مجلة مال واعمال

10 سنوات على “آيفون”: الهاتف الساحر الذي غيّر العالم

-

4

كُتبت للتكنولوجيا حياة جديدة، عندما قرر الرئيس التنفيذي لشركة “آبل” ستيف جوبز، والذي رحل قبل 6 سنوات، إطلاق هاتف “آيفون” الذي غدا علامة فارقة في عالم أجهزة الهواتف. فقد كان أول من جمع بين خصائص الحاسوب والهاتف، وأول من اخترع الشاشة التي تعمل عن طريق اللمس ودفع لوحات المفاتيح إلى الانقراض.
لم يخرج علينا جوبز عام 2007 ليطلق اختراعه للعالم فقط، بل ليغير تاريخ الهواتف، عبر إحداث ثورة في هذا المجال، وليقول للشركات العالمية حينها: “اقفلوا أبوابكم وارحلوا”، وهذا ما حصل. فقد شهدت الشركات المنافسة كـ “نوكيا” التي دخلت هواتفها إلى كل منزل في العالم، انهياراً وصل إلى حد الإفلاس، بعد تعنتها وإصرارها على أنها قادرة على المنافسة من دون تغيير جذري في هيكلية هواتفها، فاضطرت عام 2014 إلى بيع قطاع إنتاج الهواتف المحمولة لديها إلى الشركة الأميركية العملاقة مايكروسوفت، بصفقة قُدرت بنحو 7.2 مليارات دولار.
في 29 حزيران/يونيو 2017 احتفلت شركة “آبل” بمرور 10 سنوات على إطلاقها سلسلة “آيفون”، والتي فتحت آلاف المجالات أمام فرص جديدة للاستثمارات، عندما أطلقت متجر التطبيقات الأول على الإطلاق في العالم سنة 2008، تزامناً مع إطلاق خدمة الجيل الثالث من الإنترنت. ومر الهاتف بمحطات عدة تراوحت بين قمة المبيعات والابتكار والتكرار، إلى جانب التعثر والخسائر بالمليارات.
عاماً بعد عام، أمسى الجهاز أسرع، وبمميزات أدهشت مستخدميه، وحقق متجره نجاحاً كبيراً، وعاد الفضل الأكبر في شهرته إلى ألعاب الفيديو. إذ غدا عشاق الآيفون كل سنة ينصبون الخيم أمام الشركة قبل أيام من إطلاق النسخة الجديدة منه، ليكونوا أول من يحظى به. إذ تمكنت الشركة من بيع أكثر من مليار هاتف حول العالم بغضون 10 أعوام.
عام 2011 فاجأت آبل عشاقها باختراع ثوري جديد وهو “سيري” المساعد الصوتي الذي يُنفّذ ما يطلبه المستخدم، والذي كان حتى حدود هذه الفترة مجرد خيال علمي. إلا أنه عام 2012 وجدت الشركة الأميركية نفسها في مواجهة شرسة مع شركات أخرى كـ “سامسونغ” و”إتش تي سي” و”هواوي” التي بدأت بإنتاج أجهزة ذكية عالية التقنية، وبمميزات كانت تفتقدها هواتف “آيفون”، كحجم الشاشة، والتطبيقات المفتوحة المصدر، ما اضطرت، لأول مرة، إلى التخلي عن حجم الشاشة الذي لطالما عرف آيفون به، وانتقلت إلى شاشة أكبر.
المواجهة الشرسة التي وصلت إلى حدها عام 2013 لم تنته، إذ جاء الرد قوياً من شركة “آبل” بعد أن أدخلت الى الآيفون ميزة جديدة وفريدة وهي بصمة الإصبع، فبات بإمكان المستخدم فتح قفل الهاتف بسهولة، الأمر الذي كان يعاني منه المستخدمون من ناحية اختراق كلمة السر والخصوصية. كما أطلقت نسخة أسمتها “آيفون 5 سي”، واشتهر حينها الجهاز بثمنه المنخفض نسبياً. لتعود وترفع مقاييسها المتعلقة بالتصميم، عام 2014 بنسخة معدنية وزجاجية بالكامل مع حجم شاشة أكبر، وحقق مبيعات استثنائية في تلك المرحلة.
وعلى غرار السنوات المنصرمة، قفزت آبل الى الأمام، بعدما قضت على سماعات الأذن عام 2016 في سبيل منع تسريب الماء إلى داخل الجهاز، كما حسنت الشركة قليلاً إدارة البطارية. ورافق قفزة آبل سيلٌ من الانتقادات والمستمرة حتى الآن. خاصة أن سماعات الأذن اللاسلكية تعد باهظة الثمن بالنسبة الى المستخدمين.
هذا واستغل الكثير من رواد الأعمال والمستثمرين الطفرة التكنولوجية التي أحدثها هاتف آيفون، وبدأوا بابتكار تطبيقات تجني لهم الأموال، كشركة “أوبر” العالمية، التي تهيمن على حصة كبيرة من خدمات نقل الركاب عبر العالم عن طريق الحجز عبر الهاتف، إذ تشمل عمليات “أوبر” حوالى 449 مدينة في 66 دولة. كما اقتحمت التطبيقات التي تختص ببيع السلع والخدمات ضمن صفقات ترضي الطرفين جميع الهواتف في العالم.
وأصبحت الصحف والمواقع الالكترونية العالمية أغلبيتها مدفوعة، إذ يعتمد أغلبية قرائها الدفع عبر تطبيق Apple Pay وذلك لسهولة استخدامه، كما ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على انتشار التطبيقات بشكل أكثر بعد التعاون الذي حصل بين شركة “آبل” وأصحاب الشركات الكبرى، كـ فيسبوك، تويتر، واتساب، سناب شات، انستاغرام.
إذاً 10 أعوام على اقتحام هواتف “آيفون” العالم، و10 أعوام على تغيير مفهوم التكنولوجيا التي قلبت الحياة التقليدية الى عصرية، فتقبلها الملايين وانخرطوا بها، ويواجهها العدد نفسه. لكن الشركات العالمية مستمرة بتقديم الخدمات التي لم ولن يتخيلها أحد.. لكن السؤال: ماذا سنكتب عام 2027 عنها.. وهل نحن من سيكتب أم الجهاز نفسه؟