مسؤولون وخبراء: المسـتهلك الخاسر الأكبر من انتشار السلع المقلدة

أخبار الإمارات
30 ديسمبر 2015آخر تحديث : منذ 8 سنوات
مسؤولون وخبراء: المسـتهلك الخاسر الأكبر من انتشار السلع المقلدة
2885723050

حذّر مسؤولون وخبراء في مجال حقوق الملكية الفكرية من خطورة انتشار السلع المقلدة في السوق المحلية، وتأثيراتها السلبية في الاقتصاد المحلي، مؤكدين أن المستهلك هو الخاسر الأكبر من انتشار السلع المقلدة وتزايد التعدي على العلامات التجارية وانتهاك حقوق الملكية الفكرية. وأكدوا أن دبي لديها سمعة عالمية مرموقة في مكافحة القرصنة والتصدي للتعدي على حقوق العلامات التجارية وحماية المستهلك. وأشاروا في استطلاع أجرته «الإمارات اليوم» إلى أنه لا يمكن إنكار ظاهرة ترويج السلع المقلدة في دبي، إذ يقوم المروّجون ببيعها للمستهلكين والسائحين من خلال شقق غير مرخّصة تشبه «الأوكار السرية»، لافتين إلى أن السلع المقلدة مسؤولة عن إصابة مستهلكين بأمراض خطرة، من بينها السرطان.
وتفصيلاً، قال مدير إدارة حماية الملكية الفكرية في دائرة التنمية الاقتصادية بدبي، إبراهيم بهزاد، إنه «لا يمكن إنكار وجود ظاهرة ترويج السلع المقلدة في دبي، إذ تنتشر في أسواق عدة في الإمارة لاستغلال السائحين والمستهلكين»، لافتاً إلى أن بعض المروجين يبيعون المنتجات المقلدة في شقق بعيدة نسبياً عن السوق. وأضاف أن «الدائرة تتابع تلك الظاهرة عن كثب، وساهمت دقة المتابعة والرقابة في الحد منها بنسبة كبيرة، لكن بالمقابل فإن مروّجي هذه السلع غيّروا خططهم من خلال اختيار مواقع جديدة بعيدة عن المواقع التي يعرفها مفتشو الدائرة». وأشار بهزاد إلى أن «الخطر الأكبر للسلع المقلدة ليس فقط التعدي على العلامات التجارية، وإنما عدم القدرة على حماية حقوق المستهلك، فالشقق التي تروّج هذه السلع غير مرخصة، وبالتالي لا نستطيع كسلطة اقتصادية حماية حقوق المستهلك»، لافتاً إلى أن «الدائرة تتعاون بشكل كبير مع إدارة الجرائم الاقتصادية في الإدارة العامة لشرطة دبي، إذ إن بعض الشقق تحتاج إلى أمر قضائي للتفتيش، وهو ما يتم إنجازه من خلال التعاون مع الشرطة وبعض المكاتب القانونية التي تعمل كوكلاء للعلامات التجارية».

وقال بهزاد إن «المنافذ الجمركية في الدولة تقوم بجهود كبيرة لمنع دخول البضائع المقلدة، فهم خط الدفاع الأول، لكن مع دخول كميات كبيرة من البضائع إلى الدولة يومياً، يكون من الصعب التدقيق على كل الحاويات، وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل حركة التجارة، وهنا يأتي دورنا كمفتشين ميدانيين في منع تداول البضائع محلياً».

وأشار إلى أن المستودعات الكبيرة تعد أكثر صعوبة في اكتشافها وضبطها من الشقق والمحال، لافتاً إلى أن «المستودعات التي يتم تخزين البضائع المقلدة فيها لا تحمل لافتات تجارية، ويكون غالباً من الصعب معرفة ما يوجد داخل المستودع إذا كان مغلقاً، لذا نقوم بأعمال الرقابة والرصد والتتبع». وتابع بهزاد أن «الهدف الأسمى لدائرة التنمية الاقتصادية هو حماية المستهلك من خطر اقتناء السلع المقلدة، فهي سلع رديئة، ولو كانت سلعاً جيدة لوجدت طريقها إلى المستهلك من دون الحاجة إلى التحايل عليه بالاعتداء على علامة تجارية ناجحة»، لافتاً إلى أن الدائرة تعرف خطر السلع المقلدة، وهي تكافح هذه التجارة الخطرة من أجل المستهلك.

