أجرت هيئة الطرق والمواصلات في دبي دراسة شاملة للتأثير الاقتصادي لمشروع مترو دبي، بخطيه الأحمر والأخضر، بالتعاون مع «كلية هنلي للأعمال» في «جامعة ريدنغ» بالمملكة المتحدة، بهدف تحليل وتقدير المنافع الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للمترو، وحساب المؤشرات الاقتصادية المتعارف عليها عالمياً بهذا الشأن، شاملة نسبة المنافع إلى التكاليف (Benefit/Cost ratio)، حيث بينت الدراسة أن العائد الاقتصادي للمترو يتجاوز أربعة أضعاف كلفته بحلول 2030.
تعاون وتنسيق
أوضح المدير العام رئيس مجلس المديرين بهيئة الطرق والمواصلات في دبي، مطر الطاير، أن الدراسة تضمنت تعاوناً وتنسيقاً كبيراً بين الجهات المعنية في الإمارة لجمع وتحليل المعلومات، شملت: دائرة الأراضي، وبلدية دبي، ومركز دبي للإحصاء، ودائرة التنمية الاقتصادية، ودائرة السياحة والتسويق التجاري، والمراكز التجارية الرئيسة، وعلى سبيل المثال تمت الاستفادة من المعلومات المتوافرة عن معاملات بيع وتأجير العقارات لتطوير نموذج اقتصادي تحليلي، لتقدير أثر المترو في سوق العقارات، بالاستفادة من نحو 50 ألف معاملة بيع و150 ألف معاملة تأجير، أُجريت بين عامَي 2009 و2016، ضمن دائرة نصف قطرها كيلومتر واحد من محطات المترو، وتم أيضاً تحليل محتوى 14 ألفاً و270 من المقالات والأخبار الصحافية المنشورة محلياً وعالمياً، خلال الفترة من 2000 إلى 2016، لتقييم الرأي العام حول مترو دبي ودوره في تعزيز مكانة المدينة وجهةً سياحيةً عالميةً رائدة.
وقال المدير العام رئيس مجلس المديرين في الهيئة، مطر الطاير، إن الدراسة تأتي بصدد الاحتفال بمرور تسع سنوات على تاريخ تدشين مترو دبي، وإن الدراسة تعكس حرص دبي على الاستثمار في تطوير وتوسيع البنية التحتية التي تشكل العامل الأساسي في تعزيز تنافسية المدن والدول، نظراً إلى الدور الكبير للبنية التحتية بشكل عام، والبنية التحتية للطرق والنقل بشكل خاص، في دعم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، وتعزيز وتكامل مقومات الاقتصاد وزيادة الإنتاج الوطني.
وأضاف أنه إدراكاً من حكومة دبي للأهمية الكبيرة للاستثمار في تطوير البنية التحتية في دبي، فقد أعطت هذا الموضوع أولوية مستمرة حيث بلغت استثمارات الحكومة في تشييد وتطوير البنية التحتية للطرق والنقل في الإمارة قرابة 100 مليار درهم.
وأشار إلى أن التطوير أثمر عن نتائج واضحة في تعزيز تنافسية الإمارة ودولة الإمارات بصورة عامة، حيث أصبحت إمارة دبي مرجعاً عالمياً في جودة بنيتها التحتية، كما أسهم تميز شبكة الطرق فيها بفوز دولة الإمارات بالمركز الأول عالمياً في جودة الطرق لأربع مرات متتالية على مدى الأعوام 2014-2017 حسب تقارير التنافسية العالمية التي يصدرها المنتدى الاقتصادي العالمي، كما أدى تطوير شبكات الطرق وأنظمة وخدمات النقل الجماعي منذ إنشاء الهيئة في عام 2005 إلى توفير يقدر بنحو 125 مليار درهم في تكاليف الوقود والوقت.
وأكد الطاير أن «مترو دبي» يعتبر من أبرز مشروعات البنية التحتية التي أنجزتها الهيئة، إذ يشكل العمود الفقري لنظام النقل الجماعي في الإمارة، وأنه رغم الأهداف الأساسية لمشروع المترو، التي تركز على تطوير نظام النقل الجماعي في إمارة دبي، وتخفيف الازدحام، وخفض الملوثات البيئية، فقد حقق المشروع أهدافاً ومنافع اقتصادية واجتماعية وبيئية عديدة.
