رجال الأعمال الشباب يسهمون في إعادة بناء تيمور الشرقية

رجال أعمال
23 فبراير 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
رجال الأعمال الشباب يسهمون في إعادة بناء تيمور الشرقية

160222185639_entrepreneurs_of_east_timor_640x360_cameronclarke_nocredit

يعشق سيزار غايو الطهي في الهواء الطلق. ويقف غايو بالقرب من موقد غاز بجانب الطريق المتعرج الذي يحاذي البحر في ديلي بجمهورية تيمور الشرقية، وهو يعد لفائف محشوة بالبطاطا الحلوة الأرجوانية، والسمك الطازج.

يقول غايو: “أحب أن يراني الناس وأنا أطهي الطعام، مثل جيمي أوليفر”. ويجوب غايو، ومعه موقد غاز، أنحاء المدينة وهو يركب في الجزء الخلفي لشاحنة صغيرة، ويقيم متجرا أينما شاء.

أنشأ غايو في فبراير/شباط العام الماضي مطبخا متنقلا باسم “ديليشس تيمور” من خلال الاستعانة بمدخراته المالية واستثمارات بسيطة من صديقين له، وأنشأ مطعما آخر صغيرا يحمل نفس الاسم بعد ذلك بستة أشهر، ويقدم كل منهما وجبات من المطبخ التيموري باستخدام منتجات طازجة.

ويعد هذا أمرا نادرا في بلد يستورد أكثر من نصف احتياجاته الغذائية، وهو الوضع الذي يريد غايو المساعدة على تغييره.

وغايو هو واحد من عدد متزايد من رجال الأعمال الشباب والأذكياء في تيمور الشرقية الذين أطلقوا أعمالا تجارية صغيرة مع التركيز على إدخال تيمور إلى حقبة أكثر ازدهارا. ويستخدم هؤلاء المستثمرون الشباب موظفين محليين ومنتجات محلية على أمل المساهمة في نمو بلدهم الجديد.

أصبحت تيمور الشرقية دولة مستقلة في عام 2002، بعد قرون من الحكم البرتغالي واحتلال إندونيسيا المجاورة لها لمدة 25 عاما. ويعتقد أن حوالي 200 ألف شخص قتلوا خلال الحكم الإندونيسي، وهو عدد هائل بالنسبة لعدد سكان كان يبلغ أقل من مليون نسمة في ذلك الوقت.

ورغم المشاكل المستمرة فيما يتعلق بالبنية التحتية والفقر، فإن الشعب التيموري لا يزال متفائلا إزاء المستقبل.

ومثل السيد غايو، سعى غالي سوريز أروغو لانتهاز الفرصة والدخول في مجال الأعمال. ترك أروغو عمله الحكومي الذي كان يتقاضى منه راتبا جيدا العام الماضي واستخدم مدخراته لفتح مقهى يحمل اسم “كافيه أوت”، وهو مقهى صغير من الطوب الأحمر في وسط ديلي، ويبيع القهوة من نوع “فلات وايت” التي تشبه “الكابتشينو” لكنها تقدم بفنجان أصغر، والقهوة بالحليب “لاتيه”، وكعك الجزر، ويخدم المقهى بشكل خاص المغتربين والأجانب.

ويقول السيد أروغو الذي يبلغ من العمر 29 عاما:” لدى تيمور الشرقية إمكانات كبيرة في مجال السياحة وصناعة القهوة. ولكن الآن لا تزال صناعة القهوة غير متطورة. نعتقد أن علينا البدء في عمل شيء ما”.

ويضيف أروغو، الذي تلقى تعليمه في البرتغال ويصف نفسه بأنه مدمن تناول القهوة، أن المقهى الذي يديره الوحيد الذي يملكه مواطن من تيمور الشرقية. وكل منتجاته مصنوعة محليا ويستعين بموظفين محليين.

وتابع: “من منظور أوسع، نعتقد أنه يمكن لنا أن نكون جزءا من التغيير في تيمور الشرقية”.

وقال إنه شاهد اهتماما متزايدا في المشاريع المحلية في أنحاء تيمور الشرقية منذ انتهاء بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام ومغادرتها للبلاد عام 2012.

ويقول: “نعرف أن علينا البدء في بناء البلد دون مساعدة”.

تغيير المواقف

هناك أيضا شركات خلاقة مزدهرة في ديلي. استخدم روي كارفالو مدخراته وأرض عائلته لإطلاق مشروع “روي كولكشنز”، وهو متجر للأزياء المصنوعة بحسب الطلب، في عام 2009. يحصل كارفالو على قماش “التايس”، وهو قماش تقليدي مصنوع من القطن المنسوج، من النساء الريفيات لصناعة ملابس عصرية وأحذية وحقائب يد.

