لم تكن سيدة الأعمال البحرينية أمينة عباس تحلم أن تصل إلى ما وصلت إليه بسهولة،
كان أمامها طريق طويل وشاق لتجد لنفسها مكانا تحت الشمس التي لفحت وجهها كثيرا وهي تجلس على الأرصفة تبيع العطور البدائية لتنفق على بيتها وأولادها وحتى زوجها العاطل عن العمل.
كان مبلغ العشرة دنانير بحرينية الذي اقترضته «أمينة عباس» من أحد الأشخاص بداية طريقها لتدخل مجال العمل الحر الذي دخلت معتركاته لإعالة خمسة أطفال وزوج لا يعمل قبل أن تتطور نشاطاتها بعد أن لمست برامج دعم المشاريع الصغيرة حماسها لتدعمها وتصبح سيدة أعمال تملك مصنعا للعطور وتدير بازارا في العاصمة البحرينية المنامة.
ثم لتنتقل إلى نادي سيدات الأعمال البحرينيات، وتصبح رئيسة لمجلس إدارة مؤسسة بحرين بازار الاجتماعية التنموية والرئيس التنفيذي لمصنع بن حمد للعطور والعضو المنتدب لمركز أفكار للاستشارات وتطوير الأعمال، وتترشح لمجالس غرفة التجارة والمجلس النيابي، وتمثل بلادها في منتديات خارجية، ويتم اختيار مشروعاتها من قبل مؤسسات تابعة للأمم المتحدة. قبل أن تتحطم آمالها على صخرة السياسة والشعارات الانتخابية.
أسرة أمينة عباس وزوجها العاطل عن العمل رغم حصوله على مؤهلات جامعية، وصلت إلى حد أنها لم تكن تجد ما تشتري به خبزا لأطفالها الخمسة، بعد أن باعت مقتنياتها، وعند هذه النقطة فكرت في عمل شيء ما لإنقاذ الموقف كما قالت لـ”الأسواق.نت” وهنا بدأت الفكرة ببيع العطور في الشارع، وكانت البداية بقرض عشرة دنانير من الوالد لشراء الإكسسوارات البسيطة اللازمة لتصنيع العطور في المنزل وبيعها في الشارع.
وكعادة أي رجل عربي أو خليجي اعترض الزوج نادر الحمد في البداية على خروج زوجته إلى الشارع لبيع العطور خوفا من نظرات الناس والمجتمع، وأمام إصرار الزوجة، وافق الزوج على أن يقف في سيارته قريبا منها يراقب الموقف، وفي اليوم الأول لخروجها عادت أمينة عباس بخمسة دنانير وهو مبلغ يمثل لها الكثير في ذلك الوقت (عام 2000).واشتركت في عدة معارض مجانية تنظمها الجمعية كان أحدها من أفشل المعارض على التجار، لكنه كان بداية التوسع بالنسبة إليها إذ بادر أحد التجار الكبار بشراء كمية كبيرة من العطور التي تصنعها وطلب منها أن تصنع المزيد من العطور إليه.
ولدّت زيادة الطلب على العطور فكرة لدى أمينة بإنشاء مصنع للعطور، لكن طريقة التغليف لم تؤهلها للمنافسة ما دفعها إلى محاولة تغييرها، إذ قالت: «طلب التاجر حاوية عطور فقررت تطوير التغليف إذ ذهبت إلى جمعية الرعاية والأمومة البحرينية لكنها رفضت تقديم مبلغ 1200 دينار، فلجأت إلى بنك التنمية الذي قدم إلي قرضا بمبلغ 16 الف دينار بحريني من دون أية ضمانات خاصة إذ كنت اول امرأة في البحرين احصل على قرض من بنك التنمية البحريني من دون أية ضمانات».
واستغلت أمينة المبلغ المقترض لإنشاء المصنع الذي كان من أوائل المشروعات التي تدخل الحاضنات الصناعية على مستوى الخليج العربي والذي افتتحه رئيس الوزراء البحريني.
ولم يكن المصنع وطرق الدفع المتأخرة من قبل تجار الجملة يلبيان طموحها فسعت إلى استئجار محل لتبيع فيه منتجاتها بشكل مباشر للزبائن، وقالت: «وجدت محلا بإيجار شهري وصل إلى 180 دينارا قبل أن استدل على مجمع كامل إيجاره 10 أضعاف إيجار المحل ما أثار حفيظة إحدى منظمات الأمم المتحدة التي تقدم القروض الصغيرة (UNIDO) لكن المنظمة رأت إصراري وجديتي فوافقت على خطتي وها أنا وبفضل دعم (UNIDO) أدير المجمع الذي يتكون من حوالي 30 محلا».
تمكنت أمينة عبر المجمع الذي تديره من توفير فرص عمل سواء للعاملين في المجمع أو للمستوردين من الأسر الفقيرة التي تستورد التحف الشعبية والأشغال اليدوية لتضع نفسها على خريطة النجاح وتكون «أول خليجية تنتقل من المشروعات الصغيرة إلى المتوسطة».
وعن طموحاتها المستقبلية تقول أمينة: «أسعى إلى انشاء المزيد من المشروعات وتطويرها وأنصح النساء بعدم اليأس وان تقتنع كل امرأة حتى لو كانت فقيرة بانه يمكن تحقيق النجاح اذا صممت على تحقيق هدف معين بالمثابرة والاجتهاد لأن المثابرة والعمل ليلا ونهارا سيوصلها إلى فضاءات النجاح».
