مع تزايد الاهتمام العالمي بإكسبو 2020 دبي، واستقطابه لاهتمام الأفراد والحكومات والشركات من مختلف أنحاء العالم، بات الحدث الأروع في العالم حديث القاصي والداني باعتباره حلماً فطموحاً فإنجازاً على أرض الواقع ستحتضنه دبي بتاريخ 20 أكتوبر من العام المقبل وهو التاريخ الذي سيحتفل فيه بدبي عاصمة للانجازات والابتكارات، ويجتمع فيه العالم من كل مكان لتكون دبي عاصمة الانجاز والازدهار ولتنطلق منها الرصاصة الاولى نحو مستقبل اكثر اشراقا.
ويعد استضافة دبي لمعرض اكسبو 2020 من أهم الأحداث الاقتصادية التي ستشهدها الايام المقبلة، وهو حدث ليس هينا كما يتصوره البعض بل حدثا مميزا سيحقق فوائد اقتصادية جمة ليس لدبي وحدها بل لمعظم دول المنطقة.
وقبل الخوض في فوائد اكسبو نود الاجابة على سؤال يتراود الى اذهان الكثيرون عن انطلاقة معرض اكسبو؟
انطلق المعرض بدورته الأولى في في لندن عام 1851 تحت عنوان “المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم” كأحد الفعاليات المتميزة التي ترمي إلى تعزيز العلاقات الدولية، والاحتفاء بالتنوع الثقافي، وتقدير الإبداعات التكنولوجية.
ويمثل المعرض حاليا ساحة تلاق عالمية لعرض الابتكارات والاهتمام بالتنمية المستدامة، وتحسين مستوى المعيشة للبشر حول العالم.
و ينظم “معرض إكسبو الدولي” كل 5 أعوام، حيث يستقطب ملايين الزوار القادمين لاستكشاف الأجنحة والفعاليات الثقافية التي ينظمها مئات المشاركين بما في ذلك الحكومات، والمنظمات الدولية، والشركات.
تاريخ اكسبو
انطلقت الدورة الأولى من معرض “إكسبو”في لندن عام 1851 تحت عنوان “المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم”كأحد الفعاليات المتميزة التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الدولية، والاحتفاء بالتنوع الثقافي، وتقدير الإبداعات التكنولوجية، وقد شهد المعرض آنذاك حضور تجاوز ستة ملايين شخص، واستخدمت إيراداته في تمويل بناء متحف “فيكتوريا وألبرت”.
فيما أقيمت الدورة العالمية الأولى لـ “معرض إكسبو الدولي”في الولايات المتحدة الأميركية عام 1876، وعرض من خلاله أول جهاز هاتف، وأول آلة كاتبة تجارية، وأعلن عن إطلاق طماطم “هاينز”.
ويعد “برج إيفل”الشهير من أبرز عناصر الإرث التاريخي للمعرض، إذ شُيِّد ليكون بمثابة مدخل إلى “إكسبو 1889”الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس.
ونظمت باريس مرة أخرى “إكسبو 1900”، وكانت هذه الدورة طفرة في عالم المعارض، إذ شهدت حضور أكثر من 50 مليون شخص، وعرض من خلالها ابتكارات عدة منها السلالم الكهربائية، ومحركات الديزل، وعجلات الملاهي العملاقة، والأفلام الناطقة. كما اشتهر المعرض أيضاً بإطلاق الدورة الثانية للألعاب الأولمبية.
واحتضنت مدينة سانت لويس الأميركية “معرض إكسبو الدولي 1904”، والذي تميز بعرض أكواز المثلجات الصالحة للأكل، والتي كانت تُقدم حتى ذلك الحين باستخدام العبوات المعدنية أو الورقية.
فيما احتفل “معرض إكسبو الدولي 1915”في سان فرانسيسكو بافتتاح قناة بنما، وأتاح للمدينة فرصة التعافي من آثار الزلزال المدمّر الذي ضربها عام 1906.
واشتهر “معرض إكسبو الدولي 1958 في بلجيكا بنصب “الأتوميوم” الضخم المصنوع من الكريستال الصلب، والذي يعتبر في وقتنا الحالي أحد أهم معالم مدينة بروكسيل.
وكان “معرض إكسبو الدولي 1970 في مدينة أوساكا اليابانية نافذة لعرض النماذج الأولى للهواتف النقالة، غير أن محور الاهتمام الأبرز في تلك الدورة تمثل في عرض صخرة قمرية كبيرة في جناح الولايات المتحدة الأميركية أحضرها رواد فضاء مركبة “أبولو 12” إلى الأرض عام 1969.
وتناول “معرض إكسبو الدولي 1986 في مدينة فانكوفر الكندية موضوع النقل والمواصلات مسلطاً الضوء على نظام القطار الكهربائي، والقطار المعلّق، وقوارب الجندول، والتاكسي المائي.
وتم استخدام أسلاك اتصال بطول يقارب 2000 كيلومتر خلال بناء موقع “معرض إكسبو الدولي”في مدينة برزبن الأسترالية عام 1988، والذي استقطب نحو 16 مليون زائر.
