هل تنقذ الصين أوروبا؟

admin
مقالات
admin24 يوليو 2012آخر تحديث : منذ 12 سنة
هل تنقذ الصين أوروبا؟
يااااو  - مجلة مال واعمال

تُرى هل تساعد الصين في إنقاذ اليورو أم لا؟ في آب (أغسطس) قال رئيس مجلس الدولية ون جيا باو، إن الصين مستعدة لمساعدة أوروبا في ساعة الضيق. ولكن في كانون الأول (ديسمبر)، في منتدى لانتنج الذي استضافته مدينة بكين، أعلنت نائبة وزير الخارجية فو يينج أن الصين غير قادرة على القيام بهذه المهمة، فقالت: ”إن الحجة القائلة إن الصين لا بد أن تنقذ أوروبا حجة غير صالحة، فهذه ليست الطريقة التي تُدار بها الاحتياطيات”.

لأشهر عديدة، كان قادة أوروبا وصندوق النقد الدولي يأملون أن تمد الصين يد العون لإنقاذ اليورو. ولكن ون جيا باو اقترح شروطاً معينة، بما في ذلك اعتراف الاتحاد الأوروبي بالصين باعتبارها دولة تتبنى اقتصاد السوق. ولكن زعماء أوروبا لم يوافقوا على هذا أو أي من الشروط التي اقترحها ون. ومن هنا كان إصرار فو على أن الصين غير قادرة على المساعدة.

إن وضع اقتصاد السوق يشكل مكانة رمزية إلى حد كبير، ولكنه مهم بالنسبة للصين. وحالياً ينهمك المفوضون الأوروبيون والمحامون في مناقشة حامية حول ما إذا كان من الواجب على منظمة التجارة العالمية أن تمنح الصين هذا الوضع تلقائياً في عام 2016. وأياً كانت النتيجة فإن الفوائد هامشية؛ فالفائدة الأساسية التي قد تحصل عليها الصين من وضع اقتصاد السوق تتلخص في استبعاد إمكانية اتهامها بالاحتكار أو إغراق السوق بموجب لوائح منظمة التجارة العالمية. إلا أنه مع ذلك رمز مهم بالنسبة للصين. فعديد من الصينيين يعتقدون أن حرمان الصين من وضع اقتصاد السوق يعني إنكار الإصلاحات المؤلمة غالباً، التي تم تطبيقها على مدى الأعوام الـ 30 الماضية. وفي المقام الأول من الأهمية، تريد الصين أن ترى أي علامة قبول من جانب الاقتصادات الغربية المتقدمة، التي لا تزال تنظر إلى الصين ليس فقط بوصفها دولة قمعية، بل أيضاً باعتبارها تمثل نموذجاً اقتصادياً بديلا: رأسمالية الدولة، وليس تنوع السوق الحرة.

والواقع أن كلاً من هذين التوصيفين الغربيين يتسم بالتطرف؛ ذلك أن النظام الصيني استبدادي في كثير من النواحي، ولكن الصورة ليست بالأسود والأبيض. فبعد 30 عاماً من التحول، طرأت تغيرات عميقة على الاقتصاد والمجتمع، والنظام السياسي بدرجة ما، في الصين.

لا شك أن حكومة الصين تفرض سيطرة محكمة على الاقتصاد. ولكن في الوقت نفسه، سجل القطاع الخاص انطلاقة كبرى، حتى أنه بات يمثل الآن ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الصيني والعمالة في المناطق الحضرية.

ورغم هذا التقدم، يبدو أن صبر الغرب بدأ ينفد مع الصين. فقبل عام 2004 (عندما تحول فائض الحساب الجاري المزدهر لدى الصين إلى قضية دولية)، تصور الغرب أن الصين تسير في الاتجاه الصحيح – ”أصبحت أقرب إلينا”. والآن بدأ هذا الاعتقاد يتبدل، خاصة أن الصين أصبحت أكثر عدوانية منذ بدأت الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

وفي النهاية لا بد أن ندرك أن قبول الصين بشكل كامل في المجتمع الدولي من شأنه أن يساعد على تحويلها إلى مجتمع أكثر انفتاحا. ولكن يتعين على الغرب أن يضع في الاعتبار أن الصين ليست مهتمة بالحصول على فوائد مادية فحسب، مثل القدرة على الوصول إلى الأسواق الغربية، أو الوجود بشكل أكبر في المنظمات الدولية. فالصينيون يريدون أيضاً الاحترام.

إن أوروبا لن تتحمل فشل اليورو. ولكن المقترحات الحالية، مثل صناديق الخلاص الوطنية، أو تفعيل نسخة تشمل أوروبا بالكامل من المسؤولية المشتركة، من شأنه أن يزيد من الأعباء الملقاة على عواتق دافعي الضرائب في الاتحاد الأوروبي بشكل كبير. ومن ناحية أخرى، فإن الضغط على المصرف المركزي الأوروبي لحمله على شراء سندات حكومات منطقة اليورو من شأنه أن يعرض مصداقية المصرف للخطر. والواقع أن المساعدة الخارجية تشكل الحل الأمثل لتعزيز ثقة السوق وإنقاذ الدول المدينة من الكساد أو العجز عن سداد الديون.

فضلاً عن ذلك فإن فشل اليورو لن يكون في مصلحة الصين، حيث إن هذا الفشل من شأنه أن يجعل اليورو العملة الاحتياطية الدولية المنفردة. وهذا يعني أيضاً أن السوق الأوروبية، التي تُعَد حالياً المصدر الأكبر للطلب على صادرات الصين، ستصبح أضعف كثيرا.

ولكن الصين لن تقدم مساعدات مالية كبيرة من دون الحصول على ضمانة قوية من الاتحاد الأوروبي لهذا الاستثمار. وعلى القدر نفسه من الأهمية، فإن الصين ستحجب المساعدات ما لم يكن الاتحاد الأوروبي قادراً على تلبية شروط معينة، بما في ذلك منح الصين وضع اقتصاد السوق. لقد قالت الصين كلمتها. والآن يرجع أمر إبرام الصفقة إلى أوروبا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.