التقيتها فوجدت فيها سيدة لا تجتمع فيه صفات القيادة فقط, بل صاحبة علم غزير وإطلاع واسع ايضاً, فحديثنا معها لم يكن حديثاً مع شخصية عادية بل هي مثالاً فريداً من نوعه لقصة نجاح تجاوزت الحدود لتشكل احد اهم الرموز التي يصعب على الذاكرة نسيانها .
الحديث عن عايدة السرابي اذا طال يحلو ويعذب النفوس التي عرفتها, فما عُرف عنها إلا الإخلاص العميق لوطنها وأمتها, وان كان من الصعب الإحاطة بجميع جوانب شخصيتها, صفاتها, ومزاياها كلها؛ فإننا لا نملك الا ان نستذكر جملة من مزاياها التي جعلتها أنموذجا لقصة نجاح تدرس, وقدوة تؤثر, فقد اجمع كل من عرفها وعايشها على انها نابغة من نوابغ هذا الزمان فهي الذكية سريعة البديهة العصامية التي لا تهدها المصاعب وهول الأحداث الكريمة طيبة القلب والنفس الحكيمة والقائدة الفذة.
عرفتها الجراءة والشجاعة في امتحانات صعبة وكثيرة كانت فيها الناجحة والفائزة واهم من ذلك وذاك التوزان في شخصيتها والقدرة على حل المشكلات والتفكير المجرد والقدرة على ربط الأحداث وإيضاح الدوافع.
من هنا أقول سلمت يداكِ يا من وضعتي الأردن في قلبك وعقلك وحملتي رسالة ان ترسمي صورة مشرقة ومشرفة عن نشميات الاردن, وتضعي اللبنة فوق اللبنة لترسمي مسيرة ملئية بالنجاح والابداع في الحياة العسكرية والمدنية على حدٍ سواء.
سلمت يداكِ التي امسكت مشاعل العزيمة جاعلة نورها يصل الى قلوب الجميع مضيئا الامل ومشعلاً فتيل العمل.
سلمت يداكِ اللتان حطمتا صخور المستحيل جاعلة منها حروفاً تطرز على ثوب النجاح, بوركت اليدين اللتي نسجت حكاية نجاح أصبحت بصمة لا تمحي على دفاتر العز والرفعة والازدهار.
عايدة السرابي…
رحلة عمل مليئة بالمحطات المشرقة
و كأنها لا زالت تنشر فكرها و تذكر أيامها , و تواصل رسم حكايتها, هي تلك السيدة القوية التي قلما أنجبت مثلها السيدات على مدى قرون و يزيد, لتعود بنا في رحلة مع الزمن الى عهد الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – وتلك الرؤيــة التي حملت لعصر اليوم الهمم الحية من الأردن التي شهدت بأساً ومجداً عروبياً حمل الهاشميون نهضته الحديثة المستندة إلى الإنسان وبنائه .
التقيتها لنسمع جزءا مما تحمله من أوراق وذكريات جمعته من سلسة ذكريات الملك الانسان , لتقف في مصاف من يختزن ذكريات الاب الباني والمعلم في تلك الفترة الجوهرية والذي نسج هذا الوطن خلالها برؤية هاشمية نتطلع فيها الى مواصلة مسيرة باني نهضة الأردن مستضيئا بنور الفكر الهاشمي عبر مسيرة مباركة , نبني كما كانت أوائلنا تبني .
لقاءنا مع عايدة السرابي لم يكن لقاء عابرا او عاديا قد نختصره بسويعات ولحظات ولا اعلم حينها كم اخذني من الوقت في لقاءها ونحن نستمع منصتين الى لقاءا أعاد بنا الزمان الى سنوات خلت الى عهد ابا الأردنيون وباني نهضتنا الحسين بن طلال طيب الله ثراه.
ابكتنا الذكريات وافرحتنا وجعلتنا نفخر بما وصلته سيدة جمعت بين الجدية والحياة العسكرية وعالم التصميم والازياء.
بداية الرحلة
حكاية عايدة السرابي مطر بدأت من جهاز الأمن العام فكانت من اقدم ضباط الشرطة النسائية فيه وذلك بعد تخرجها من الجامعة حاملة درجة البكالوريوس في هندسة الحاسوب.
تقول عايدة السرابي عن هذه المرحلة اختصر نجاحي وذكرياتي الجميلة في جهاز الامن بأني تشرفت بمقابلة جلالة المغفور له باذن الله الحسين بن طلال اكثر من مرة.
