هل صناعة الأسمنت مقيدة؟

admin
مقالات
admin31 مارس 2012آخر تحديث : منذ 12 سنة
هل صناعة الأسمنت مقيدة؟

حسين ابو  - مجلة مال واعمالالأسمنت مادة أساسية اضطرت الدولة إلى تسعيرها لأهميتها، ونشرت ”الاقتصادية” (12/03/2012م) مقابلة مع الدكتور زامل المقرن رئيس اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت الوطنية في مجلس الغرف السعودية، ولن أعلق على كل ما ذكره الأخ المقرن، وبما أنني عضو في اللجنة الوطنية الصناعية منذ سنوات عديدة فكان زميلي وهو رجل يلفت الانتباه بتوازنه ورجاحة أفكاره ووطنيته، وكلنا ندافع عن الصناعة الوطنية أيا كان نوع الصناعة، لكن بالجودة والأسعار المعقولة للمستهلك.

وصناعة الأسمنت لم تحصل على أي دعم لم تحصل عليه أي صناعة أخرى في المملكة وبصفة عامة لم تحصل الصناعة على الدعم الحكومي الذي قُدم للزراعة مثلا، لكن الدولة لم تقصر في دعم جميع الصناعات دون تمييز بالإعفاءات من رسوم الجمارك على الآلات والمعدات والمواد الخام وشبه المصنعة، وقدمت القروض الميسرة والقائمة طويلة، واليوم تطالب المصانع بتشغيل الأيدي الوطنية على جميع المستويات، وهذا واجب علينا نحن الصناعيين قبل أن تطالبنا به الدولة. وقد أحسن عبد الله زينل في وقف تصدير الأسمنت، مع أن هذا القرار لم يسر صناعة الأسمنت. وتأييد الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة ذلك القرار، قرار صائب، إلى أن تنجلي الأزمة. وصناعة الأسمنت الوطنية مهمة للتنمية، لذلك علينا تأييدها وإزالة جميع المعوقات التي أمامها. والكتابة أو الدفاع عن أرباح صناعة الأسمنت أو تكلفة إنتاجها أو تقديم مساعدة للمستوردين حتى يبيعوا بالسعر المحدد من الوزارة كلها أمور ذكرت في المقابلة المذكورة، ولا داعي لتكرارها ولا تهم المستهلك. المهم توفير الأسمنت بالأسعار المحددة. والمفروض أن تراجع الدولة دعمها الكريم لكثير من الأنشطة والسلع، لكنها قرارات سيادية وتدخل فيها حسابات مختلفة، لكنني لا أؤيد تقديم دعم لمستوردي الأسمنت، لكن إذا استمر النقص في الأسواق فعلى الدولة أن تستورد الأسمنت لبعض مشاريعها الكبرى دون أن تؤثر في صناعة الأسمنت أو الأسواق.

والقول إن أعضاء لجنة الأسمنت يتعاونون ويتآمرون لرفع الأسعار بتخفيض الإنتاج أو خلافه، أمر مرفوض ومن يتوهم ذلك فإنه لا يعرف واقع اللجان الوطنية في مجلس الغرف أو في أي غرفة. إن الأعضاء يتنافسون في السوق ولا يمكنهم أن يتفقوا على التآمر لأن عضوا واحدا منهم قد يعرضهم للمساءلة أو العقاب الشديد من عدة جهات حكومية. إن هذه اللجان مكونة لتوحيد المتطلبات للجهات الحكومية ولتذليل المعوقات لتلك الصناعة أو النشاط وتكون بصفة جماعية وليست فردية وعن طريق قنوات نظامية. وصناعة الأسمنت قد تكون مثل بعض الأنشطة الأخرى كصناعة البتروكيماويات أو المصارف أو غيرها قد تأثرت بحماية غير معلنة من كبار المساهمين وحماية مصالحهم بتأثيرهم في المسؤول صاحب القرار، ليس دائما ولكن من وقت إلى آخر، ويظهر ذلك من تصريحات مسؤولين سابقين وتطابق مرئياتهم وأقوالهم.

لقد أحسن وزير التجارة والصناعة في معالجة الأزمة، ولا يهمنا ما ينشر في الصحف بالقبض على هذا أو ذاك يبيع بسعر أعلى من التسعيرة، المهم توافر الأسمنت بالسعر المحدد من الوزارة والإجراءات التي يسعى في تطبيقها هي في الاتجاه الصحيح وسينجح بتعاون مصانع الأسمنت في إنهاء هذه الأزمة.

ومن المخجل أن نشاهد تلك المناظر من المشترين يجتمعون حول شاحنة أسمنت بحضور ممثلي الوزارة والجهات الأمنية في دولة بلغت شأنا في التنمية الصناعية والتقدم عموما. ومن المخجل أيضا أن نرى في دولة تمون العالم بأسره بالنفط والغاز ومشتقاتهما ثم يشتكي صناع الأسمنت فيها من نقص في الوقود المخصص لهم من شركة أرامكو. هذا أمر مرفوض أم هو نوع من التحكم الحكومي غير المباشر في الصناعة وأرباحها وقدرتها على التوسع والمنافسة الحرة.

ومن المخجل أن تحدد وزارة البترول والثروة المعدنية تصاريح المصانع الجديدة بدعوى الحفاظ على المواد الخام للأجيال القادمة، عذر أكبر من ذنب ومرفوض وواضح أنه تدخل حكومي غير مباشر في الصناعة وقدرتها على التوسع والمنافسة الحرة.

ومن المخجل موقف صندوق التنمية الصناعي الذي دعم هذه الصناعة في السابق ويرفضها الآن أو يقدمها مقننة لعدم الحاجة إلى تمويل التوسعات نظرا لكفاية السيولة لدى بعض المصانع، وأخيرا ونحن في الأزمة أُعلن في الصحف أن الصندوق لن يقدم قروضا لمصانع الأسمنت الجديدة لوجود طاقة كافية لدى المصانع، وهذا تدخل حكومي غير مباشر مرفوض منا كصناعيين، وهذا يحد من التوسع والمنافسة الحرة، والحمد لله، لا أملك سهما واحدا في أي مصنع أسمنت.

أرى أن حل الأزمة يكمن في إزالة العوائق المذكورة أعلاه وبقرار من مجلس الاقتصاد الأعلى وأن يحرر هذا القطاع من كل التدخلات وجعل آليات السوق تعمل دون تقييد، وبالتالي يقوم مجلس حماية المنافسة بدوره ”المعطل” لهذه التدخلات في حماية وتشجيع المنافسة العادلة وكل الممارسات الاحتكارية المخلة بالمنافسة المشروعة، وبالتالي يجني المستهلك ثمار المنافسة في شكل خيارات أكثر وأسعار أقل ووفرة في المعروض وخدمات وتسهيلات أفضل. أما قطاع الأعمال فسيجد أمامه أسواقا تتميز بالشفافية والتنافسية وله حرية الدخول والخروج بسهولة من تلك الأسواق ويزداد الإبداع والتطوير والتفاني في خفض التكاليف والمحافظة على الموارد الاقتصادية وأخيرا ازدهار الاقتصاد الوطني .. فهل من مجيب؟

*نقلاً عن صحيفة “الاقتصادية” السعودية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.