12 عاماً لتدرك أوروبا أنها ليست أميركا

admin
2012-06-19T15:12:34+02:00
مقالات
admin19 يونيو 2012آخر تحديث : منذ 12 سنة
12 عاماً لتدرك أوروبا أنها ليست أميركا

43567 7926  - مجلة مال واعماللم يفشل اليورو فحسب، بل انه قد يحطم كل اشكال الاتحاد الاوروبي.
ها هي أوروبا تعيش اليوم تداعيات قرار توحيد العملة وتجاهلها للاختلافات البنوية بين مختلف دول الاتحاد الاوروبي. أراد الاوروبيون أن يتمثلوا بالولايات المتحدة، فها هم قد يتحولون إلى ولايات مشتتة.

لا تتوقف تداعيات قرار تبني اليورو عند حدود ازمة الديون السيادية في اليونان واسبانيا وإيطاليا، بل تتعداها بكثير، فهشاشة البنوك الاوروبية الكبرى ومعدلات البطالة المرتفعة والاختلالات التجارية العميقة بين الدول الاوروبية، جميعها نتائج حتمية لتوحيد العملة على النحو الذي قامت به اوروبا، وتكفي مقارنة فائض الحساب الجاري لالمانيا (200 مليار دولار) وعجز الدول الاخرى كافة في منطقة اليورو (300 مليار دولار) لتقدير حجم الهوة بين الدول الاعضاء.

لقد دافع الاوروبيون بشراسة عن قرار توحيد العملة، ولم يظهروا علنا ان قرارهم هذا انما تحركه المصالح السياسية أكثر منها الاقتصادية. ظن الاوروبيون ان نجاح الولايات المتحدة بتوحيد عملتها سيكون كافيا لنجاح اليورو، متجاهلين اوجه الاختلاف بين أوروبا والولايات المتحدة.

في رأيي، تتلخص هذه الاختلافات بثلاث نقاط رئيسية، هي:
– أولا، سوق العمل: لا يمكن مقارنة سوق العمل في الولايات المتحدة بنظيره في أوروبا، فالولايات المتحدة تملك سوق عمل مشتركا يتيح لليد العاملة التنقل والعمل في مختلف الولايات. اما في اوروبا، فتباين اسواق العمل بين مختلف الدول نتيجة العوائق اللغوية والثقافية واختلاف الانظمة الاجتماعية ومقدار الدعم الحكومي بين دولة وأخرى.

– ثانيا، السياسة المالية المركزية: فيما تلك الولايات المتحدة حكومة فيدرالية مسؤولة عن السياسة المالية العامة للبلاد. تعاني اوروبا من تباين عميق بين السياسات المالية لمختلف الدول، ففي الولايات المتحدة، تذهب معظم ضرائب الاميركيين من افراد وشركات إلى الحكومة الفيدرالية، اما في اوروبا، فالايرادات الضريبية هي حق سيادي لكل دولة، وهو ما يفسر الجدل القائم (وأحيانا الغضب الشعبي) حول ان يتحمل الألمان مثلا نفقات التقديمات الاجتماعية لليونانيين.

– ثالثا، ضوابط على الميزانية العامة: صحيح ان دول الاتحاد الاوروبي تشبه الولايات الاميركية من حيث عدم استقلالية سياستها النقدية، لكن فيما يضع القانون الفيديرالي ضوابط على ميزانيات الولايات الأميركية، وحدد لها اهداف الاستدانة بالانفاق على المشاريع الحيوية والمرافق العامة، كانت الدول الاوروبية تستدين لتمويل عجزها العام متجاهلة واقع انها غير مستقلة نقديا.

نظر الاوروبيون إلى الوحدة السياسية ولم يلتفتوا إلى هذه الاختلافات الثلاثة بين الواقعين الاميركي والاوروبي، كانت الوحدة النقدية وسيلة لبلوغ الوحدة السياسية، ما لم ينتبه اليه الاوروبيون هو ان الوحدة السياسية- ولو بلغت اوجها- لن تكون كافية لردم الهوة بين مختلف اسواق العمل الاوروبية، ولتوفير مرونة نقدية، بل انها ما نكسرت امام مسألة اعادة توزيع الايرادات الضريبية بين مختلف الشعوب الأوروبية.
في رأيي، لن تدوم الوحدة الاوروبية الا اذا تسلمت المانيا زمام القيادة، اي ادارة ميزانيات الدول الاخرى وتحديد انظمتها الضريبية والاجتماعية، وهذا الخيار، من دون شك، كفيل بأن يفكك الاتحاد الاوروبي.

لم يستمع القادة الاوروبيون إلى منطق التاريخ والاقتصاد، نظروا إلى الاميركيين وارادوا خوض التجربة، لكنهم تناسوا ان الاقتصاد ليس حقل تجارب اطلاقا، استغرقت اوروبا 12 عاما لادراك انها ليست الولايات المتحدة.

كلمات دليلية
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.