مجلة مال واعمال

السعودية تكشف عن مبادرات لتعزيز المواهب في القطاع المالي

-

أعلنت المملكة العربية السعودية عن مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز قطاعها المالي من خلال تنمية المواهب، وتدريب القيادات، والشراكات العالمية، وذلك خلال حدث خاص أقيم في الرياض.

وتعكس هذه الإجراءات، التي أُعلن عنها في منتدى الأكاديمية المالية 2024، التزام المملكة بتعزيز المشهد الاقتصادي بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.

وتضمنت أبرز الإنجازات الشراكة مع معهد المحللين الماليين المعتمدين لتعزيز عدد حاملي شهادة المحلل المالي المعتمد في المملكة العربية السعودية، والحصول على اعتماد من معهد التأمين المعتمد مما يجعل الأكاديمية المالية أول مركز للتنمية المهنية من نوعه في المملكة.

وتهدف هذه التعاونات إلى رفع معايير الخبرة المالية وتعزيز مكانة المملكة كمركز للمواهب العالمية في هذه الصناعة.

وقال محمد القويز رئيس هيئة سوق المال خلال كلمته الافتتاحية “إن القطاع المالي يشهد تحولاً سريعاً، مع ظهور منتجات وأدوات وقنوات جديدة. ولمواكبة هذا التحول، يتعين علينا الاستثمار في تنمية رأس المال البشري”.

وأكد أن هذه المبادرات لها أهمية كبيرة في تعزيز القوى العاملة الماهرة والحفاظ على القدرة التنافسية للمملكة في الصناعة المالية.

وكشف المنتدى أيضًا عن شراكة مع مركز سوتارجا لريادة الأعمال والتكنولوجيا في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.

ستوفر هذه المبادرة للمهنيين السعوديين إمكانية الوصول إلى برامج ريادة الأعمال والتدريب، مما يساعدهم على تطوير مهاراتهم في مجال الابتكار المالي.

ويأتي هذا التعاون في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة لتعزيز ثقافة ريادة الأعمال والنمو التكنولوجي في القطاع المالي.

تعزيز القيادة

ومن المبادرات الأساسية التي تم الإعلان عنها في المنتدى إطلاق برنامج قيادي بالتعاون مع معهد سويس ري، ويهدف هذا البرنامج، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، إلى تأهيل 150 من قادة التأمين من خلال برنامج قادة التأمين الناشئين.

وستركز المبادرة على تدريب المديرين التنفيذيين وتنمية المهارات القيادية، وتوفير برامج متخصصة تعالج التحديات الفريدة التي يواجهها قطاع التأمين.

وأكد القويز على أهمية القيادة في الصناعة المالية، قائلاً: “إن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً، سواء كان ذلك في تطوير قطاعنا أو اقتصادنا. ولهذا السبب فإن مثل هذه الأحداث ضرورية لرفع المهارات والتدريب من أجل النمو المستقبلي”.

وأكد أن القيادة القوية ضرورية للتغلب على تعقيدات السوق المالية العالمية سريعة التطور.

وشهد المنتدى أيضًا إطلاق مبادرة “المديرين الماليين التنفيذيين في القرن الحادي والعشرين”، وهو برنامج يهدف إلى تدريب 60 من هؤلاء المحترفين في عامه الأول.

تم إطلاق البرنامج بالتعاون مع جامعة نيويورك وكلية باريس للأعمال ومعهد المحللين الماليين المعتمدين، وهو مصمم لرفع قدرات المسؤولين الماليين في المملكة العربية السعودية، وضمان قدرتهم على التعامل مع التعقيدات المتزايدة في المشهد المالي.

تأثير الأكاديمية المالية

منذ إنشائها في عام 2020، لعبت الأكاديمية المالية دورًا مهمًا في تطوير المتخصصين في القطاع المالي في المملكة العربية السعودية.

وكشف القويز خلال المنتدى أن الأكاديمية قامت حتى الآن بتدريب أكثر من 50 ألف فرد في مختلف القطاعات، وقدمت 49 برنامجاً تأهيلياً وامتحاناً.