وقال بهزاد: «هناك خطر مباشر على صحة الإنسان من استخدام المواد التجميلية والدوائية والغذائية المقلدة، كما أن هناك خطورة في استخدام قطع غيار السيارات المقلدة، فهي قد تؤدي إلى حوادث خطرة، فضلاً عن أن الحقائب والملابس والحُلي يمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية على صحة وسلامة حياة الإنسان، لذا وجب حماية المستهلك من تلك الأخطار، والعمل على توعيته». وخلال العام الجاري، أطلقت دائرة التنمية الاقتصادية بوابة «حماية الملكية الفكرية» في دبي، وهي مبادرة إلكترونية معنية بتعزيز حماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية ومكافحة الغش التجاري. وتعمل البوابة، وهي أول نظام إلكتروني لتلقي الشكاوى المرتبطة بحماية حقوق الملكية الفكرية، على التعامل مع الشكاوى بطريقة أسهل وأكثر ذكاءً، لرفع مستوى رضا المتعاملين مع الدائرة في هذا الإطار.

خلط السلع

من جانبه، قال مدير حماية العلامات التجارية في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي وشمال إفريقيا في شركة «يونيليفر» العالمية، عبدالله العبيدلي، إن «نحو 50٪ من المستهلكين لا يستطيعون التمييز بين السلع الأصلية والسلع المقلدة، كما أن بعض المحال تخلط السلع المقلدة مع الأصلية، ويشتريها المستهلك دون أن يدري، وهنا تصبح الجريمة أكثر من انتهاك لحقوق الملكية الفكرية لتمتد إلى الغش التجاري»، لافتاً إلى أن بعض المحال تروّج السلع المقلدة بإطلاق لفظ «سلع تجارية» عند عرضها على المستهلك، فيضع أمامه الخيار بين سلعة من المنتج الأصلي أو من «النوعية التجارية».

وأضاف أن «هذا السلوك هو نوع من الغش والتدليس على المستهلك الذي يظن أن الجودة واحدة في الخيارين»، لافتاً إلى أن من أهم مشكلات السلع المقلدة كونها لا تمر بمستويات التحكم في الجودة نفسها التي تمر بها السلع الأصلية، فهي تصنع في ورش أو مصانع أو منشآت مجهولة، لا تخضع لأي نوع من الرقابة عند التصنيع.

وكشف العبيدلي عن أن خطر السلع المقلدة لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي في الخسائر التي يتحملها منتجو السلع الأصلية جراء تقليد منتجاتهم، أو خسائر الدولة من عزوف الشركات الكبرى عن العمل في السوق المحلية، وإنما يمتد إلى صحة المستهلك نفسه. وأشار إلى أن الأبحاث كشفت عن أن منتجي السلع المقلدة يستخدمون مواد مسببة لأمراض قاتلة، مثل السرطان. واستطرد: «في وقت سابق تم ضبط أحد مروّجي السلع المقلدة يبيع عبوات (فازلين) تحتوي على نوع من الشحم المستخدم في السيارات».

مخاطر صحية

وقال العبيدلي إن «هناك مخاطر صحية كبيرة في المنتجات التي لا يتخيل البعض أنها تؤثر في صحته، إذ تم في وقت سابق ضبط أنواع من الأحذية التي تسببت في التهابات شديدة في أقدام المستخدمين»، مضيفاً أنه تم أيضاً ضبط حفاضات أطفال بكميات كبيرة، بعد أن تسببت في مشكلات صحية للأطفال الذين استخدموها. وأضاف أن «السلع المقلدة قد تكون مسرطنة، ومنها ما يمس جسم الإنسان، مثل مستحضرات التجميل، ومنتجات النظافة الشخصية، والكريمات، والمعجون، والأدوية، وبعض المنتجات الغذائية»، لافتاً إلى أن بعض أنواع الشامبوه تسبب أمراضاً جلدية، وتؤدي إلى تساقط الشعر، نتيجة استخدام مواد كيميائية غير مصرح بها، كما أن بعض المنتجات الأخرى تسبب السرطان. وتابع أن «نيجيريا رصدت حالات لوفاة بين الأطفال، نتيجة تناول حليب مقلد، كما تسببت قطع غيار السيارات المقلدة والمغشوشة في حوادث كبيرة، أدت إلى الوفاة».

