عيشي الترف الفرنسي تحت سماء دبي

27 مارس 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
عيشي الترف الفرنسي تحت سماء دبي

1458725046.118709.inarticleLarge

لا تختلف اثنتان على أن السفر إلى دبي فيه الكثير من الترف. فهذه الإمارة الحاضنة لجمال وإبداع يتجدّدان مع كل إشراقة شمس وإطلالة قمر، تدهش من يزورها ومن اختار العيش فيها، فهي المدينة الحلم للكثيرين حول العالم.
ولعلّ فندق سوفيتل أرادني أن أعيش ترف الأميرات، من خلال دعوته لي ولعدد من الصحافيين، للنزول فيه، في عناوينه الثلاثة في دبي: سوفيتل جميرا بيتش وسوفيتل بالم وسوفيتل وسط المدينة. خمسة أيام في ثلاثة عناوين يجمعها سقف دبي العالمي.

❋ اليوم الأول سوفيتل جميرا بيتش ترف فرنسي بنكهة شرقية
أحيانًا نسأل أنفسنا عما إذا كنا سنرتاح في الفندق الذي ننزل فيه، وإن كان يحسن ضيافة نزلائه. وشخصيًا نزلت في فندق سوفيتل مرّات عدة في مدن مختلفة حول العالم، وتذوّقت ضيافته. ولكن سوفيتل جميرا لديه نكهته الخاصة التي تعطّرت بسحر دبي. فهنا الاستقبال الفرنسي تنكّه بالضيافة العربية.
عند بهو الفندق استقبلتنا فلورانس مديرة التسويق والعلاقات في فندق سوفيتل جميرا بيتش. وكانت الفوطة الرطبة وكوب العصير المنعش في انتظارنا. في وسط البهو تقف شجرة أكاسيا بدت وكأنها تعانق آلاف الأضواء الدقيقة ومجموعات من الفوانيس والثريات المتدلية من السقف كنجوم تزين السماء في ليل الصحراء. وعلى الجدران، تتوزّع لوحات ضخمة للفنان الإماراتي المشهور علي درويش. صعد بنا وليد وهو كبير المضيفين في الفندق، إلى الطبقة الأولى والثلاثين لننهي معاملات الحجز.
أصر علينا وليد لشرب القهوة حين قلنا له «لا شكرًا»، فردّ «لا لازم تشربوا حاجة يا فندم»، وأمام كرم أبناء الصعيد المصري، لا يمكن أن تقول لا.
لحظة فتح باب الجناح الذي نزلت فيه، بدا أفق دبي الأزرق الذي يعانق لازوردية بحر الخليج بسخاء. فيما الجناح الذي حضن بين جدرانه تزاوج النمطين الفرنسي والشرقي بتناغم فريد، أنبأني بالراحة التي سأحوزها خلال الليلة الأولى في دبي.
زُيّن الجناح بزخارف شرقية محفورة في الأثاث المصنوع من خشب الساج، تقابلها مجموعة تصاميم جريئة بالألوان، الأرجواني والأحمر والأخضر والأزرق الفيروزي، وطبعًا حلوى «الماكارون» منتشرة في الغرفة وكأنها تقول: «لا تترددي… هيا التهميني».
عند الثانية كنا على موعد على الغداء مع فلورانس وأنطوان المدير العام للفندق، في شرفة الجناح الإمبراطوري. يبدو أن فلورانس البلغارية وأنطوان الفرنسي يعشقان دبي، فهما كانا يتكلمان بفخر على دبي الإمارة الساحرة وكأنها بلدهما الأم. إذ يكفي أن تعرفي أن هناك دائمًا مشاريع تتحقق وفي الموعد المحدد.
«تندهشين لسرعة الإنجاز هنا وتشعرين بأن الوقت يركض خلف الإمارة لا العكس»… هكذا علّق أنطوان. وفي الأثناء كانت تنهال علينا الأطباق التي تعشقها العين قبل المعدة، لقد تفنن الشيف أندرياس منش كبير الطهاة في سوفيتل، في جعلي أشتهيها وبالتالي نسيت مسألة الحمية.
هكذا في السفر غالبًا ما أعطي إجازة لحميتي، وأطلق العنان لشهيتي التي احتارت بين طبق الثمار البحرية واللحوم والأطباق النباتية. توّجت هذا الغداء الملكي الحلويات الفرنسية، إذ يستحيل مقاومة تارت الفريز وطبق الشوكولا.
رغم أن فلورانس أكدت لنا أن العشاء سيكون خفيفًا جدًا، كانت الأطباق الخفيفة في مطعم «بلانتيشين» تقول العكس، بحيث تقدّم ساخنة في قدورها الحديدية التي تعرف بـ «كاسوليتس» فتثير الشهية رغم التخمة فلا عجب أن يفوز المطعم بجائزة «أفضل مطعم العام» لمفهوم المتميز وذلك في حفل توزيع جوائز هوسبيتاليتي Hozpitality للتميُّز في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2015.
لفتتني مجموعة اللوحات المعروضة في المطعم، فقالت لنا فلورانس، إن المطعم يستقبل الكثير من المعارض الفنية لفنانين محليين ودوليين بارزين، وكذلك للمواهب الناشئة، تقام فيه على مدار العام. وهذه اللوحات تعود إلى مؤسسة خيرية تدعم الأطفال واليافعين من خلال الأعمال الفنية.