وقد أدت هذه الجهود إلى اعتماد ما يقرب من 90 ألف محترف، مما وضع المعهد كركيزة أساسية في البنية التحتية المالية للمملكة.

بالإضافة إلى تأثيرها المحلي، طورت الأكاديمية المالية شراكات مع أكثر من 40 مؤسسة تعليمية رائدة في جميع أنحاء العالم.

وتضمن هذه التعاونات أن تتوافق المناهج والبرامج التدريبية للأكاديمية مع المعايير الدولية، مما يوفر للمحترفين الماليين السعوديين مؤهلات معترف بها عالميًا.

وأشار القويز إلى التطور المستمر الذي تشهده الأكاديمية استجابة للاحتياجات المتغيرة للقطاع المالي.

وقال “إننا نشهد درجة كبيرة من التغيير داخل مؤسساتنا المالية، سواء كان ذلك من خلال منتجات أو أدوات أو قنوات جديدة، وترابطها مع قطاعات أخرى”، مؤكدا على الحاجة إلى الاستمرار في الابتكار وتحسين المهارات داخل الصناعة.

دور التكنولوجيا

وكان الموضوع الرئيسي للمنتدى هو دمج التقنيات المتقدمة داخل القطاع المالي.

أكد نائب وزير المالية عبد المحسن الخلف، على الدور المحوري الذي تلعبه التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في دفع عجلة الابتكار وتحسين الكفاءة في جميع أنحاء الصناعة المالية.

وأضاف الخلف: “إن التكنولوجيا مفيدة للغاية في التنبؤ بالتوقعات الاقتصادية الإيجابية والصدمات المحتملة. ومن خلال دمج التكنولوجيا المتقدمة، تمكنا من تحسين دقة توقعاتنا بشكل كبير”.

وأشار إلى أن وزارة المالية بدأت بالفعل في دمج الذكاء الاصطناعي وأنظمة إدارة البيانات في كافة إداراتها، حيث أثبتت هذه الأدوات أهميتها في تعزيز دقة التوقعات المالية وتبسيط عمليات اتخاذ القرار.

وأضاف الخلف: «قمنا داخل الوزارة بإنشاء وحدات للذكاء الاصطناعي عبر فرق مختلفة، خاصة في مجال التنبؤ بالنفقات، وهو ما سمح لنا بالانتقال إلى ما هو أبعد من أدوات النمذجة الاقتصادية التقليدية».

بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، أكد المنتدى أيضًا على الأهمية المتزايدة للأمن السيبراني داخل القطاع المالي. ومع اعتماد المؤسسات بشكل متزايد على البنية التحتية الرقمية، أصبحت الحاجة إلى تدابير قوية للأمن السيبراني أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وأكد الخلف أن الوزارة تبذل جهوداً مستمرة لتعزيز قدراتها الدفاعية الإلكترونية، بما يضمن بقاء البيانات المالية للمملكة آمنة في مواجهة التهديدات الرقمية المتطورة.

الاقتصاد القائم على المعرفة

ومن خلال الاستثمار في تنمية رأس المال البشري وتبني التقنيات المتطورة، تعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز مكانتها كقائدة في الصناعة المالية العالمية.

وفي إطار هذه الجهود، تركز المملكة على بناء اقتصاد قائم على المعرفة ويركز على الابتكار وريادة الأعمال والتقدم التكنولوجي.

وتهدف الشراكات التي أُعلن عنها في المنتدى، مثل التعاون مع جامعة كاليفورنيا في بيركلي، إلى دعم هذه الرؤية من خلال تزويد المهنيين السعوديين بإمكانية الوصول إلى الخبرات والتدريب من الطراز العالمي في مجال ريادة الأعمال والتمويل.

ولا تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز مهارات المتخصصين الماليين الحاليين فحسب، بل تهدف أيضاً إلى إعداد الجيل القادم من القادة لدفع القطاع المالي في المملكة إلى الأمام.

مع استمرار تطور المشهد المالي، فإن الحاجة إلى محترفين مهرة وذوي تفكير تقدمي ستكون أكثر أهمية من أي وقت مضى.