وتحدثت أمينة عن فكرة «البحرين بازار» قائلة لاحدى الوكالات: «مع توسع عملنا شرعنا في البحث عن مشروع أكبر يضم منتجاتنا ويوفر المكان المناسب الذي يحتضن الأسر البحرينية المنتجة ويسوق منتجاتها تحت سوق واحد، ويوفر الدعم للأسر التي تمر حاليا بالمعاناة التي عشناها، فهناك الكثير من المبدعين من ذوي العزيمة، ويعانون من جهات لا توفر لهم الدعم المطلوب بصورة سليمة، فالدعم المادي ليس كافيا إذا لم يترافق مع دعم إعلامي وتشجيعي، وهنا بدأت فكرة «البحرين بازار».
بحثنا في سوق المنامة القديم ليل نهار عن موقع مناسب لهذا المشروع، فوجدنا مجمعا من طابقين في وسط السوق تابع للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وعرضنا على الإدارة فكرة المشروع الذي من شأنه لم شمل الحرفيين البحرينيين، والهيئة تجاوبت معنا بخفض سعر الإيجار وقمنا بتغيير ديكور المحل ليتناغم مع الفكرة.
وهكذا كانت ولادة «البحرين بازار» الذي استغرق العمل فيه منذ ولادته كفكرة إلى افتتاحه تسعة اشهر، وافتتح بكلفة تفوق 50 ألف دينار، وافتتحه محافظ العاصمة الشيخ حمود بن عبدالله آل خليفة في 22 من مارس/آذار الماضي بالتزامن مع سبــاق الجــائزة الكــبرى «فورمولا 1».
يضم البازار أقساما كثيرة منها: «ركن لبيع الأثواب والملابس التقليدية، ركن مشروع تصنيع ورق سعف النخيل، ركن للحرفيين الذين يعملون في فنون مختلفة، فمثلا يوجد لدينا حرفي يرسم على الفخار ويقوم بتصليح الفخار المكسور وحرفي خياط وحرفي يرسم ويكتب على أغصان الأشجار وجذوع النخيل، ركن لبيع لوحات تراثية لفناني البحرين، ركن الحنة، إضافة إلى قسم التصوير الفوري بالملابس الشعبية وركن للأبواب القديمة فضلا عن مقهى شعبي وكل ما يخص التراث البحريني».
تقولأمينة لاحدى الوكالات العربية انها تفتح المجمع من الصباح وحتى الليل في جميع أيام الأسبوع، وفي مساءات الخميس، وتقيم مزادا أسبوعيا على المقتنيات التراثية.
وشكت أمينة من قلة التغطيات الإعلامية، إذ ترى أن التغطية الإعلامية الخارجية كانت أكثر من تغطية الإعلام البحريني عدا القليل من البحرينيين الذين كتبوا عنا مثل المكتب الاستشاري لرعاية الأعمال وبعض الصحف.
وختمت أمينة حديثها بالقول: «نحن شققنا طريقنا بين الجمر، وتراودنا بارقة أمل بالتشرف بمقابلة جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وصاحبة السمو قرينة الملك الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة التي ترعى سموها المرأة البحرينية، وأنا بصفتي أول رائدة أعمال بحرينية أنتظر بأحر من الشوق لقاء سموها، لأننا بحاجة إلى دعم القيادة الحكيمة، فنحن نمثل واجهة السوق القديمة المعروفة بعراقتها وتراثها الأصيل.
كما أننا نتطلع إلى مساندة مختلف وزارات الدولة وفي مقدمتها وزارة العمل والشئون الاجتماعية التي ننتظر منها دعم هذا المشروع الذي يوظف المواطنين العاطلين، ووزارة الإعلام لتقوم بمساندتنا من ناحية التغطية الإعلامية المستمرة وتعريف السياح الأجانب بنا، فهولاء السياح يظنون للوهلة الأولى أن المشروع تابع لجهة رسمية ويتفاجأون عندما يكتشفون أنه مشروع تديره أسرة بحرينية».
اختارت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «مصنع بن حمد للعطور» مشروعا للعام 2003. والمشروع يحتضنه «مركز البحرين لتنمية الصناعات الناشئة» في الحد برعاية كل من منظمة اليونيدو ووزارة الصناعة وبنك البحرين للتنمية.
وتدير أمينة عباس المشروع مع زوجها نادر الحمد، ويستخدمان منتجات بحرينية لصناعة وتغليف العطور والهدايا.
– من مواليد ،1967 متزوجة ولديها ثلاث بنات وولدان.
– تخرجت من الثانوية التجارية، وأكملت دورة في معهد البحرين في فن بيع الذهب.
– أنهت دورة تنمية رواد الأعمال من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، والدورة نفسها من معهد البحرين.
– كما أكملت دورة في الخياطة وتصفيف الشعر، وعدة دورات في مجال تنمية المشروعات الصغيرة.
– بدأت مشروعها في الحاضنة «مركز البحرين لتنمية الصناعات الناشئة» قبل تسعة شهور بعد عملية اختيار وتدريب وتأهيل وتمويل من قبل الجهات الراعية