وتضيف كما تشرفت بعملي خلال خدمتي العسكرية كمرافقة شخصية لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله ورعاها” ام الاماراتيين” وذلك خلال اول زيارة لها الى المملكة.
لا أعرف من اين ابدأ حديث الذكريات مع الأيام الاجمل من عمري؛ الحياة العسكرية, تنقلت خلالها بين العديد من الدوائر في مديرية الامن العام بين المديرية ومعهد الشرطة النسائية والمخدرات ومن ثم الانتقال الى الديوان الملكي العامر بأمر من جلالة الحسين رحمه الله.
ذكريات لا تمحي
تسكت عايدة السرابي برهة وكأنها تعود بشريط الذكريات الى سنوات عدة خلت وتضي
ف لا أزال اذكر مقابلتي لجلالة الملك الحسين رحمه الله؛ اذ انه وبعد فترة من خدمتي العسكرية تعرضت الى ضغوط في العمل لم تكن الأولى وايقنت في داخلي ان هذه الضغوط لن تزول الا بمقابلة جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة, وعندما علمت ان جلالته رحمه الله سيؤدي صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان في مدينة العقبة ذهبت الى هناك وكانت المرة الأولى التي اقابله فيها اذ انتظرته في الطريق الذي سيمر منه الموكب وكنت حاملة لورقة صغيرة تحمل اسمي ورتبتي العسكرية اطلب فيها مقابلته.
الملك الانسان
تقول عايدة السرابي مطر “رايته وحزنت حين ابتعد الموكب ولا اعرف كيف كان شعوري في اللحظة التي عاد بها الموكب الى المكان الذي اقف فيه بنفس اللحظة واخذ جلالته الورقة من يدي وأشار لي بيده “انتظرني”.
وبعد انتهاء الصلاة جاءت لي سيارة من سيارات الحرس الخاص تطلب مني مرافقتهم لمقابلة جلالة سيدنا رحمه الله وقالوا لي “سيدنا بدو يشوفك “.
وصلنا الى قصرجلالته في العقبة, تحدثنا ما يقارب الساعة والنصف ومن ثم امر سائقه الخاص ان يعيدني الى بيتي في عمان بحيث اتناول طعام الإفطار مع زوجي وبناتي.
وبعد فترة لا تتجاوز الثلاثة أسابيع تلقيت اتصالا من رئيس التشريفات في الديوان الملكي العامر ليبلغني بأن جلالة الاب والانسان يرغب برؤيتي والاطمئنان على احوالي فقابلته وسالني ان كان ينقصني شيء وطلب مني فيما اذا احتجت أي امر ان أقوم بالاتصال مباشرة بمرافقه الشخصي فشكرته وغادرت.
عودة الضغوط
لا اعرف كم مضى علينا من الوقت ونحن نتحدث في حديث مطول رفضت ان نقوم بنشره معتبرته امر شخصي فنزلت عند رغبتها برغم حبي وشوقي لنشره فهو يتحدث عن إنسانية الملك حسين وحبه لشعبه وحرصه على متابعة صغيرهم قبل كبيرهم والوقوف على مظلماتهم والعمل على حلها.
بعد هذا الحديث؛ اضافت عايدة السرابي بكلام يرافقه غصة من الألم للأسف الشديد لم يعجب بعض الأشخاص رفضي للظلم ومقابلتي لجلالة الملك فتم نقلي من مكان عملي الى إدارة اخرى وبدات المؤمرات تحاك ضدي وتمارس علي الضغوط لاضطر الى تقديم استقالتي وهو ما حصل بالفعل.
الظروف تخدم عايدة السرابي من جديد
وردا على سؤال مال وأعمال فيما لو انتهت حكايتها عند هذا الامر؟! اجابت عايدة السرابي مطر: بطبعي لا استسلم بسهولة فلو كان الامر كذلك لما رايتني كما انا الان وحقيقة الامر اني لا اعلم أهي الصدفة ام ترتيب القدر الذي جعلني اتشرف بمقابلة جلالة الملك الحسين مرة أخرى, هي حكاية اقرب الى الاساطير والروايات فقد خدمتني الظروف للمرة الثانية اذ علمت وبطريق الصدفة من خلال احدى الصحف اليومية ان جلالة الملك سيقوم بإفتتاح احد المؤتمرات في فندق في العاصمة عمان وكان ذلك في عام 1996.
