واشنطن- مال واعمال-
يرى ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن القريب من وزارة الخارجيةالامريكيه ان الاردن رغم انه اكثر امانا واستقراراً من العام الماضي إلا أنه لا بزال بعاني من بعض الصعوبات.فالأردنيون يواصلون شكاواهم بمرارة من الفساد المستشري الذي من الممكن أن يمثل مرة أخرى سبباً مركزياً للاحتجاجات.
كما ان آثار الحرب الدائرة في سورية تمثل تهديداً أكثر خطورة على استقرار المملكة. فإحدى نتائج هذه الحرب هي الزيادة الهائلة للفكر السلفي، حيث تشير تقارير صحفية محلية أن عدة مئات من الجهاديين الأردنيين قد عبروا الحدود للقتال ضد نظام الأسد، وأن عشرات منهم قُتلوا أثناء العمليات العسكرية. وبعد أن تضع الحرب أوزارها سيعود في النهاية العديد من الناجين إلى الأردن كمقاتلين متشددين ويشكلون مخاطر أمنية على الحكومة المعتدلة الموالية للغرب.
ورغم ذلك، فإن الأمر الذي يعتبر أكثر إشكالية هو التأثير الاستراتيجي طويل المدى لتدفق اللاجئين. فالسوريون الوافدون إلى الأراضي الأردنية والذين يبلغ تعدادهم ما يقرب من مليون لاجئ يعملون على إنهاك البنية التحتية المتواضعة للبلاد، لا سيما إمدادات المياه الشحيحة. ومما يفاقم الأمور أن الغالبية العظمى من هؤلاء المهاجرين يعيشون في المدن الأردنية، ويتنافسون على السكن والوظائف في سوق عمل ضيق بينما ترتفع معدلات الإيجارات والبطالة وأسعار المواد الغذائية.
لقد كانت المملكة وسكانها أسخياء جداً في استضافة النازحين السوريين وما تزال كذلك، بيد أن هناك علامات استياء وامتعاض في هذا الشأن. فقد بدأ بعض السكان المحليين في إبداء الحسرة والمرارة من العبء المالي الهائل الموضوع على الأردن الذي يعاني من ضائقة مالية، في الوقت الذي يتذمر فيه البعض الآخر من أن المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة للاجئين تفوق شبكة الأمان الاجتماعي الهزيلة التي تقدمها عمَّان للمواطنين الأردنيين. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) أخبر أحد الأردنيين الكاتب قائلاً “إنهم يأخذون الطعام من أفواهنا!”
إن إحدى الحالات المؤسفة ذات الصلة بهذا الموضوع هي مدينة “المفرق” الواقعة في شمال البلاد. ففي العام 2011، كان يقطنها 80,000 شخص، إلا أن أن عدد سكانها قد وصل الآن إلى 200,000 شخص – وارتفعت فيها معدلات الجريمة، ووفقاً لرئيس البلدية لا يوجد أي تمويل إضافي من الدولة. والجانب الأسوأ في ذلك، هو معسكر “الزعتري” القريب – الذي يتسع إلى100,000 لاجئ إضافي – والمشيد فوق مخزون المياه الجوفية لـ “المفرق” والذي يعاني من نظام صرف صحي غير مناسب، الأمر الذي يهدد بتلويث إمدادات المياه الجوفية.
ويخلص الكاتب المختص بالشأن الاردني الى القول :
قد يكون بمقدور الأردن مواجهة هذه التحديات لعام آخر أو عامين. ولكن مع عدم وجود نهاية تلوح في الأفق للأزمة السورية ووجود تقديرات بأنه قد تم تدمير حوالي 30 في المئة من المنازل السورية، فقد يبدو محتوماً على اللاجئين البقاء في الأردن لمدة عقد من الزمن أو أكثر. وإذا ثبَّت هؤلاء السوريون أقدامهم في المملكة، فسوف يؤدي وجودهم إلى تفاقم التوترات الكامنة بلا شك في المجتمع. ومما يزيد من الأمور تعقيداً أن السوابق التاريخية وإعياء المانحين الواضح تشير إلى أن الدعم المالي الدولي الذي يتلقاه الأردن سيقل تدريجياً في المستقبل.
في أعقاب اجتماع القمة الذي عقد الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس أوباما أنه سيسعى إلى الحصول على مليار دولار إضافية في شكل ضمانات قروض لمساعدة المملكة على الصمود في وجه عاصفة اللاجئين. كما ذكر أنه سيبذل جهوداً لتجديد التعهد الأمريكي بتقديم ما يزيد عن 600 مليون دولار سنوياً كمساعدات اقتصادية وعسكرية. وعند جمع هذا المبلغ المخصص والتمويل التكميلي السنوي التقليدي وتكلفة ضمانات القروض، سيصل التمويل الأمريكي الإجمالي للمملكة في 2013 – 2014 ما يقرب من 2 مليار دولار أو حوالي 300 دولار لكل أردني – أي زيادة قدرها 3 في المئة في نصيب الفرد من “إجمالي الناتج المحلي” سنوياً. بمعنى آخر، يمثل المليار دولار المقدم سنوياً من واشنطن ما يزيد عن 10 في المئة من ميزانية المملكة لعام 2013.
وهذه المساعدات ليست بالقليلة وتتناسب مع الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للبلاد في منطقة تعاني من الاضطرابات. ومع ذلك، فقد لا تكون كافية لعزل الأردن من التأثير الاجتماعي والاقتصادي للحرب السورية وامتدادها. وفي ضوء خبرة المملكة الطويلة في التعامل مع اللاجئين وتقاليدها المعروفة بكرم الوفادة، فإن ردة الفعل العنيفة لحالة عدم الاستقرار ضد المهاجرين السوريين قد تستغرق بعض الوقت لكي تطفو على السطح. ولكن لا يخالجك أي شك في ذلك – فالمسألة ما هي إلا مجرد وقت. فإذا لم تضع الحرب في سورية أوزارها في وقت قريب، فإن المهلة التي أخذتها الأردن من حالة عدم الاستقرار التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2011 قد تكون مجرد أمر مؤقت.
*.
وكالات
المصدر : https://wp.me/p70vFa-4gQ