❋ اليوم الثاني: بين الممشى والحديقة العجيبة Miracle Garden عندما يتحوّل الافتراض إلى واقع
عند الصباح قرّرت استكشاف منطقة مرسى دبي التي يقع فيها فندق سوفيتل جميرا بيتش. يطلّ الفندق مباشرة على «الممشى»، منطقة التنزه الأكثر شعبيةً في دبي، فضلاً عن «الشاطئ»، وهو الواجهة البحرية الجديدة التي تضم عددًا كبيرًا من المتاجر والمطاعم والمقاهي وأماكن التسلية والترفيه في سلسلة من الأبنية المنخفضة، الوصول إلى الممشى سهلاً وآمنًا، إذ يكفي السير حوالى خمسين مترًا حتى تدخلين في لعبة سكان دبي، فهنا كل واحد يمارس هوايته، فهناك من انتهز اعتدال الحرارة للسباحة أو ممارسة هواية بحرية، أو الاستلقاء على الشاطئ، وهناك من يمارس رياضة الركض.

❋ إلى ميركل غاردن
كانت فلورانس مفعمة بالحماسة لتصحبنا إلى ميركل غاردن Miracle Garden ، وهي حديقة زهور تقع في دبي لاند. بعدما دارت بنا السيارة، وصلنا إلى منطقة طرقاتها مغروسة بالأشجار الوارفة على جنباتها ذكرتني بالطرقات الريفية في لبنان. وصلنا إلى مدخل استقبلنا بسور من الزهور.
احترنا من أي ممشى نبدأ، لقد رمتني الحديقة وسط عالم افتراضي جميل حيث كل شيء فيه ملون، بيوت الزهر، ساعات عملاقة من الزهر، فيما يقف بينها برج خليفة وبرج إيفيل الفرنسي وسيارات من الزهر. رأيت في وجوه الأطفال السعادة والغبطة وهم يسرحون بين عالم الزهور، فهنا تتحقق المقولة الفرنسية La vie en rose الحياة الوردية على أرض الواقع.

❋ سوفيتل بالم وتجربة «سبا سو»
من سوفيتل جميرا بيتش إلى سوفيتل بالم، انتقلنا. هنا اختلف المشهد، فسوفيتل بالم هو بولينزا فرنسية في قلب الخليج العربي وتحديدًا شرق منطقة النخيل.
عند بهو الاستقبال تشعر بالروح الاستوائية ونسائم البحر المنعشة المتسربة من الشاطئ الرملي الذي يستريح عليه الفندق.
كل تفصيل في هذا الفندق يوحي بالترف، جدران أروقته مغلفة بالنبات، من تصميم الفرنسي باتريك لو بلان. والممرات المفتوحة المرصوفة والممرات المائية، كأنني في فردوس استوائي مفعم بالفرح والطاقة.
الجناح الذي نزلت فيه هو أقرب إلى فيللا توافرت فيها كل سبل الترف، ترّاس رحب حيث هدير أمواج الخليج تعزف موسيقاها، فيما الديكور الداخلي طغت عليه الألوان الزاهية التي تشعر بالراحة والاسترخاء.
وسط أجواء فرنسية تناولنا عشاءنا في بورترهاوس… مطعم يعكس الأناقة الكلاسيكية وحسن الضيافة.

