مجلة مال واعمال

توطين الاستثمار… بوابة العبور الى بر الامان

-

بقلم :محمد فهد الشوابكة

محمد فهد الشوابكه

ما زالت عملية تطوين الاستثمار في الاردن في نطاق تكوينها، ولم تصل إلى مرحلة التمكين النهائية التي تضفي في النهاية مزيدا من القوة وكثيرا من جودة الأداء بشكل عام، الا ان التوجيهات الملكية السامية التي أشار لها جلالة الملك عبدالله الثاني حول أهمية المستثمر للأردن وضرورة دعمه وتمكين استثماراته ومتابعتها وحل كافة القضايا والتحديات التي قد تواجهه، قد جاءت بمثابة المفتاح لعملية اصلاح استثمارية بدات من خلال مبادرة تم اطلاقها مؤخرا بعنوان الاردن اولى لحث المستثمر الاردني في الخارج على تعزيز استثماراته في الاردن وليصبح أداة ترويجية ناجحة لجذب المزيد من الاستثمارات للمملكة.
كون عملية الاستثمار تحظى من بين العديد من الفعاليات الاقتصادية بأهمية كبيرة فهي العنصر الحيوي والفعال لتحقيق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن أي زيادة في حجم الاستثمار يقابلها زيادة في الدخل في المقابل فان أي زيادة في الدخل لابد أن يذهب جزء منها لزيادة الاستثمار، ومن ناحية أخرى يمكن القول أن كل عملية استثمار لابد أن يرافقها مستوى معين من المخاطرة، ولا بد أيضا أن تحقق العائد المطلوب.
ولأهمية الاستثمار في عملية النمو الاقتصادي وتحقيق قدر من التوازن بين القطاعات الاقتصادية، نجد ان معظم الدول النامية قد أصدرت قوانين لتشجيع حركة الاستثمار فيها، وعملت على اعتماد سياسات إصلاحية لتهيأة المناخ الملائم لجذب الاستثمارات الخارجية، لاسيما بعد أن رسخت القناعة بأهمية عملية الإصلاحات الاقتصادية والتفاعل مع المعطيات التي أفرزتها المتغيرات الدولية في عملية التطور الاقتصادي، وفي مقدمتها الانفتاح على الاستثمار الخارجي، والدعوة الى مساهمة القطاع الخاص في المشاريع التنموية واعادة رؤوس الاموال المحلية للاستثمار الوطني وكل هذا ساعد خلال العقدين الماضيين في زيادة كبيرة تدفقات رؤوس الأموال تجاه الدول النامية.
وهو ما يسعى اليه القطاع الخاص الأردني، بالتعاون مع جهات رسمية، من اجل جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية ودفع عجلة الاقتصاد، والمساهمة في خلق فرص عمل، في وقت سجلت فيه معدلات البطالة مستويات غير مسبوقة، ببلوغها نحو ٢٠ بالمئة، بحسب أرقام رسمية.
ونتيجة لذلك فقد حظيت مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات اقتصادية كبرى وملحة بقبول كبير في العقد الأخير، وبدعم الحكومات المختلفة، لما لها من مزايا كبيرة، كما حظي هذا الامر بدوره بتأييد القطاع الخاص لما له من منافع مالية كبيرة في مجال البنية التحتية وقطاع المقاولات والتمويل والخدمات والتوريد والتصنيع وإلا لما أقبل القطاع الخاص على هذه المشاركة انطلاقا من ان القطاع الخاص هو القاعدة الرئيسية لتحقيق نشاط اقتصادي حقيقي قائم على انتاج الثروة وتوفير فرص العمل بشكل يسمح بخلق وتيرة نمو وتطور ديناميكية على المدى الطويل يسير وفقها النشاط الإقتتصادي. من ناحية اخرى تؤكد مدارس الفكر الإقتصادي على اختلاف توجهاتها على أن القطاع الخاص وفي ظل توافر جملة من الشروط التي تعكس بيئة نشاطه هو المحرك الرئيسي لعملية النمو الإقتصادي وذلك انطلاقا من عملية الإستثمار وتراكم رأس المال، حيث أنه ونظرا لما يتحمله من تكاليف ونتيجة للمنافسة السائدة في السوق فإن الكفاءة في الأداء والتنظيم المحكم للنشاط والعمل على التجديد والإبتكار بشكل ديناميكي هو السبيل الوحيد لتحقيق الربح ومن ثم المحافظة على مكانته في السوق بما ينعكس إيجابا على عملية النمو الإقتصادي .
ومن جانب اخر تمثل قضية توطين الأموال العربية في الخارج والدعوة الى تحفيز وزيادة دور القطاع ووالحد من هجرة رؤوس الامول في الظروف الراهنة إحدى ابرز الأولويات الإستراتيجية للعالم العربي وذلك لإحداث نوع من التوازن بين الموارد الاقتصادية العربية بما فيها رأس المال وبين المردود الاقتصادي والاجتماعي لهذه الموارد في ظل فجوة مالية كبيرة تعاني منها معظم البلدان العربية، حيث ان هنالك فجوة كبيرة في تمويل الاستثمارات تصل في بعض الدول العربية إلى 70% يتم تغطيتها من خلال التمويل الاقتراضي والإعانات الخارجية ” وكذلك في ظل عولمة اقتصادية ومالية متمثلة في التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، اتفاقية الجات، برامج الإصلاح الاقتصادي.

ويعد المغتربون الأردنيون المستثمرون في الخارج بوابة حقيقية لزيادة الاستثمارات المحلية، من هنا جاء تنظيم “المؤتمر السابع لرجال الأعمال والمستثمرين الأردنيين في الخارج”، تحت شعار “شركاء التنمية والبناء” بالشراكة مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين وهيئة الاستثمار محاولة جادة لزيادة الاستثمارات المحلية وتعويض تراجع الاستثمارات الأجنبية، التي انعكست سلبا على قدرة الاقتصاد المحلي على خلق فرص عمل، في الوقت الذي تبلغ فيه استثمارات الأردنيين في الخارج بنحو (7.5) مليار دولار، إذ حلت استثماراتهم في المرتبة الثانية عربيا في سوق العقار التركي، وفي مراتب متقدمة في السوق العقاري الإماراتي.