مجلة مال واعمال

كيف توصلت “أوبك” لالتزام تاريخي بخفض الإنتاج في يناير؟

-

7

ربما لا تكون المرة الأولى التي تتفق فيها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على خفض إنتاجها، ولكنها الوحيدة التي تصل فيها نسبة التزام هذه الدول إلى مستويات بين 80 إلى 90%، وهي أعلى نسبة التزام لها تاريخيا.
وأظهرت خمسة مسوحات لتقدير إنتاج دول منظمة أوبك في شهر يناير عن التزام المنظمة بشكل كبير، حيث كان أقل نسبة التزام لأوبك هي 82%، بناء على مسح أجرته وكالة رويترز، فيما كان أعلى التزام هو بنسبة 96% أجرته وكالة أرغوس، وهي أحد ست وكالات معتمدة من قبل أوبك كمصدر ثانوي لتقدير إنتاج المنظمة شهريًا، وفقا لما نقلته “الشرق الأوسط”.
وكانت دول أوبك قد اتفقت مع كبار المنتجين المستقلين خارجها، ومن بينهم روسيا، على خفض إنتاج النفط بنحو 1.8 مليون برميل يوميا لمدة ستة أشهر ابتداء من يناير، وأن يكون التخفيض بناء على أرقام شهر أكتوبر الماضي. وهذا أول اتفاق عالمي لخفض الإنتاج منذ عام 2001. وقررت أوبك أن تكون حصتها من التخفيض 1.2 مليون برميل يوميًا.
وفي الشهر الماضي، اتفقت اللجنة الوزارية المسؤولة عن مراقبة إنتاج الدول الداخلة في الاتفاق، على الآلية التي سيتم بها مراقبة إنتاج الدول، وهي الخطوة التي تستهدف تسريع عملية توازن السوق النفطية. وتتشكل اللجنة الوزارية من الكويت والتي تترأس اللجنة وفنزويلا والجزائر وروسيا وعمان.
وتعتمد أوبك في الاتفاق على مراقبة إنتاج دولها من خلال ست مصادر ثانوية، هي وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، ووكالة أرغوس، ووكالة بلاتس، والبيت الاستشاري “اي إتش إس سيرا”، ونشرة “بي اي دبليو” النفطية الأسبوعية.
وتاريخيًا لم تتمكن دول أوبك من الالتزام بتخفيض الإنتاج بنسبة تتجاوز 76%، كما أوضح مصدر في أوبك للصحيفة.
وأظهرت وكالة بلاتس العالمية لتسعير النفط، وهي إحدى الوكالات الستة المعتمدة، في تقرير بالأمس أن أوبك خفضت إنتاجها في يناير بنحو 1.14 مليون برميل يوميًا من مستوى أكتوبر، وهو ما يعني أن نسبة الالتزام هي 91% من إجمالي 1.2 مليون برميل يوميًا.
ويقول المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الرمادي: “هذه نسبة كبيرة جدًا لم تشهدها أوبك طيلة الثلاثين عامًا الماضية، منذ أن بدأت أوبك في تطبيق تخفيض الإنتاج ونظام الحصص في عام 1983”.
ويضيف الرمادي: “هناك ظروف ساعدت أوبك هذه المرة على الالتزام بشكل كبير، وهو أن الاتفاق قصير الأجل فهو يمتد لستة أشهر فقط. هذا أمر مغر جدًا للدول، فتخفيض ستة أشهر معناه أن ترتفع أسعار النفط بنحو 15 إلى 20 دولارًا عن مستويات أكتوبر”.
وواصل النفط صعوده صوب 56 دولاراً للبرميل مؤخرًا. ويرى غالبية وزراء أوبك بما فيهم الكويت والجزائر وإيران أن النفط هذا العام سيتداول بين 55 إلى 65 دولاراً. وساهمت تخفيضات الإنتاج التي اتفقت عليها أوبك ومنتجون آخرون مستقلون في رفع الأسعار من أدنى مستوياتها في 12 عاما قرب 27 دولاراً للبرميل قبل عام.
وكان عصام المرزوق، وزير النفط الكويتي، رئيس اللجنة الوزارية، قد صرح مؤخرًا “لن نقبل أي شيء أقل من التزام 100% بالتخفيضات المتفق عليها بين أوبك والمنتجين المستقلين”.
وأوضح المرزوق للصحافيين في الكويت أواخر الشهر الماضي أن عدم وصول دول أوبك إلى نسبة 100% في يناير يعود إلى أن بعض الدول ستزيد التزامها تدريجيًا خلال الأشهر القادمة، ولكن الإيجابي في الأمر أن الكل بدأ التخفيض.
وفي الشهر الماضي أبدى وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحافيين في فيينا عن رضاه وتفاؤله، وأضاف: “كما قلت الأسواق هي السبيل لإعادة التوازن وهذا يحدث”. وتابع أن الالتزام بالاتفاق الذي ينص على بدء تخفيضات الإنتاج الشهر الحالي كان “رائعا”.
وقال الفالح: “عادة ما يرفع المنتجون من خارج أوبك إنتاجهم لتعويض أي خفض طوعي من أوبك. نرى الآن تخفيضات طوعية من الجانبين”.
وأظهرت غالبية المسوحات الخمسة أن إنتاج السعودية من النفط الخام في يناير كان عند مستوى 9.98 مليون برميل يوميًا، وهو أقل من الرقم الذي من المفترض أن تصل إليه السعودية بحسب الاتفاق والبالغ 10.047 مليون برميل يوميًا.
ومما قلل من أثر خفض الإمدادات في يناير زيادة إنتاج ليبيا ونيجيريا اللتين جرى إعفاؤهما من اتفاق أوبك، نظرا لخسائر الإنتاج الناجمة عن الصراع. وضخت إيران – التي تم السماح لها بزيادة الإنتاج بموجب اتفاق أوبك نظرا للعقوبات التي عرقلت إمداداتها في الماضي – ما لا يقل عن 20 ألف برميل إضافية يوميا في يناير بحسب المسوحات.
وأعلنت أوبك مستوى مستهدفا للإنتاج عند 32.5 مليون برميل يوميا في اجتماعها في 30 نوفمبر، وهو مستوى يستند إلى أرقام منخفضة للإنتاج من ليبيا ونيجيريا ويشمل إندونيسيا التي جرى تعليق عضويتها في المنظمة بعد ذلك.