تنطلق في دبي، اليوم، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، فعاليات الدورة السادسة من «المنتدى العالمي للتعليم والمهارات»، بمشاركة نخبة من القيادات العالمية وكبار الشخصيات، وأهم النجوم في مختلف مجالات الرياضة والفن على مستوى العالم، الذين اختاروا دبي للتعبير عن قناعتهم الراسخة بأن التعليم هو الضمانة الأساسية لغد أفضل، تنعم فيه البشرية بالتقدم والازدهار.
ويحمل هذا الحدث، الذي تنظمه سنوياً «مؤسسة فاركي»، بما سيضمه من مشاركة عالمية لافتة، العديد من الدلالات المهمة حول المكانة التي تتمتع بها دبي، كمركز للإشعاع المعرفي في المنطقة، والتأكيد على كونها المنصة النموذجية للانطلاق نحو المستقبل، بكل ما يعد به من فرص، استمراراً لنهجها الذي بدأته منذ سنوات طويلة، في ترسيخ قاعدة اقتصادية أساسها الأنشطة القائمة على المعرفة، لإدراكها أن النجاح في المستقبل سيكون من نصيب من يمتلك زمام المعرفة، ويتمكن من توظيفها في تحقيق طموحاته وأحلامه.
فاحتضان دبي للقاءٍ بحجم «المنتدى العالمي للتعليم والمهارات» والمشاركين فيه، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، نائب الرئيس الأميركي الأسبق، آل غور، والرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، ورئيسة وزراء أستراليا السابقة، جوليا غيلارد، والمؤرخ العالمي سيمون شاما، والنجمة الأميركية الحائزة جائزة الأوسكار، جنيفر هدسون، والعدَّاء الأولمبي الشهير محمد فرح، وغيرهم من الرموز العالمية الكبيرة، يتكامل مع إسهام الإمارة الفعلي في تأكيد دور العِلم، في مقدمة العوامل المؤثرة في رخاء الإنسان وتقدمه، مهما كانت الظروف المحيطة، انطلاقاً من إيمان دبي وقيادتها بأن العِلم هو السلاح الذي يمكن لأي إنسان أن يقهر به التحديات، مهما تعاظمت، وأن يتجاوز به المعوقات مهما كان حجمها.
وكانت هذه القناعة النقطة التي أطلقت منها دبي العديد من المبادرات، وقامت بتنفيذ العديد من المشروعات، مستهدفةً نشر ضياء العِلم في ربوع البسيطة، ليتكامل إسهامها في هذا المجال، مع بقية إسهامات دولة الإمارات العربية المتحدة، في مختلف المجالات الإنمائية حول العالم، وهو النهج الذي أسّسه المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي جعل من الإمارات منارة خير تنشر ضياء الأمل، وتغرس بذور التفاؤل في شتى ربوع الأرض.
ولعل من أبرز المبادرات التي قدمتها دبي، «تحدي القراءة العربي»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومبعثها إيمان سموه بأن غرس حب القراءة في نفوس الصغار، هو غرس لأسس التقدم والنماء، مع استهداف التحدي إحداث نهضة في القراءة بين طلبة مدارس وجامعات الوطن العربي، بما في ذلك أبناء الجاليات العربيّة في الدول الأجنبية، ومتعلمي اللغة العربية من الناطقين بغيرها.
ونجح التحدي في استقطاب ومشاركة آلاف المدارس، وملايين الطلبة من مختلف أرجاء العالم العربي، ليسطّروا شهادة نجاح المبادرة، في تحقيق هدفها الاستراتيجي، في وضع القراءة والاطلاع والتحصيل المعرفي مرة أخرى بين أولويات الأجيال الجديدة في هذا الجزء من العالم، ليتحقق هدف دبي وقيادتها الرشيدة، في غرس حب المعرفة في عقول النشء العربي، وتعويدهم على النهل من مصادرها، عبر القراءة والاطلاع، ليتمكنوا من استعادة أمجاد حضارتنا العربية التليدة.
وتعدّ «دبي العطاء» مبادرة أخرى مهمة تصب في الاتجاه ذاته، وإن كان نطاقها أوسع ليشمل العالم أجمع، وتتناول قضية المعرفة من منظور آخر، وهي تندرج تحت لواء «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، إذ تقوم اليوم بتنفيذ برامج معنية بتوفير التعليم الأساسي في نحو 45 دولة، لاسيما ضمن المناطق الأكثر احتياجاً للتعليم حول العالم، لتسهم بذلك في تحقيق هدف مهم من أهداف التنمية المستدامة التي حدّدتها الأمم المتحدة، الخاص بتوفير فرص التعليم الملائمة للجميع.
وسعت المبادرة منذ إطلاقها في عام 2007، إلى دعم تعليم الأطفال في المجتمعات الأقل حظاً، من خلال العديد من البرامج، التي يتم تنفيذها بالتعاون من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات المحلية والدولية غير الحكومية، العاملة في تلك البلدان، ويقدر عدد المستفيدين منها حول العالم حتى الآن بنحو 16 مليون شخص.
وتمكنت دبي من تمديد مفهوم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، لتخرج من نطاقها الاقتصادي الذي ولدت في إطاره، إلى نطاق أوسع وأهم، هو الشراكة في صنع المعرفة وإنتاج الفكر، وهو ما يتجلى في «المنتدى العالمي للتعليم والمهارات»، و«جائزة أفضل معلم في العالم»، وهما الحدثان اللذان تتولى تنظيمهما إحدى المؤسسات التابعة للقطاع الخاص، هي مؤسسة فاركي، في تأكيد على تكامل أدوار المؤسسات الخاصة مع المساعي الحكومية في خلق بيئة حاضنة للإبداع، ومشجّعة للمبدعين، ومحفّزة على التفوق في واحد من أهم القطاعات، وهو قطاع التعليم.
ويأتي شعار المنتدى العالمي هذا العام، وهو «كيف نُعدُّ جيل الشباب لعام 2030 وما بعد؟»، مُستلهماً فكر راعي الحدث، حيث يعكس الشعار رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نحو أهمية إعداد الأجيال الصاعدة، للتعاطي بإيجابية مع متطلبات المستقبل، وإمدادها بكل الأدوات التي تعينها على المضي فيه، نحو أفكار جديدة توظفها في تحويل الواقع من حولها إلى الأفضل، وبكل المقاييس، تأكيداً على دور الشباب كمحرك الدفع الأول في الارتقاء بالمجتمعات، وتعزيز فرص شعوبها. وسيناقش المنتدى العالمي طيفاً واسعاً من الموضوعات المتعلقة بشعاره، مع التركيز على الجوانب المستقبلية في عملية التعليم، وكيفية مواءمتها متطلبات التطوير في المرحلتين الراهنة والمقبلة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-oO4