“المركزي” الأوروبي في ظل “المركزي” الألماني

admin
مقالات
admin11 مايو 2012آخر تحديث : منذ 12 سنة
“المركزي” الأوروبي في ظل “المركزي” الألماني

اراء2  - مجلة مال واعمالمال و اعمال

تواجه دول الاتحاد الأوروبي تحديات وصعوبات اقتصادية خطيرة منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية، وتعتبر أزمة الديون السيادية الى جانب النمو الاقتصادي البطيء ومعدلات البطالة المرتفعة أبرز وأخطر هذه التحديات.

وفي الوقت الذي يبذل فيه الجميع كافة الجهود لايجاد الحلول لهذه المشاكل، جاءت التصريحات التي أدلى بها رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أخيراً، والتي قال فيها ان التوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو تبقى عرضة لمخاطر نزولية وأن الضغوط التضخمية يجب أن تبقى محدودة، لتثير الكثير من التعليقات.
لا يمكن تفسير تصريحات دراغي الا بطريقتين، إمّا أنه يعيش في عالم آخر، أو أنه استسلم ويأمل باختفاء كافة المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الأوروبي بمجرد أن تبدأ اقتصادات الدول بالانتعاش، وذلك كلام ما هو أكثر من تمنّي. مما لا شك فيه أن المهمة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي ورئيسه، والمتمثلة في انقاذ دول منطقة اليورو من أزمتها الاقتصادية دولة دولة، هي مهمة ضخمة جداً وغاية في الصعوبة، وبامكاننا الآن القول انها فشلت.

ما يثير الدهشة هو حديث دراغي عن خطر التضخم في وقت قاربت نسبة البطالة في أوروبا على تجاوز حاجز الـ 10 في المائة، وفي بعض الدول مثل اسبانيا واليونان قد تجاوزت نسبة 25 في المئة. على البنك المركزي الأوروبي أن يقرر ما اذا كان هو حقاً مؤسسة مستقلة أو أنه يعمل بالانابة عن البنك المركزي الألماني، انّ التحذير الذي أطلقه الرئيس الجديد للبنك المركزي الألماني ينس ويدمان حول فشل الحكومات في اتخاذ الاجراءات الضرورية لانقاذ اليورو، هي امّا صادقة جداً، أو أنه في غاية القلق من أن تؤدي التطورات في نهاية المطاف الى خاتمة واحدة تتمثل في دفع ألمانيا ثمن الفوضى التي تسبب فيها بعض السياسيين الطموحين طوال عقود خلت.

كيف بامكان الساسة الأوروبيين تبرير اتخاذ اجراءات مثل الميثاق المالي للاتحاد الأوروبي، في وقت تشهد فيه معدلات النمو الاقتصادي ضعفاً شديداً مصحوبا بمعدلات بطالة عالية جداً تنتشر في جميع أنحاء أوروبا؟، اذا كان البنك المركزي الأوروبي يعمل في ظل البنك المركزي الألماني فعليه أن يدرك أن الواجب الرئيسي للمركزي الألماني يتمثل في السيطرة على توفير الأموال والتضخم، وهما شيئان لا تحتاجهما أبداً بقية الدول الأوروبية في المرحلة الحالية، بعد 12 عاماً بامكاننا القول ان المركزي الأوروبي فشل في تقليد ثقافة نظيره الألماني في أوروبا.

لقد بدأت بعض دول الاتحاد الأوروبي في تطبيق اجراءات الميثاق المالي التي طلبها البنك المركزي الأوروبي، مقابل الحصول على المساعدات المالية. وعلى الرغم من ذلك فان هذه الدول مثل اسبانيا واليونان والبرتغال وحتى ايطاليا تكافح لأن هذه الاجراءات الصارمة تزيد من صعوبة المرحلة على مواطنيهم في وقت تستمر فيه معدلات البطالة المرتفعة بل وتستمر في الارتفاع أكثر.

لقد أنفق المركزي الأوروبي ما يقرب من تريليون يورو من أجل انقاذ بعض هذه الاقتصادات، ولكن دون ظهور أي اشارة على النجاح، ولماذا ذلك؟
لقد أصبحت البنوك الاسبانية أكبر الشركات العقارية في العالم، اذ أظهرت أحدث الأرقام أن هذه البنوك تملك 800 مليار على شكل عقارات، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف بامكان هذه البنوك أن تبدأ باقراض الأفراد والشركات الصغيرة وغيرها للمساعدة على تحقيق انتعاش اقتصادي؟

أنا أعتقد أن لمواطني دول الاتحاد الأوروبي الحق في معرفة كيف تم اهدار تريليون يورو من ضرائبهم وأين ذهبت كل هذه الأموال؟، كما أعتقد أن هذا مصدر قلق كبير بالنسبة للألمان لاسيما بالنسبة للبنك المركزي الألماني.

شخصياً، أعتقد أن الحل يكمن في ألمانيا وعلى وجه التحديد في مدينة فرانكفورت. ان الثقافة التي يعتمدها البنك المركزي الألماني لا يمكن ولن تصلح أبداً في الاتحاد الأوروبي، ان الأساتذة الذين يعملون في المركزي الألماني يدركون ذلك، ونحن نعرف أيضاً أن الهدف الأساسي بالنسبة للمركزي الألماني هو حماية الألمان من المخاطر التضخمية وذلك لأسباب تاريخية الجميع يدركها. اذا لم تكن السياسات المتبعة جيدة بالنسبة لألمانيا فمما لا شك فيه أنها ستفشل وهذا بالضبط ما يحدث الآن.
وأخشى في هذا الاطار من ارتفاع حدة التوتر بعد الانتخابات الفرنسية واليونانية خلال مايو الجاري، اذ لا يمكن معاملة ثقافة وهيكل الأعمال في بعض أنحاء الاتحاد الأوروبي بالطريقة نفسها لتلك الموجودة في ألمانيا. لقد خذل المركزي الأوروبي اسبانيا بشكل كبير، وآثار ذلك سوف تشعر بها وتلمسها دول الاتحاد الأوروبي كافة.

*نقلا عن الراي الكويتية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.