ماسة الكوهينور أو كوهينور تعني “جبل النور” باللغة الفارسية، و هي ماسة تزن 105 قيراط أي 21.6 غرام و كان تعتبر أكبر ماسة في العالم في زمن معين. يعود أصل هذه الماسة إلى كولور في منطقة غنطور في ولاية أندرا براديش الهندية. و قد كان في ملكية حكام من الهندوس و المغول و الروس و الأفغان و الشيخ و أخيرا البريطانيون. و في النهاية حصلت عليها شركة الهند الشرقية و أصبح جزءا مهما من جواهر التاج البريطاني بعدما تم إهداؤها للملكة فيكتوريا خلال تتويجها إمبراطورة على الهند سنة 1877.
الهند و أساطير حول كوهينور
عرفت الهند منذ الأزمنة القديمة بإنتاجها للأحجار الثمينة. حيث كان الحكام في الهند يتنافسون فيما بينهم على امتلاك المجوهرات اللامعة و البراقة. كما كانت عظمة الملك تقاس بقيمة ما يملكه من مجوهرات، كما كانت تلك المجوهرات تقدم على شكل هدايا من القادة إلى الملوك الذين يهدونها لملوك آخرين أو لزوجاتهم. لكن في بعض الأحيان كان يتم الحصول على هذه المجوهرات بالقوة كغنائم حرب و تترك خلفها الكثير من القصص و الأساطير. و من بين الأساطير الغامضة التي تخض مصدر الألماسة، أن إله الشمس هو من قدمها هدية للأرض، في حين تقول أسطورة أخرى أنها اكتشفت في حوض نهر جودافيري سنة 3200 قبل الميلاد، أما الأسطورة الثالثة فتقول أن كوهينور هي قطعة من ألماسة أسطورية أكبر و أقدم تسمى “المغول الأكبر” و في الواقع هذه الماسة يقال أنها لا تقدر بثمن و أنها اختفت بشكل غامض سنة 1665 إلى يومنا هذا.
تاريخ ملكية كوهينور
يقال بأن أول من امتلك الماسة كوهينور هو أمير ملوى “راجا”، في حين يقول البعض أنها كانت من بين الغنائم التي وجدت بعد غزو علاء الدين مملكة ملوى. و يعتقد أن العديد من الملوك امتلكوا هذه الماسة في أوقات مختلفة، لكن تاريخها الحقيقي يبدأ من دخول الإمبراطور المغولي “بابور” إلى الهند. في سنة 1523 احتل “بابور” مدينة لاهور و كان يحكم عرش دلهي حاكم يسمى “إبراهيم لودهي” و هو حاكم جد قاس لا يعرف الرحمة، و يحاسب على أٌقل الهفوات، لذلك طلب رجالاته الكبار النجدة من “بابور” الذي استجاب لهم. و في 12 أبريل 1526 وصل جيش “بابور” المغولي و حارب جيش لودهي الذي كان يتفوق عليه في الأعداد.
في أفغانستان …
سرعان ما تم اغتيال “نادر شاه” بعد مدة قصيرة فوقعت الألماسة في يد “أحمد شاه عبدلي” و كان أمهر قادة الشاه الراحل و أصبح ملكا لأفغانستان. عندما توفي سنة 1772 اندلعت الحرب بين أبنائه على الخلافة و عند تولي ابنه “شاه شجاع ميرزا” للحكم انتقلت إليه الماسة، لكنه تعرض للهزيمة و الأسر من طرف أخيه “محمود شاه”. في تلك الأثناء كان قد أرسل زوجته البيجوم وفاء و أسرته إلى المهراجا رانجيت سينغ، و فعلا وصلت وفاء إلى لاهور ومعها الألماسة كوهينور.
عندما علمت البيجوم وفاء بخبر أسر زوجها طلبت من رانجيت سينغ أن يساعدها على إطلاق سراحه مقابل أن تعطيه الألماسة و فعلا اتجه سينغ إلى أفغانستان و أطلق سراح شاه شجاع و أعطته وفاء الكوهينور و قام بترصيع عمامته بها ثم صنع عصبة قماشية للذراع و ثبت كوهينور عليها. و بقيت الكوهينور لديه لمدة 20 عاما إلى أن أقنعه رجال الدين بإعطاء الكوهينور لمعبد جاغاناث لكنه رغم موافقته كان قد فقد قدرته على الكلام.
هدية لبريطانيا…
في سنة 1849 سلم داليب سينغ الألماسة للبريطانيين من خلال معاهدة أبرمت بينهما بعد الحرب البريطانية ضد السيخ. استلم “جون لورنس” مدير شؤون المستعمرة الألماسة و وضعها في جيبه و سرعان ما نسيها. فوجدتها الخادمة في بيته و اعادتها له ليرسلها للورد دالهاوسي الذي قام بإرسالها إلى إنجلترا مباشرة في 6 أبريل سنة 1850 بطريقة آمنة. و في 3 يوليو قام مدراء شركة الهند الشرقية بتسليم كوهينور بشكل رسمي للملكة فيكتوريا في احتفال خاص تم في قصر باكينغهام و كان باديا أن الألماسة تعرضت للقطع بين الوقت الذي رسمها تافير نييه و صورتها في إنجلترا.
لكن البريطانيون لم تعجبهم الجوهرة لأنهم كانوا معتادين على القطع الموشوري المقلوب الذي يظهر بريق الألماس وليس القطع المغولي، فقامت الملكة بتحسين مظهرها بقطعها بأسلوب جديد لتصبح ألماسة بيضوية الشكل و وضعت في الصليب المالطي الموجود في تاج الملكة إليزابيث. و توجد اليوم في التاج البريطاني الموجود في خزنة عرض في السرداب “بيت الجوهرة” في برج لندن. و نفت الحكومة الهندية أن تكون ماسة كوهينور قد سرقت حسب مزاعم البعض و أكدت ان ملكيتها الآن تعود لبريطانيا التي منحت لها كهدية في القرن 19 بعد مساعدتها الهند في حرب السيخ.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-c0m