❋ اليوم الثالث
في صباح اليوم الثالث كنا على موعد مع جلسة تدليك Detoxifying Hammam في «سو سبا» الذي يضم كل أنواع العلاجات التي تشعرك بأنك أميرة. تجربة لا بد لك من خوضها، ففي غرفة التدليك تتخلصين من كل التعب، بدءًا من تقشير البشرة ثم حمام البخار وصولاً إلى قناع كامل للجسم، فتخرجين وأنت في قمة الاسترخاء.
يحتوي «سبا سو» على 28 غرفة علاج ومسبح بمياه البحر وسونا، ويوفر علاجات التجميل الفرنسية التي تشمل جلسات التدليك وغرفاً للاسترخاء العميق، تم تجهيز نادي So Fit الرياضي ذي التقنية العالية بمعدّات حرق الدهون الحديثة.

❋ اليومان الرابع والخامس: سوفيتل داون-تاون
عند بهو الاستقبال، رحّب بنا أشرف مدير التسويق في فندق سوفيتل داون- تاون، وبدت عليه الحماسة لإطلاعنا على برنامج اليومين المتبقيين لنا في دبي. إلى جناحي صعدت، فكان أولى المفاجآت ديكور عصري جدًا اعتُمد في تصميمه النمط المعاصر، وذلك باستعمال الألوان والأشكال المجرّدة.
فعناصر خشب الخيزران تمنح الشعور بالألفة واللطف، والقليل من اللون الأخضر الليموني يعطي نوعًا من التباين ويمنح شعورًا بالتفاؤل والفرح. أما الألوان المنتقاة بعناية في تصميم السجاد، فتضفي شعورًا بالهدوء، فيما النوافذ الزجاجية العملاقة تشكل الفاصل بيني وبين فضاء دبي. وبما أنني لا أعرف تحديد الاتجاهات، لكن كان برج خليفة ودبي مول يحطيان بالجناح كيفما جلت بنظري. فيما حوض الاستحمام مقابلَ نافذة زجاجية مغبشة واسعة ذات إطلالة ساحرة… كل هذه التفاصيل جعلتني أشعر بأنني أحلّق فوق المدينة وأن الجاذبية الأرضية قد انعدمت تمامًا.
أما المفاجأة الثانية فكانت إبداع الشيف جيريمي بتحضير حلوى شوكولا جاءت على شكل غلاف مجلة «لها» لم أجرؤ على تذوّقه، ولكنني لم أمنع نفسي من حلوى الماكارون المنتشرة في كل ركن من الجناح.

العشاء في عالم الإنكا
في مطعم إنكا جالت معدتي على تراث البيرو في الطهو وسط ديكور آرت ديكو. فرئيس الطهاة، كريستيان موت الذي نشأ في ليما عاصمة البيرو، بقي وفيًا لجذوره في البيرو، وتفنن في توزيع أطباق لذيذة على مائدتنا، تزاوج فيها ماضي البيرو بالحاضر.
فانهالت علينا النكهات والمكوّنات بلا هوادة. للحظات شعرت بأن الشيف كريستيان يتآمر على زيادة وزني، فالوجبات التي يقدّمها لا يمكن مقاومتها.

تعلّمي مراحل إعداد حلوى الماكارون والبات آ شو الفرنسية
في صباح اليوم التالي كنا على موعد مع الشيف جريمي غروفاليه لنتلقى درسًا في إعداد الحلوى، وتحديدًا البات آ شو Pate à Choux والماكارون.
ولجنا في كواليس مطبخ سوفيتل داون- تاون الذي شعرت بأنه أقرب الى مطبخ مستشفى، نظرًا إلى إجراءات النظافة فيه. فاحت روائح الفانيللا والخبز الفرنسي والكاتو من المطبخ الذي تعدّ فيه الحلوى الفرنسية، فقادتنا إليه بشكل لا إرادي. في المطبخ وزّعت علينا مآزر الطبخ التي طرّزت عليها أسماؤنا، وبدأنا تحضير البات آ شو ومن ثم الماكارون.
يحتاج العمل في الحلويات إلى عضلات، فخلط العجين ليس بالأمر السهل، وأسهل مرحلة هي كسر البيض وتذويب الزبدة. أما طريقة تصميم الماكارون فقد يبدو للذي يراقب الشيف أمرًا سهلاً، ولكن عند التطبيق قد يبرع المرء أو يخفق.
أن تضع العجينة في أنبوب ثم تبدأ بتشكيل الكعك الصغير أمر يحتاج إلى دقة لم أتوقعها. أما الخبز فيحتاج إلى رقابة حازمة. بدأنا نتنافس على من كعكاته شكلها أحلى… ومهما يكن، فإن طعمها كان ولا ألذ. يمكن نزلاء الفندق التسجيل لتلقي دروس في إعداد الحلوى على يد الشيف.