وقال إن «الأبحاث التي أجريت في وقت سابق أثبتت وجود صلة بين الإصابة بسرطان الجلد واستخدام بعض الكريمات المغشوشة، والإصابة بسرطان اللثة، واستخدام بعض معاجين الأسنان المقلدة عن علامات تجارية عالمية»، مشيراً إلى أن المصدر الرئيس للبضائع المقلدة هو الصين، التي يحترف فيها بعض المصنعين تقليد العلامات التجارية. ونوه بأنه لم يكن مستغرباً أن يلتقي تاجراً صينياً منذ أشهر عدة، قدم نفسه في بطاقة التعريف الشخصية على أنه مقلد لكل العلامات التجارية.

وقال إن «المستهلكين يجب ألا يشتروا من المحال التي تبيع بفارق سعر كبير عن السعر الطبيعي، إذ يجب هنا أن يشك المستهلك في السلعة الرخيصة، كما يجب عليه تفضيل منافذ البيع الكبرى التي تتبع أساليب محكمة للرقابة على جودة بضائعها»، مضيفاً أن «دائرة التنمية الاقتصادية في دبي بتوجهها نحو التفتيش والرقابة على المستودعات، ساعدت في الحد من انتشار السلع المغشوشة، ففي العام الماضي تراجعت بصورة ملحوظة كميات البضائع المقلدة في الأسواق، وزادت أعداد الحملات التفتيشية وكميات البضائع المضبوطة».

إشادة دولية

من جانبه، قال المحامي الشريك في مكتب «التميمي ومشاركوه للاستشارات القانونية»، منير صبح، إن «دائرة التنمية الاقتصادية في دبي حصلت على إشادة دولية من أصحاب العلامات التجارية، بسبب الجهود التي قامت بها لمكافحة انتشار البضائع المقلدة»، مشيراً إلى أن «الدائرة تقوم بكل الإجراءات التي يكفلها القانون للمكافحة من خلال الحملات التفتيشية والتوعوية بالتعاون مع أصحاب العلامات التجارية ووكلائهم المحليين». ولفت إلى أن «الدائرة صادرت خلال عام 2015 كميات ضخمة من البضائع المقلدة»، منوهاً بأن «عمليات التقليد طالت كل السلع بلا استثناء، وليست السلع الفاخرة فقط، وهو ما يجب أن ينتبه له المستهلك».

وأشار إلى أن أهم الإجراءات التي تتخذها الدائرة لمكافحة السلع المقلدة هو تحرير المخالفات التجارية، وتصاعد الغرامات في حال تكرار المخالفة، وإجراءات المصادرة، لافتاً إلى أن هناك حاجة لتشريع يغلظ العقوبة على جريمة الغش التجاري، ويحيل التجار إلى النيابة العامة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمنتجات التي تخص الصحة العامة للمستهلكين وسلامة المجتمع. وقال صبح إن «تأثير المنتجات المغشوشة والمقلدة ملموس في كل القطاعات، فالأجهزة الكهربائية الرديئة الصنع وغير المطابقة للمواصفات ربما تؤدي إلى حدوث الحرائق، كما أن الأدوية المقلدة قد تؤدي إلى أمراض خطرة»، لافتاً إلى أن التأثيرات السلبية للسلع المقلدة مثبتة في أبحاث علمية جرى الكشف عنها من قبل.

وقال إن «وكلاء العلامات التجارية المحليين لديهم فرق (التسوق السري) تجوب الأسواق، وتحصل على عينات من المنتجات لتحليلها، والكشف عن المنتجات المقلدة، ومن ثم تقديم الشكاوى إلى دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، التي تقوم بدورها في التفتيش وضبط السلع المقلدة»، مشيراً إلى أن «(أوكار) بيع السلع المقلدة تتركز في مناطق ديرة وبر دبي وبعض المحال بالسوق الصيني، ما دفع الدائرة إلى تكثيف الحملات خلال عام 2015».
وام

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.