اهمية المعرض
بالنظر الى تاريخ اكسبو منذ انطلاقته نجد انه معرض عالمي رفيع ينظم كل خمس سنوات ليس كأي معرض عادي لقطاع محدد بل هو جامع لكل المجالات والدول والثقافات المختلفة من كل قارات العالم.
من هنا يعد معرض إكسبو مسرعا ومؤسسا لعمليات التحول الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وكانت مدينة ميلانو الإيطالية عام 2015 قد استضافت النسخة السابقة من المعرض تحت شعار “تغذية الكوكب، طاقة الحياة” لينطلق عام 2020 من دبي التي أصبحت أول مدينة عربية تستضيف هذا الحدث الهام.
ويعد معرض إكسبو الدولي أحد أكبر الفعاليات العالمية غير التجارية من حيث التأثير الاقتصادي والثقافيوتتراوح فوائده للمدن المضيفة بين الفوائد الملموسة، مثل المكاسب الاقتصادية، وصولًا إلى فوائد أخرى لا تقلّ أهمية، مثل التقدم في مجالات العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية.
دبي اول مدن المنطقة استضافة لاكسبو
قامت الدول الأعضاء في “المكتب الدولي للمعارض”، والبالغ عددها 167 دولة، بالتصويت لاختيار دبي لتنظيم اكسبو 2020.
وقد فازت الامارات العربية المتحدة وبالتحديد مدينة دبي، في التصويت على ساوياولو البرازيلية ويكاترينبرغ الروسية وازمير التركية، حيث انها حصلت على مئة وستة عشر صوت من اصوات اعضاء المكتب التي لها الحق في التصويت البالغ عدده مئة واربعة وستون في الجولة النهائية لاعادة يكاترتربيغ.
ووسينظم المعرض في الفترة بين أكتوبر 2020 وأبريل 2021، أي على مدى 6 أشهر وستبلغ مساحة إكسبو 2020 1,2 مليون متر مربع من المساحات المبنية، منها 700 ألف متر مربع ستخصص لأجنحة المعرض والمرافق والمنشآت الداعمة ضمن موقع إكسبو الذي سيتم احتضانه في مركز ضمن مطار دبي وورلد سنترال، في الجهة الجنوبية الغربية من دبي بمحاذاة مطار آل مكتوم الدولي وعلى مقربة من ميناء جبل علي.
موقع معرض اكسبو 2020
على مساحة ضخمة في مركز دبي التجاري جبل على في الطرف الجنوبي الغربي لامارة دبي.
ستقام فعاليات اكسبو 2020حيث يتميز مكان المعرض بموقعه الاستراتيجي على مسافة بين مدينة ابو ظبي ودبي وقريب من مطار ال مكتوم الدولي الجديد، وايضا ميناء جبل علي والذي يعتبر من اكبر موانئ العالم نشاط، وايضا يتكون موقع المعرض بالعديد من المزايا اللوجستية الواضحة بالنسبة للعارضين، والذين سيقومون بجذب المواد وبناء الاجنحة للزوار وذالك من حيث سهولة معرفة الموقع والوصول للمكان الصحيح.
حيث تم اختيار التصميم لموقع معرض اكسبو دبي الدولي ليضمن العديد من الفوائد الممكنة للزوار والمشاركين في ذالك الحدث، بالقرب من مطار ال مكتوم الدولي الجديد وميناء الجبل، مما سيسهم في الوصول باقرب وقت ممكن الى المعرض من شتى مدن العالم.
فوائد استضافة دبي لاكسبو
حتى اللحظة ما زال المشروع في حدود الميزانية التي قيمها بنك إتش إس بي سي بستة فاصلة اثنين مليار يورو، في الوقت المتوقع فيه أن يضيف المعرض نحو 1.5٪ إلى إجمالي الناتج المحلي السنوي الإماراتي.
وبحسب شون فورستر، نائب رئيس البرمجة في إكسبو 2020، فإن الخطة تهدف لتحقيق خمسة وعشرين مليون زيارة، لتقريب الصورة هذا يشبه إرسال إجمالي سكان دولة مثل أستراليا في زيارة لوجهة واحدة خلال فترة ستة أشهر. ويضيف أن هذا هو مستوى الطموح.
من جهة اخرى تستعد دبي لاستقبال نحو 25 مليون زيارة، ومن المتوقع أن يكون 70% من زوار هذا الحدث الضخم الذي يستمر على مدى ستة أشهر من خارج دولة الإمارات، وهي النسبة الأعلى للزوار القادمين من خارج البلد المستضيف في تاريخ إكسبو الدولي.
كما ان المائة واثنان وتسعون دولة مشاركة في هذا الحدث 80 منها اختارت بناء أجنحتها الخاصة، وتم بالفعل الانتهاء من أعمال البناء الرئيسية، وبلغ المشروع مؤخراً مرحلة مميزة مما ساهم في انشاء السوق الانشائي في الامارة وبالتالي نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارة وزيادة نمو القطاعات غير النفطية، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لدبي.