يقول السيد كارفالو، الذي يبلغ من العمر 42 عاما، إن العديد من المواطنين في تيمور الشرقية يحجزون أقمشة التايس للجنازات، لكنه يريد المساعدة في التعريف بقماش التايس حول العالم كفن من فنون تيمور الشرقية.

ويقول: “عندما أرى النساء في المناطق الريفية، فهن لا يعرفن القراءة ولا الحساب، إلا أنهن يعرفن كيف يصنعن قطعة واحدة من التايس. وهي صناعة صعبة جدا. إنني فخور بهذا الأمر وأريد الاحتفاء به”.

لدى كارفالو أكثر من عشرة موظفين ويقول إنه يوظف الأرامل والمتسربين من المدارس والشباب المتحولين جنسيا.

وهذا النوع من المشاريع نادر في تيمور الشرقية حيث يعيش 80 في المئة من الناس على ما يزرعونه في الأرض.

يعمل أقل من 200 ألف شخص، في بلد يبلغ عدد سكانه 1.1 مليون نسمة، في وظائف رسمية أو يوظفون الآخرين.

يقول فيليب ألفايات، الذي يدير منظمة “إمبريزا دياك”، وهي منظمة أمضت السنوات الخمس الماضية في محاولة لتشجيع ريادة الأعمال كشكل من أشكال التغيير الاجتماعي، إن تيمور الشرقية تسعى جاهدة لتطوير اقتصاد سوق لها لأن عقودا من الاضطرابات جعلت الناس ينفرون من المجازفة.

ويضيف: “مر الناس بظروف قاسية. وهم يفضلون القيام بما يعرفونه، وظيفة ثابتة ورواتب محددة”.

لكنه يقول إنه يشاهد الآن تغييرا في المواقف تجاه ريادة الأعمال، وخاصة بين فئة الشباب.

ويوضح قائلا: “نصف السكان أعمارهم أقل من 30 عاما. ولا يوجد ما يكفي من الوظائف للجميع. لذا فربما نحصل على شباب جدد أكثر ميلا للمخاطرة بالمشاريع، فهم أكثر استعدادا لتحمل المخاطر”.

ومع ذلك، يقول إن التحديات أمام أصحاب الأعمال الصغيرة الناشئة لا تزال هائلة، ويعود ذلك جزئيا إلى البنية التحتية التي لا تزال ضعيفة من بينها عدم وجود طرق جيدة ومصدر مستقر للطاقة، ولكن أيضا بسبب المواقف إزاء نشاط الأعمال.

ينبغي على تيمور أيضا أن تحدث “تحولا ثقافيا كبيرا” من اقتصاد الكفاف، الذي يعتمد فيه الناس على زراعة الأغذية ولا يبيعونها، إلى اقتصاد السوق”.ويضيف السيد ألفايات:”جرى تطوير القطاع الخاص في تيمور بشكل أساسي لتصدير الأغذية للأمم المتحدة، فهي تستورد السلع وتبيعها. هذا ما تفعله. وهذا الأمر مختلف عن التعامل مع المنتجين المحليين”.

ويقول إن أي مواطن يتحلى بالشجاعة الكافية لبدء مشروع تجاري صغير يجب أن يكون متميزا، أو لديه أموال.

ويضيف: “هناك العديد من العوائق لدخول السوق. ومن الصعب حقا لشخص أن ينجح كرجل أعمال. يجب أن يكون لديك مزيج من الموهبة الكبيرة ومصدرا للتمويل والكثير من الدعم”.

وعلى الرغم من العوائق، يقول فلورنيسيو سانشيز، رئيس المكتب الحكومي الذي يسجل الشركات الجديدة، إن عدد رجال الأعمال الشباب قد ازداد، بفضل ممارسات التسجيل المبسطة التي جعلت إطلاق مشاريع لمواطني تيمور الشرقية أكثر سهولة.

ويقول إن مكتبه سجل في السنوات الثلاث الماضي 11 ألف شركة جديدة، معظمها مملوكة لأشخاص تحت سن الثلاثين. وكان الأمر يستغرق نحو خمس سنوات في الماضي لتسجيل خمسة آلاف شركة فقط.

لكن سانشيز يقول إنه لا يزال من الصعب جدا الحصول على قروض في تيمور الشرقية. ويعتقد أن على الحكومة أن تطور سياسات تشجع المصارف على إقراض الأفراد.

ويختتم سانشيز بالقول إن “الحكومة نفسها لا تستطيع القيام بكل شيء. ونحن بحاجة إلى مشاركة القطاع الخاص”.

ويقول: “نحن حقا نتطلع إلى المستقبل، وإحداث تغيير”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.