ذهبت الى هنالك رغم يقني بصعوبة الدخول الى الفندق في ظل الحراسة المشددة وهنا مد لي القدر والحظ السعيد يده ليقول لي لن نقف بينك وبين رؤية ملك القلوب والإنسانية اذ كانت تعقد وفي المكان ذاته دورة حاسوب وان كنت ما زلتم تذكرون بداية حديثي فإن تخصصي هو هندسة الحاسوب من هنا فقد استفدت وللمرة الأولى من شهادتي الجامعية, حيث استطعت مرافقة احد الأشخاص الى الداخل بحجة رغبتي بحضور الدورة.
مقابلته جلالته
تضيف عايدة السرابي مطر بعد دخولي الى الفندق انتظرت جلالته وكأني على موعد قد رتب سابقا معه, وعندما رايته قال لي: انتي وينك, انا مبارح كنت بسأل عنك, فأجبته: ذبحوني.
تقول عايدة بغصة الم وحنين لن انسى موقف جلالته حينها ما حييت ولن انسى أوامر جلالته الى الحرس بمرافقتي مع الموكب الى القصر ذهبت الى قصر جلالته وبعد الانتظار لبرهة دخلت لمكتبه فحدثته عما حصل معي بعد مقابلتي له وكيف اضطريت الى تقديم استقالتي من الخدمة العسكرية.
التعيين في الديوان الملكي
لقد كانت مقابلة عايدة السرابي مطر هذه المرة مع جلالة الملك بمثابة نقطة تحول في مسيرتها المهنية اذا نقلها جلالته للعمل عنده في الديوان الملكي قائلا لها على حد قولها:”انتي واولادك وزوجك برقبتي”, فبقيت في الديوان الملكي الا ان توفي جلالته في عام 1999 ومن ثم احيلت الى الاستيداع.
تقول عايدة عن هذه المرحلة للأسف ورغم قربي المكاني في عملي في ذات المكان مع جلالته فانني لم استطع مقابلته رغم ابلاغي من قبل رئيس الديوان الملكي برغبته جلالته برؤيتي ولا اكثر من مرة.
موت الملك الانسان
بدمعة حبيسة العين تضيف عايدة السرابي تركت وفاة الملك حسين، الذي تربع على عرش المملكة لمدة 47 عاما، غصة كبيرة في قلوب العالم اجمع فموت ملك القلوب والإنسانية لم اسستوعبه لهذه اللحظة خاصة انه مات دون اراه, فبموته مات الملك والأب والسند وماتت معه حب الحياة والانطلاق هي لحظات عصيبة لا تنسى ولا تمحيها الأيام وكم تمنيت ان ينمحي هذا التاريخ المشؤوم من ذاكرة الأيام.
التفرغ للعمل الخاص
بعد ان انهت عايدة السرابي عملها في الديوان بدأت عملها الخاص, فكثرت اسفارها الى الخارج وعملت على توسيع المحل الذي كان عبارة عن باب واحد يبيع الملابس المستوردة الا متجر يعد من اكبر وارقى المتاجر في الشرق الأوسط تزينه التصاميم التي ترسمها مخيلة السرابي الى قفاطين وعبايات لن تجدها الا لدى مس يونيفرسال بوتيك.
تطور مس يونيفرس بوتيك
منذ عام 1989 الى الان حافظ مس يونيفرس على سماته الخاصة كأفضل متجر في المملكة وواحد من اهم المتاجر في الشرق الأوسط فقد جمع بين التطريز اليدوي والملابس الجاهزة.
وعن ذلك تقول عايدة السرابي مطر افتخر بما وصلنا اليه في متجرنا وافتخر بفلذات كبدي اللواتي يساعدنني في التصاميم بالإضافة الى قيامنا بخدمة المجتمع المحلي من خلال إيجاد فرص عمل للعديد من السيدات في بيوتهن, فانا كنت وما زال من اشد الداعمين للمراة والى تمكينها في المجتمع.
وتضيف ان ما يميزنا في مس يونيفرس اختصاصنا بتصميم القفاطين وجميع التصاميم التي تناسب المراة الشرقية وتخدم المنطقة العربية وبخبرة وخامات تضاهي الأزياء الغربية.
خاص وحصري لمال وأعمال يمنع الاقتباس او إعادة النشر الا بإذن خطي
المصدر : https://wp.me/p70vFa-tlk