ويمكن تلخيص بعض الفوائد التي ستجنيها دبي من اكسبو في النقاط التالية:
- دبي ستشهد خلال السنوات المقبلة زيادة في عدد الشركات وحجم الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً الأوروبية، التي ستعمل انطلاقاً من دبي، دبي ستشهد زيادة في عدد الشركات وحجم الاستثمارات الأجنبية، وخاصة في قطاعات التشييد والبناء، والسياحة، وتجارة التجزئة، والفنادق، والمطاعم التي ستكون أكثر القطاعات استفادة من المعرض.
- ستجني دبي الكثير من القيمة لاستضافة المعرض، أهمها نقل صورة نجاح الاقتصاد الإماراتي إلى العالم، وتركيز دبي على روابطها العالمية، والميزة التي تتمتع بها للقيام بالأعمال التجارية.
- تعد استضافة اكسبو 2020 خطوة موفقة لتعظيم عائدات دبي من القطاعات غير النفطية، في الوقت الذي اصبحت فيه دبي نموذجاً للقدرة على التنويع الاقتصادي وتنمية الأنشطة الاقتصادية والتجارية، بعد أن تراجعت مساهمة القطاعات النفطية في ناتجها المحلي خلال السنوات الماضية.
- توفير أكثر من 280 ألف وظيفة، وزيادة عدد الفنادق الجديدة في الإمارة بمعدل الآلاف كون المعرض يستعد لاستقبال أكثر من 25 مليون زائر.
- أظهرت دراسة أعدها “مركز أكسفورد للدراسات الاقتصادية” حول المردود المادي لإكسبو دبي 2020 في وقت سابق أن العائدات المالية المتوقعة للدولة من استضافة المعرض ربما تصل إلى نحو 139 بليون درهم.
برنامج زاخر
يستعد زوار إكسبو 2020 لتجربة فريدة وبرنامج زاخر بالانشة المتعددة وتجارب لا تنسى تمتد على مدار سته اشهر.
وتتضمن الفعاليات أكثر من 15 ساعة ترفيه يومياً و60 عرضاً حياً على مدار الأيام السبعة لكل أسبوع بالإضافة إلى مرافق الضيافة التي تضم أكثر من 200 مطعم ومقهى توفر أطايب الوجبات والمشروبات من كل أنحاء العالم، وتشمل منافذ لتقديم المأكولات الشعبية والمطاعم الراقية ووجبات للعائلة وممارسات تغذية مستدامة ورحلة مذاقات في متناول الجميع واحتفالات ستقان على مساحات واسعة مخصصة للاحتفالات التي تقام في الهواء الطلق، بما في ذلك حديقة الفرسان التي تتسع لما يقارب من 2500 شخص، وحديقة اليوبيل التي تتسع لـ 15 ألف شخص، فيما تتسع ساحة الوصل لأكثر من 8000 شخص.
الخلاصة
قبل الختام نود الاشارة الى ان هذه الاستضافة بل جاءت نتيجة تخطيط وجهود كبيرة بذلتها امارة دبي والاهتمام الكبير من قيادتها الحكيمة المتمثلة بسمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي وعد بإبهار العالم في اكسبو 2020 فكانت الاستعدادات بضخامة الوعد وجعل هذه الامارة العربية الشرق اوسطية محط انظار العالم على مدار سنوات عدة.
ففي تغريدة له على حسابه الخاص على موقع تويتر قال سموه “وعدنا العالم بأننا سنبهره في 2020، ونؤكد اليوم وعدنا، ونعد أيضا بأننا سنحقق شعارنا في تواصل العقول لبناء مستقبل أفضل.”
وتتابعت تغريدات حاكم دبي بعد الإعلان عن فوز امارته باستضافة “اكسبو 2020″ وقال:”منطقتنا هي مكان لالتقاء الحضارات وامتزاج الثقافات وصناعة الإبداعات. وستسرد منطقتنا دورها الحضاري بمبادرات من هذا النوع”.
وأضاف “نريد أن نحقق تواصلاً حقيقياً نبني عبره مستقبلاً أفضل لأبناء المنطقة وشبابها حان الوقت لتستعيد فيه منطقتنا دورها التاريخي والحضاري”.
كما كان هناك اهتمام كبير من رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الذي قال في تغريده على حسابه الخاص على تويتر: “كنا على ثقة منذ اليوم الأول لتقدمنا باستضافة “إكسبو 2020″ بأن دبي جديرة بالفوز، وأن بلادنا تمتلك كل مقومات النجاح”.
وهذا الاهتمام هو الذي أدى سابقا الى بناء الاقتصاد الاماراتي بشكل صحيح ليصبح من أفضل الاقتصادات أداء في الشرق الأوسط، وسيؤدي الى استمرار هذا التفوق بحكمة وحنكة الادارة السياسية ووضع الاستراتيجيات المناسبة لاستدامة الاداء الاقتصادي الجيد وتطوير كافة مرافق وقطاعات الدولة.