احصل على وجبتك الآن، ولا تفكر في الدفع، إذا كنت متعطلاً عن العمل، وتبحث بالفعل عن وظيفة مناسبة، لم تجدها، أما الدفع، فيكفي «الوعد»، أو كلمة شرف، بأنك ستقوم بتسديد الفاتورة، حينما تُوفق في الحصول على عمل.
تلك هي فكرة المبادرة الذاتية، من مالك مطعم متخصص في تقديم وجبات «الكباب» والمشاوي وسواها، في واحة دبي للسليكون، هو كمال زرفي، الذي وجد نفسه منخرطاً في تلبية متطلباتها، بالتوازي مع خططه اليومية في إدارة مشروعه التجاري.
وقام زرفي بتعليق لافتة على مدخل مطعمه كُتب فيها: «إذا كنت متعطلاً عن العمل، وتبحث عن وظيفة، تفضل لتناول وجبة طعام على حسابنا.. هذه المبادرة ليست خيرية أو صدقة، يمكنك أن تعود وتدفع ثمن وجبتك حين تستطيع ذلك».
وأكد زرفي أن هذه المبادرة منحته شعوراً فريداً بالسعادة، مضيفاً: «هدف المبادرة هو التعاضد مع أفراد المجتمع، والشعور بحالهم، وحصلت لقاء ذلك على مقابل لا يمكن تثمينه بالمال.. وهو الرضا الذاتي».
وتابع: «ما أقدمه ليس إحساناً، كما بيّنت في اللوحة، إنما هو وجبات آجلة الدفع بحسب قدرة الزبون، والهدف من ذلك ألا يشعر الإنسان بأنه محتاج، أو أن ظروفه تؤثر في علاقته بالآخرين».
السداد .. حين «ميسرة»
وبسؤاله عن عدد الأشخاص الذين عادوا ليدفعوا قيمة وجباتهم بعد انفراج أحوالهم، أكد أنه بنى مبادرته على فكرة «السداد حين ميسرة»، تبين أن عشرة إلى 15 في المئة فقط من طالبي هذه الوجبة سددوا ما تمكنوا من تسديده، خلال عام، إذ لا يوجد سعر محدد لهذه الوجبات أو عدد المرات، بل يتبع ذلك لتقدير الشخص نفسه وإمكانياته.
وعن كيفية طلب الوجبة المجانية، أوضح، «لا تختلف عن وجبة أي زبون آخر، سواء في الكمية أو طريقة استقبال الشخص، إذ يتوجه النادل إلى الزبون ويسأله بلطف ما إذا كان يريد قائمة الطعام المعتمدة أو قائمة النافذة، وهي الوجبات آجلة الدفع».
ويضيف: «حين يقرر الزبون اختيار قائمة النافذة، يتوجه النادل إليه بسؤال ما إذا كان نباتياً أو يفضل اللحوم، ثم ما يفضل من خبز أو أرز، ويعرض عليه أخيراً نوع الوجبة الرئيسة، والمشروبات المتوفرة».
مؤازرة وبارقة أمل
وفيما يتعلق بسبب إقدامه على هذه المبادرة تحديداً ساق زرفي قصة شاب فقد وظيفته، وخسر ماله أثناء رحلة البحث عن العمل، ما اضطره إلى الانعزال عن المجتمع، مضيفاً: «كان هذا الشاب، ويدعى محمد، زبوناً دائماً للمطعم، يجتمع فيه وأصدقاؤه بشكل شبه يومي، وحينما غاب قادني الفضول إلى التساؤل عن سبب غيابه».
وتابع : «قررت دعوته إلى مطعمي ثانية لتناول الطعام مجاناً، وأخبرته بأن سداد قيمته أو قيمة سواه من الوجبات، سيكون بعد حصوله على عمل، وهو أمر منحه الراحة النفسية والثقة بأن هناك من يشعر بمحنته ويمنحه في الوقت ذاته بارقة أمل، ومنذ تلك الواقعة، والشباب العاطلون عن العمل، يجدون في المطعم حلاً مؤقتاً لمشكلة تدبير القوت اليومي، والمقابل كلمة شرف».
المصدر : https://wp.me/p70vFa-six