المراكز المالية في لندن تستعد للأسوأ حال مغادرة الاتحاد الأوروبي

تحت المجهر
11 يونيو 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
المراكز المالية في لندن تستعد للأسوأ حال مغادرة الاتحاد الأوروبي
575bcbd183e99

يبدو أن معظم كبار المديرين في مدينة لندن يساندون معسكر بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، وذلك في الحملة التي تسبق الاستفتاء الذي ينظم في 23 حزيران (يونيو) الحالي حول احتفاظ بريطانيا بعضوية الاتحاد الأوروبي أو تخليها عنها.
غير أنه ليست ثمة توقعات مؤكدة حول نتيجة الاستفتاء، وتدرس كثير من المؤسسات المالية تداعيات فوز معسكر الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن معظم استطلاعات الرأي العام تشير إلى تفوق المؤيدين للبقاء بفارق ضئيل.
ومع قول المحللين إن خروج بريطانيا يمكن أن يكلفها خسارة نحو 100 ألف وظيفة في الخدمات المالية وسط تباطؤ النمو الاقتصادي، وتراجع قيمة الجنيه الاسترليني، بدأت بعض الشركات في وضع خطط طوارئ استعدادا للتعايش خارج الاتحاد الأوروبي.
فمثلا شكل بنك دويتشه، مجموعة لدراسة ما إذا كان يتعين نقل أجزاء من أعماله في لندن إلى خارج بريطانيا، وكذلك عدد من موظفيه المقيمين في بريطانيا، البالغ عددهم 9000 حال الخروج من الاتحاد.
وأعلن جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جي.بي. مورجان في تصريح لصحيفة فاينانشيال تايمز، أن مصرفه سيقلص عملياته بلندن حال الخروج من الاتحاد.
وبحسب “الألمانية”، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة “ذي سيتي يو. كيه” التي تمثل الشركات المالية في لندن، وبمشاركة 101 من كبار المسؤولين التنفيذيين، أن ما نسبته 37 في المائة يرجحون أن تنقل بعض الشركات موظفيها من بريطانيا إلى مواقع أخرى في أوروبا بعد الانسحاب المحتمل.
بينما أشار استطلاع آخر إلى أن ما نسبته 31 في المائة من المستثمرين يعتزمون تجميد أو تقليص استثماراتهم في لندن إلى أن تظهر نتيجة الاستفتاء.
وأوضح سيمون هيكس الخبير السياسي في كلية لندن للاقتصاد، أن المصارف تشعر بالقلق أساسا بسبب مسألتين، الأولى تتعلق بقدرة بريطانيا على الاحتفاظ بعد الخروج بإمكانية الدخول إلى نظام الخدمات المالية “الموحدة” للاتحاد الأوروبي، الذي يطلق عليه “جواز السفر المالي”، والثانية تتعلق بإمكانية أن تواصل لندن تقديم خدماتها في المنتجات المالية التي يهيمن عليها اليورو.
ويسمح نظام الخدمات المالية الموحدة للشركات المسجلة في منطقة اقتصادية أوروبية بأن تسوق خدماتها في أي منطقة أوروبية أخرى من خلال فروع محلية أو في أعمال عبر الحدود في إطار سوق موحدة.
وأشار هيكس إلى أن احتفاظ بريطانيا بوضعها داخل هذا النظام المالي الموحد سيكون ممكنا إذا بقيت بريطانيا داخل المنطقة الاقتصادية الأوروبية، ولكنه لن يكون محتملا في حال ترك بريطانيا السوق الموحدة، واضطرت إلى التفاوض حول توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي.
وأضاف هيكس أن أي اتفاقية وقعها الاتحاد الأوروبي حتى الآن لن تغطي الخدمات المالية بشكل كبير، ولا أرى اهتماما كبيرا من جانب فرانكفورت أو باريس بالسماح لمدينة لندن بالدخول إلى السوق الموحدة في حال ترك بريطانيا التكتل.
وأعرب هيكس عن اعتقاده بأنه ليس من المرجح أن يتم السماح لمدينة لندن بعد ترك الاتحاد مواصلة الاتجار في المنتجات المالية التي يهيمن عليها اليورو، حيث إن هذا النشاط التجاري سينتقل إلى دول أخرى بالاتحاد.
وأوضح مصرفا الاستثمار “جولدمان ساش”، و”جي.بي مورجان” أمام لجنة برلمانية، أن نظام جواز السفر المالي كان أمرا مهما في اختيارهما مدينة لندن كقاعدة لأنشطتهما المالية في أوروبا.
بينما كتب كريس مارتن الخبير الاقتصادي بجامعة باث البريطانية في تحليل اقتصادي، إن وجود مثل هذه المصارف الكبرى بمدينة لندن يشجع المصارف التي توجد مقارها في منطقة اليورو على أن تشغل جزءا كبيرا من عملياتها في بريطانيا.
ويحذر مارتن من أن الوضع المهيمن لبريطانيا في العمليات المصرفية بالجملة “صار مهددا بالفعل”، في الوقت الذي تناضل فيه بريطانيا لحماية وضعها كسوق كبرى للأصول المالية التي يهيمن عليها اليورو مع استمرارها خارج منطقة اليورو، غير أن خروجها من الاتحاد يجعل مستقبل الأنشطة التجارية التي يهيمن عليها اليورو بلندن “أكثر قتامة”.
ومن ناحية أخرى بينما يمكن أن يؤدي الخروج البريطاني إلى إلحاق بالغ الضرر بالمراكز الإقليمية للخدمات المالية البريطانية، فإن لندن ستتلقى ضربة أقوى خاصة فيما يتعلق بنظامها المصرفي، وفقا لتقرير حكومي أيده ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، وجورج أوزبورن وزير الخزانة، هذا الأسبوع.
ويقول تحليل وزارة الخزانة إن أكثر من 5000 شركة بريطانية تعمل في مجال المصارف والاستثمار والتأمين لديها “جوازات سفر” مالية، وأشار تقرير صدر الشهر الماضي، إلى أن بريطانيا يمكن أن تخسر 100 ألف وظيفة في قطاع الخدمات المالية، وإيرادات سنوية تصل إلى 12 مليار جنيه استرليني بحلول 2020 بعد خروجها من الاتحاد، على الرغم من أن التقرير أشار إلى أن قطاع الصناعة البريطاني سيتعافى جزئيا بحلول 2030.
وذكر أنطوني براون رئيس رابطة المصارف البريطانية أن السوق الموحدة لها أهمية جوهرية لقطاع المصارف البريطاني الذي يعمل فيه أكثر من نصف مليون موظف، ويسهم بأكثر من 31 مليار جنيه استرليني كضرائب سنويا، كما أنه يعد أكبر قطاع تصديري في بريطانيا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.