رغم حزمة الإجراءات النقدية الجديدة التي أقرها البنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا المركزي وبنك الشعب (المركزي) الصيني خلال الأيام الماضية لتحفيز الاقتصاد، فإن هذه البنوك قد تجد نفسها خلال الشهور المقبلة في مواجهة ضغوط جديدة لإقرار المزيد من إجراءات تحفيز النمو مع استمرار النمو الاقتصادي الضعيف وعدم التوصل إلى حل لأزمة ديون منطقة اليورو.
وبالأمس قرر البنك المركزي الأوروبي خفض سعر الفائدة عن مستواه المنخفض القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 75ر0 بالمئة في حين قرر بنك إنجلترا المركزي تثبيت سعر الفائدة مع ضخ 50 مليار جنيه إسترليني (78 مليار دولار) في الاقتصاد البريطاني. وقرر البنك المركزي الصيني خفض سعر الفائدة للمرة الثانية خلال شهرين ليصل إلى 6 بالمئة .
ورغم ذلك فإن أسواق المال التي كانت قد تحسنت في اعقاب الكشف عن هذه الإجراءات عادت سريعا إلى التراجع في نهاية اليوم وهو ما يعني أن كل هذه الإجراءات من جانب البنك المركزي لم تكن كافية لتهدئة توتر الأسواق المالية.
ليس هذا فحسب بل إن تراجع الأسواق جاء رغم البيانات الإيجابية التي صدرت أمس عن سوق العمل الأمريكية حيث أشارت الأرقام إلى انخفاض عدد الأمريكيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانة البطالة لأول مرة.
كما أن هناك مؤشرات على استعداد مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي لاتخاذ المزيد من الإجراءات التحفيزية إذا جاء معدل نمو الاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاد في العالم مخيبا للآمال.
في الوقت نفسه فإن الغموض بشأن حالة الاقتصاد العالمي خلال الشهور المقبلة سيستمر.
ويتوقع محللون تراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني ثالث أكبر اقتصاد في العالم خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 6. 7 بالمئة مقابل 1. 8 بالمئة خلال الربع الأول من العام.
يقول فليمنج نيلسن المحلل الاقتصادي في ‘دانسك بنك’ إن خفض سعر الفائدة أمس في الصين يزيد احتمالات إقرار البنك المركزي الصيني لخفض جديد بمقدار ربع نقطة مئوية قبل نهاية العام الحالي.
وفي المؤتمر الصحفي الدوري الذي عقده رئيس البنك ماريو دراجي في أعقاب اجتماع مجلس محافظي البنك لم يرد دراجي على ما إذا كان البنك يدرس اتخاذ المزيد من الإجراءات النقدية العاجلة لتعزيز النمو الاقتصادي.
وقال دراجي ‘لم نناقش هذا الأمر ولا يوجد لدينا التزام مسبق بأي إجراءات أضافية’.
وقدم دراجي صورة متشأئمة للأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو حيث خفض توقعات النمو في ظل استمرار أزمة الديون والضغوط التضخمية المنخفضة.
وقال دراجي ‘النمو يدور حول المعدل صفر.. والمخاطر الكاملة تتحفق بالنسبة لآفاق الاقتصاد’.
ورغم ذلك يشكك المحللون في إمكانية تأثير قرار المركزي الأوروبي الخميس خفض سعر الفائدة على الآفاق الاقتصادية لمنطقة اليورو التي تضم 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.
يقول ماركو فالي كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك يوني كريديت الإيطالي ‘في ظل سعر الفائدة المنخفض بالفعل فإن أي خفض لسعر الفائدة سيكون تأثيره محدودا على الاقتصاد الحقيقي خاصة في ظل الظروف الصعبة الحالية ورغم ذلك فإن تأثيرا إيجابيا بسيطا أفضل من لا شيء’.
ومما يزيد الصورة تعقيدا تراجع مؤشر المفوضية الأوروبية لقياس ثقة المستهلكين في اقتصاد منطقة اليورو خلال حزيران (يونيو) الماضي إلى أقل مستوى له منذ 32 شهرا.
ويعتقد المحللون أن البنك المركزي الأوروبي سيضطر إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات التحفيزية غير التقليدية مثل إطلاق حزمة جديدة من القروض منخفضة التكلفة إذا لم يؤد الخفض الأخير لسعر الفائدة إلى تعزيز نمو الاقتصاد وتهدئة التوتر في أسواق المال.
يقول فالي ‘بالنظر إلى المستقبل يمكن القول إن المساحة المتاحة أمام اتخاذ إجراءات تقليدية مؤثرة محدودة في حين أن إقرار حزمة جديدة من الإجراءات سيكون حيويا في ضوء درجة الضغوط المالية في النظام المالي والأضرار التي يمكن أن تسببها آليات السياسة النقدية’.
كما يعتقد المحللون أن دفعة الأموال الجديدة التي قرر بنك إنكلترا المركزي ضخها في الاقتصاد البريطاني لن تكون الأخيرة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
تقول فيكي ريوود المحللة الاقتصادية في مجموعة كابيتال إيكونوميكس للاستشارات المالية إن قرار لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا المركزي استئناف شراء الأصول المالية الحكومية لضخ الأموال إلى الاقتصاد يعكس مزيجا من تراجع المخاوف من التضخم مع تزايد القلق بشأن النمو.
وتضيف أنه لذلك لا تعتقد أن الدفعة الجديدة من الأموال وقدرها 50 مليار جنيه إسترليني لن تكون الأخيرة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-2y4