في صباح مشمس في أحد أيام أكتوبر/تشرين الأول قبل أكثر من ثلاثة عقود، حلّقت شركة طيران غير معروفة برحلتها الافتتاحية في الأجواء. وبموارد شحيحة، استأجرت الشركة طائرتين من الخطوط الجوية الباكستانية الدولية للقيام بأول رحلة إلى مدينة كراتشي الباكستانية.
وفي يومنا الحالي، تُعتبر شركة طيران الإمارات، ومقرها في دبي، شركة عالمية عملاقة في مجال الطيران. وينتشر شعارها المميز على قمصان فرق الدوري الممتاز لكرة القدم، ويزيّن الملاعب في بطولات التنس العالمية. وبقدرة استيعاب أكثر من 60.5 مليون مسافر في نهاية العامين 2017 و2017، تحولت إلى أكبر شركة طيران دولية في العالم.
وأصبح التقدم المتواصل لطيران الإمارات يؤدي دوراً أساسياً في تسليط الضوء على الخطط الاقتصادية المتقدمة لدبي، إذ استغلت دبي موقعها الاستراتيجي، لإنعاش الاقتصاد. وبدلاً من الاعتماد على مورد النفط الذي يستنفد، سعى الشيخ الراحل راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دبي، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي إلى الاعتماد على مورد دائم، أي جغرافيا دبي.
وتقع الإمارة على طول الطرق التجارية الرئيسية بين الشرق والغرب، وتتمتع بحرية الوصول إلى بحر العرب والمحيط الهندي عبر ساحل الخليج العربي. ومن دبي، يمكن الطيران إلى ثلث دول العالم في غضون أربع ساعات، وإلى الثلثين في غضون ثماني ساعات. باختصار، تتمتع دبي بجغرافيا تجارية فائقة الأهمية.
وتتجسد العبارة الشهيرة للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم “ما هو مهم للتجار مهم لدبي” بالكثير من الإنجازات مثل تجفيف خور دبي في أوائل الستينيات للسماح للسفن التجارية بالرسو، وإنشاء الميناء البحري الضخم، أي جبل علي في العام 1979، والذي احتل في العام 2015 المرتبة التاسعة، كأكبر ميناء للحاويات في العالم مع خدمات أسبوعية إلى 140 ميناء. وقد ركز الشيخ راشد، ثم ابنه الشيخ محمد على التجارة والنقل والسياحة. وشكلت هذه العناصر الثلاثة تنويعاً استراتيجياً خلق اقتصاداً مستقلاً للنفط في الإمارة المزدهرة.
وفي العام 2014 ، تجاوز مطار دبي الدولي مطار هيثرو في لندن ليكون أكثر مطارات العالم ازدحاماً من حيث عدد المسافرين الدوليين. وتخطط دبي لإنشاء مطار آل مكتوم الدولي، الذي افتتح بالفعل لرحلات الشحن، ولدى اكتماله في العام 2025 ، سيكون المقر الجديد لشركة طيران الإمارات التي تستوعب ما يصل إلى 120 مليون مسافر. وتجدر الإشارة، إلى أن خطوط الطيران تمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي لدبي، ويمكن أن تبلغ نسبة 44 في المائة بحلول عام 2030 ، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة أكسفورد.
وفي العام الماضي، تجاوزت الصين الهند كأكبر شريك تجاري لدبي، بينما أن ثلث الرحلات الدولية من الهند تتوجه إلى الإمارات العربية المتحدة، وفقاً لسلطات الطيران الهندية. وشهدت السياحة الصينية إلى دبي نمواً مذهلاً بلغ نسبة 46 في المائة في العام 2017، بينما بلغ عدد المسافرين الهنود حوالي مليونين.
كل ما سبق يطرح السؤال التالي: هل يمكن لمصادر الاقتصاد المتنوعة والتي أثبتت نجاحها في دبي، أن تُوظف كنموذج إقليمي؟ ومع التحضر السريع، والطبقة المتوسطة المتنامية، والتقدم التكنولوجي الذي يغذي نمو الأسواق الناشئة، سيكون هناك مجال لمراكز الطيران والشحن الأخرى، لا سيما على طول الخط الساحلي في شبه الجزيرة العربية.
وتتمتع عُمان بإمكانية الوصول إلى المحيط الهندي وبحر العرب عبر ميناء صلالة الجنوبي، وتخطط لمنطقة صناعية رئيسية، يمولها جزئياً الاستثمار الصيني، على طول ساحل بحر العرب الشرقي. وتضع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 خطة للمملكة لتصبح “مركزاً يربط بين ثلاث قارات”.
وتبدو دبي متحمسة لإضافة قيمة متميزة أخرى إلى المدينة، أي تحولها إلى مركز للتكنولوجيا، وهي في طليعة تقنية البلوك تشين وتكنولوجيا النقل، مع بعثة تقودها الإمارات إلى المري
المصدر : https://wp.me/p70vFa-quj