلايا الجسم، والكالسيوم والفوسوفر اللذين لا غنى عنهما لبناء عظام وأسنان قويّة.
فضلاً عن النحاس الذي يعمل مع الحديد لإنتاج خلايا دم حمراء صحّية، والماغنيزيوم الذي يساعد على ضمان الأداء الطبيعي لكلّ من العضلات والأعصاب، والأحماض الدهنية الأساسية الأوميغا 3 الصديقة لقلبك ودماغك”.
يخلو من الكولسترول
وتابعت جانين حديثها: «يحتوي كلّ 100 غ من البزّاق النيّئ 79 غ من المياه، و16 غ من البروتين، وغرامين من الكربوهيدرات، وغراماً من الدهون، و250 ملغ من الماغنيزيوم، و170 ملغ من الكالسيوم (ما يعادل ربع كوب حليب)، و0,4 ملغ من النحاس، و3,5 ملغ من الحديد، و15 ملغ من الفيتامين C.
والأهم من كلّ هذه العناصر القيّمة، أنّ البزّاق يخلو من الكولسترول وبالتالي فهو مفيد لمرضى القلب وللأشخاص الذين يحبّون اللحوم والمطلوب منهم تفاديها لغناها بالدهون والكولسترول”.
وأضافت: “بفضل افتقاره إلى الكربوهيدرات والدهون وغناه بالحامض الأميني المعروف بالتريبتوفان (Tryptophan) ومعدن الماغنيزيوم، يتحلّى البزّاق بالقدرة على تحسين المزاج ومحاربة التوتر وتعزيز النشاط”.
فوائد جماليّة
وكشفت أنّ فوائد البزّاق لا تقتصر فقط على القلب والمزاج وما يؤمّنه للجسم من عناصر غذائيّة أساسية له، بل تشمل أيضاً الناحية الجماليّة، فأوضحت أنه “يحتوي مواد الـ”Allantoin” والكولاجين والإيلاستين التي تجدّد خلايا البشرة وتُعيد إليها مرونتها وليونتها وإشراقها وتمنع إعادة نموّ البثور.
إضافة إلى حامض الغليكوليك (Glycolic Acid) الذي يمنع تجمّع الخلايا الميتة، ويحارب مشكلات حبّ الشباب والشيخوخة في آن”.
ولفتت جانين إلى أنّ “البزّاق يدخل أيضاً في صناعة المواد المخصّصة لتضميد الجروح، أو القضاء على البثور السوداء.
فضلاً عن استخدامه في المنتجات المخصّصة للعناية بالبشرة الحسّاسة لأنه يعالج التهيّج والإحمرار اللذين تتعرّض لهما”، مؤكّدة أنّ “الدافع الرئيس لاستخدام البزّاق في كلّ هذه المنتجات، يعود إلى أنه لا يتمتّع بأيّ رائحة ولا يسبّب الألم والأهمّ أنه يُعدّ مصدراً طبيعياً مئة في المئة”.
ونصحت كلّ امرأة بـ”عدم الهلع في حال وجدت على غلاف مستحضر التجميل الذي تشتريه أنه يحتوي مركّبات البزّاق، فهذا يُشير إلى جودته العالية لاحتوائه عناصر طبيعية ستمنحك مفعولاً أقوى من المنتجات التي تدخل في تركيبتها موادّ مصنّعة، لذلك لا تستبدليه إطلاقاً”.
طريقة طهوه
إلى ذلك، تطرّقت جانين إلى أصول طبخ البزّاق قائلة: “لا غنى عن تحضير البزّاق بطريقة صحيحة لتفادي أيّ مشكلة صحّية، بما أنّ أمعاءه قد تحتوي السموم.
إذا أردت شراءه جاهزاً، فيجب أن تتأكّد من مصدره. أمّا في حال تحضيره بنفسك، من الضروري بدايةً تركه لعشرة أيام كي يتمكّن من إخراج بقاياه والمواد الزلقة وبالتالي تطهير أمعائه، شرط تركه على درجة حرارة الغرفة أو في مكان توجد فيه نسبة رطوبة ضئيلة، وعدم وضعه في مكان جافّ ومعرّض لأشعة الشمس. بعد ذلك، يجب غسله أربع إلى خمس مرّات بالمياه والخلّ الأبيض فتلحظ أنّ قشرته لم تعُد سوداء.
ثمّ تغليه لخمس دقائق في مياه ساخنة لإزالة جزء من مصرانه، وتضعه مجدّداً في مياه ساخنة لربع ساعة وتضيف إليه البهارات التي تحبّها، كالنعناع، أو الكمّون، أو اليانسون، أو الشاي الأخضر، أو الحارّ، أو البهار، أو الثوم، أو الحامض…”.
وشدّدت عواد على “ضرورة تفادي تناول البزّاق إذا كان الشخص يُعاني الحساسية، خصوصاً أنه ينتمي إلى فصيلة الكلماري، والقريدس، وأنواع أخرى من ثمار البحر التي قد تسبّب هذه المشكلة”.
أدخلوه إلى غذائكم
وأوصت أخيراً القرّاء بـ”عدم التردّد في تناول البزّاق، خصوصاً إذا كانوا من عشّاقه، فيدخلونه إلى غذائهم مرّتين وحتّى ثلاث مرّات أسبوعياً. أمّا إذا كنت لا تحبّه أو تجد صعوبة في تقبّل تناوله لكنّك في المقابل تريد الإستمتاع بمنافعه وبالأصداء الإيجابية التي يتحلّى بها، أشجّعك على تذوّقه فلربّما قد تحبّه وتعتاد على مذاقه”، داعيةً مرضى القلب إلى استبدال اللحوم الحمراء بالبزّاق من وقت إلى آخر لتقليص المخاطر عليهم.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-muP