يعرف صانع السوق في أسواق الأسهم والأوراق المالية بأنهم جهات مرخص لها للعمل باستمرار على تحديد سعر لسهم معين أو أكثر بهدف تحقيق طلب وعرض لضمان سيولة دائمة ومستمرة على ذلك السهم أو تلك الأسهم. وصانع السوق يحقق الربح من خلال القيام بمهمته. ويلتزم صانع السوق في كل أيام التداول بوضع أسعار معلنة لشراء وبيع ورقة مالية معينة – أو أكثر – بحيث يفصل هامش صغير بين السعرين لتحقيق أرباحه من أداء هذه المهمة. وهناك شروط عديدة لصانع السوق أهمها:
– إن صانع السوق جزء من عملية التداول.
– أن يكون موجودا على مدى طويل.
– أن تكون لديه القدرة على تأمين كمية الأسهم المطلوبة.
– أن يكون لديه نظام إشرافي وتنفيذي.
– أن تكون مؤسسات مالية قوية ومتعهدة ومستعدة للشراء والبيع.
– يجب أن تكون علاقة صناع السوق عكسية مع اتجاه السوق، وذلك لأن صناعة السوق هي خلق استقرار واضح للسوق.
وبهذا التعريف وهذه الشروط، فإنه يمكن تحديد والترخيص لصانعي السوق. ويمكنهم طلب الحصول على ترخيص بذلك وبدء العمل كصانع سوق متى توافرت البيئة التشريعية والنظامية التي ترسم أطر عملهم. ويمكن للمحافظ الكبيرة مثل محافظ معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية وكذلك صندوق الاستثمارات العامة أن تلعب دورا مهما في ذلك. كما أن بعض الصناديق الكبيرة في البنوك الاستثمارية قد تقوم بهذه المهمة، ناهيك عن أن بعض الشركات الكبيرة التي تتبعها شركات عديدة في السوق مثل ”سابك”، تقوم بإنشاء محفظة ضخمة لشراء وبيع أسهمها وأسهم الشركات التابعة لها، بما فيها أسهم الخزانة. ويمكن لشركات التأمين مجتمعة أن تقوم بإنشاء محفظة تحوط في سوق الأسهم السعودية لأداء دور لتوازن أسهمها. ويمكن لبعض المضاربين – تحت مؤسسة مالية – أن يطلبوا ترخيصا لإدارة سهم بعينه، فقد يطلب أحدهم أن يكون صانع سوق لشركة مثل ”ملاذ للتأمين” أو أية شركة أخرى أو شركات عدة إن أراد.
وستكون مهمتهم في ذلك الشراء والبيع عند الأسعار المعلنة متى وجد متداولون. وإذا لم يوجد متداولون فإن من مهامهم توفير كميات البيع والشراء المطلوبة وتوفير السيولة بشكل دائم. وسيحققون أرباحا من خلال فروقات الأسعار، والبعض قد يحصل على مكافآت أو رسوم مقابل هذه العملية في حال وجود أسهم صغيرة لا يحدث عليها تداول كما هو الحال في بعض الشركات في الأسواق العالمية التي تسمى بني شيرPenny Stock التي تكون أسعارها بالسنتات، حيث يقوم صانع السوق بشرائها من المتعاملين الراغبين في التخلص منها.
ويجب ألا يفهم أن صانع السوق يضمن شراء المتداولين عند سعر معين، بل يقوم بالتأثير في السهم في الحالات – غير الاعتيادية – ليتناسب مع السعر الذي يراه مناسبا له. وبذلك فإن كل متعامل لا يضمن أنه سيحقق أرباحا، بل إنه يضمن توافر السيولة وشراء أو بيع تلك الأسهم فقط. لذلك، فإن بريطانيا تسمح لصانعي السوق فقط في الشركات الصغيرة التي لا تتوافر فيها سيولة، أما الشركات الكبيرة ذات السيولة العالية، فإنه لا يتطلب وجود صانع سوق. ففي كارثة 2006 لسوق الأسهم السعودية لم يستطع كثيرون الخروج خصوصا في الأسهم المضاربية، ما جعلهم يخسرون كثيرا من أموالهم. فلو كان هناك صناع سوق لأمكن خروج كثيرين من السوق في حينه. إلا أنه ينبغي التأكيد أن وجود نسبة 10 في المائة حد أدنى وأعلى للانخفاض قد يكون أكبر عائق لصانع السوق، حيث إن صناعة السوق – في نظري – تتطلب عدم وجود هذه الحدود حتى يتمكن صانع السوق من البيع والشراء عند أسعار تعد معقولة وعادلة له. بل إن الارتفاعات الجنونية التي حدثت في السوق آنذاك كان يمكن الحد منها كثيرا في ذلك الوقت لو كان صانعو السوق متمرسين ومرخصا لهم في حينه.
*نقلاً عن صحيفة “الاقتصادية” السعودية.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-Rp