تعلّقي بين سماء دبي وأرضها في مغامرة Xline
بعد إعداد الحلوى، كنا على موعد مع وجه دبي المغامرةXline، أو ما يعرف بالـ Zipp Line. توجهت بنا السيارة إلى دبي مول، وهناك عند «إعمار بولفار» في برج The Residences tower 3 ترجلنا من السيارة إلى مكتب استقبال مغامرة Xline Dubai. بعدما وقّعنا على استمارة، صعدنا إلى الطبقة السابعة والثلاثين في المصعد الكهربائي، ثم تسلّقنا السلالم إلى أن وصلنا القمة. بدا لي وسط دبي التجاري والبرك المائية لوحة فسيفسائية صغيرة جدًا أرغب في تلمّس أحجارها.
شعرت صديقتا الرحلة بالرعب ولم تجرؤا على المغامرة، وكدت أغيّر رأيي لو لم يؤكد لنا أحدهم أنها آمنة جدًا وأن الشعور لا يمكن وصفه، وحين سألته كيف تعرف، أجابني بأنه المهندس الذي صممها، وها هو سوف يجربها، فعادت إليّ حماسة التحليق.
سبقني زميل الرحلة محمود، ثم جاء دوري، بالفعل إنه شعور لا يمكن وصفه، القفزة الأولى قد تشعرك بالرهبة ولكن مجرّد أن تسنابين على السلك فشعور رائع، فها أنا أحلّق ليس في طائرة وإنما في الهواء وإن كنت معلّقة بسلك، 25 ثانية مضت كما لمح البصر، لقد فعلتها وحلّقت على ارتفاع 90 مترًا، أدركت شعور الطائر وهو يداعب النسائم الخريفية وينظر إلى الأرض من عليائه… هو شعور لا يمكن اختصاره بكلمات، بل على من لا تخاف الأعالي أن تجربها. رغبت جدًا في إعادة المغامرة، وفي الوقت نفسه ندمت لأنني لم ألتقط صور «سيلفي» خاصة، فقد خشيت من سقوط هاتفي.
وصلت إلى أحد أسطح دبي مول، ثم دخلنا إلى المول، وتوجّهنا نحو ليفيل شو ديستركيت Level Shoe District المتخصص بالأحذية فقط.
الجولة في ليفيل تعرّفك إلى أحدث تصاميم الأحذية النسائية والرجالية، وكذلك أحذية الأطفال من الماركات العالمية، وقد افتتح أخيرًا جناح خاص بالعرائس لاختيار تصميم حذاء ليلة الزفاف وتجربته، بعيدًا عن عيون الزبائن.
بعد مغامرة التحليق عدنا إلى الفندق لتناول الغداء في مطعم واكام الذي يقدّم ما لذ وطاب من المطبخ الآسيوي. لقد اعتدت على الوجبات اللذيذة في سوفيتل دبي.
الاحتفال بدبي لم ينته عند حدود التحليق، فهناك أمسية الجميزة التي افتتحها فندق سوفيتل داون- تاون. لقد نقلت أجواء شارع الجميزة البيروتي إلى حضن دبي، التي تحضن عددًا كبيرًا من الجالية اللبنانية، فوجدت في هذه الإمارة الوطن الثاني.
في ليلة الجميزة عشنا تفاصيل نمط بيروت في السهر، أغنيات من ثمانينات القرن الماضي، وحنين تحمله الجالية اللبنانية إلى الوطن الأم، فيما يشاركهم الساهرون من مختلف الجنسيات هذا العشق لبيروت في قلب دبي، ولعل الدبكة كانت خير دليل. وإذا ما خيّرت بين سوفيتل جميرا بيتش وسوفيتل بالم وسوفيتل دبي داون-تاون أحار في الاختيار، فلكل واحد منهم ميزته الفرنسية تجمعهم روح دبي النابضة التي تحضن تحت سمائها كل عناوين الترف والمغامرات وروح المستقبل.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.