في محاولة لسد ثغرة كبيرة في عالم الملابس، أنشأ عدد من قصار القامة مصنعاً لهم ولأقرانهم في الإسكندرية.
يقول سكرتير «جمعية الأقزام» وأحد العاملين في المصنع رمضان أحمد: «يعيش الأقزام في بيئة لا تناسبهم، فيبذل القزم مجهوداً كبيراً للتعايش مع الآخر، في ظل مجتمع يظن عالمه سحرياً فكاهياً غير واقعي إما لقلة الوعي أو ضعف في الثقافة». وأوضح أن فكرة المصنع ولدت عقب نجاح دورتين لتعلم الكومبيوتر وصيانة الهواتف المحمولة، مضيفاً: «أنشأنا مشروعاً لتعليم الخياطة ووجدنا من دعمنا وساعدنا (نادي روتاري) في شراء ماكينات المصنع. كما ساعدنا طلاب الجامعة الفرنسية الذين نظموا لنا دورات تقنية وأقاموا لنا ورشاً تخصصية لتعلم تشغيل الماكينات وصيانتها».
ومن بين قطع الأقمشة المربعة الكبيرة والمنسوجات الملونة، تظهر يدان صغيرتان تمسكان بمقص ضخم لا يتناسق مع رقة الأصابع النحيلة، يقص بمهارة ودقة وفق علامات إرشادية لا تتخطاها وضعت فوق قطعة من القماش الملون الوردي لتظهر حدود الكمّين والرقبة والجيوب. تتلقف القطعة المقصوصة يد أخرى صغيرة تضبط الأجزاء معاً وتقوم بعملية تسريج القماش يدوياً، ثم تصل قطعة القماش إلى شفتي الماكينة فتطبقان عليها بقوة لتتحول قطعة القماش المسرجة بخيوط رفيعة إلى بيجاما ملونة جميلة لكن بحجم الأقزام.
وتقول الأمينة العامة لـ «جمعية الأقزام» نيفين عبدالرسول: «للمرة الأولى سيجد الأقزام مقاساتهم في الأسواق ويستطيعون الحصول على كل احتياجاتهم من دون أن يتعرضوا لسخرية الآخر سواء أكان بائعاً أو زبوناً في المحل، أو أن يضطروا للقبول بملابس الأطفال التي لا تتلاءم مع أذواقهم والتي قد تجلب لهم مزيداً من السخرية». وتوضح أن منتجات المصنع القائم في الإسكندرية تستهدف الأقزام في مصر وخارجها، وأن ثمة خطة لإنشاء قسم مخصص لملابس الأطفال الأقزام. أما مسؤولة المرأة والطفل في الجمعية نسرين حامد محمد، فتقول: «يستطيع الأقزام اليوم التحرك في فضاءات صممت خصيصاً لهم». وترى أن مشروع المصنع حقق حلماً للأقزام لأنه «يوفر منتجات تناسب حاجاتنا كأقزام وتتسق مع شخصياتنا وهوياتنا التي فقدناها لفترة طويلة».
وتضيف: «من خلال المصنع نستطيع تحدي من يدعون أن الأقزام مهمشون وأنهم طاقة معطلة، فهذا المشروع أعادنا إلى الحياة العامة كالأسوياء ومن خلاله نعمل ونبدع ونحقق مكسباً مادياً جيداً». وتشير إلى أن «التحدي ليس للمرأة فحسب بل للمرأة القزمة والرجل القزم، وباب المصنع مفتوح لكل من يريد أن يعمل من الأقزام».
ويؤكد رئيس مجلس إدارة «جمعية الأقزام» في الإسكندرية وأحد مؤسسي المصنع عصام شحاتة أن «الوضع اختلف عقب الثورة، فقد اعترف بنا الدستور، كما أنشأنا جمعية لرعاية الأقزام لها عشرة فروع، وأخيراً أنشأنا نقابة هي الأولى في العالم العربي والشرق الأوسط لرعاية حقوق الأقزام. واليوم صار لنا مشروعنا ومصنعنا وسيجد القزم عملاً شريفاً بعيداً من عمل القهوجي والبنّاء وعامل الأسمنت».
المصدر : https://wp.me/p70vFa-cHW