وأشار إلى أن الدراسة أخذت بعين الاعتبار التكاليف الرأسمالية والتشغيلية للمترو، وقارنتها بالمنافع المادية للمشروع شاملة إيرادات التعرفة والزيادة في الوظائف التشغيلية، والزيادة في قيمة العقارات المجاورة لمحطات المترو، والارتفاع في قيمة فائض المستهلك لمستخدمي المترو من المقيمين والمواطنين والسياح، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية، والتوفير في تكاليف التنقل، وتكاليف تشغيل المركبات، وانخفاض الانبعاثات الكربونية والحوادث المرورية، وتكاليف صيانة الطرق، وزيادة الوظائف في سوق العمل.
وقال إنه لتقييم أثر المترو في التطور العمراني بدبي، تمت مقارنة وتحليل الخرائط الجوية للمناطق المحيطة بالمحطات في الفترة من 2005 إلى 2017، إضافة للمعلومات المحلية، وأن الدراسة اعتمدت على مصادر مختلفة للمعلومات والبيانات، شملت مراجعة أكثر من 400 دراسة وتقرير فني عالمي.
وقدرت الدراسة قيمة المنافع الإجمالية التراكمية الناجمة عن إنشاء مترو دبي منذ عام 2009 إلى نهاية عام 2016، بنحو 66 مليار درهم، مقابل تكاليف رأسمالية وتشغيلية تراكمية بلغت 41 مليار درهم، وكذلك تم تقدير قيمة المنافع التراكمية حتى عام 2020 وحتى عام 2030 بنحو 115 و234 مليار درهم على التوالي، بينما قدرت التكاليف الرأسمالية والتشغيلية للأعوام نفسها بنحو 45 و54 مليار درهم على التوالي، أي إن معدل المنافع للتكاليف للأعوام المذكورة سيصل إلى 2.5 و4.3 على الترتيب.
ويعني هذا أن كل درهم تم إنفاقه على المترو كان له عائد على اقتصاد إمارة دبي بقيمة 1.6 درهم في عام 2016، وأن هذا العائد سيزيد ليصل إلى 2.5 و4.3 درهم في عامي 2020 و2030 على التوالي.
وتبرز تلك الأرقام الأثر الإيجابي الكبير للمترو على اقتصاد الإمارة، في الوقت الذي تتوافق هذه النتائج مع نتائج الدراسات العالمية المشابهة، على الرغم من تفاوت معدل المنافع إلى التكاليف من مدينة لأخرى تبعاً للإطار الزمني للدراسات، ونوع المنافع المشمولة في التحليل، ومعدل الخصم (Discount Rate) المستخدم في الدراسات وتكاليف المواد والعمالة.
وأشار الطاير إلى أنه، على سبيل المثال، تم تقدير معدل المنافع إلى التكاليف لمترو مدينة أثينا – الخط الرابع بنحو 1.71، علماً بأن إطار الدراسة كان 30 عاماً، وفي السويد تراوح المعدل لمترو أستوكهولم من 6.5 إلى 8.5، وامتد إطار الدراسة إلى 50 عاماً، وفي إيرلندا راوح المعدل لقطار دبلن السريع من 2.1 إلى 2.7، وكان إطار الدراسة 32 عاماً.
وهناك توافق عالمي على ضرورة الاستمرار في تطوير وصيانة البنية التحتية لتحقيق التنمية المستدامة، كما أن هناك نوعاً من التنافس في الاستثمار بهذا المجال، إذ إن جودة البنية التحتية للطرق والنقل تمثل أحد مقاييس التنافسية العالمية، والدليل على ذلك إنفاق الولايات المتحدة الأميركية على تحسين وتطوير وصيانة وإعادة تأهيل البنية التحتية، الذي يتجاوز سنوياً 100 مليار دولار، في حين تنفق كندا قرابة 30 مليار دولا سنوياً للغرض نفسه.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-ryu