مجلة مال واعمال

«سناب شات» تتحول إلى شركة عامة بتقييم يصل إلى 25 مليار دولار

-

17

الكتاب المفضل لإيفان سبيجل هو “خفة الوجود التي لا تحتمل” للروائي ميلان كونديرا. المؤسس المشارك لـ “سناب شات” يجدر به في الواقع أن يُفضّل رواية “كتاب الضحك والنسيان” لكونديرا.

الضحك والنسيان هما عنصرا الجاذبية الأساسيان في تطبيق الرسائل والصور، وهما صفتان قد تدفعان شركة سناب، مالكة التطبيق، لأن تُصبح شركة عامة في العام المُقبل بتقييم يراوح بين 20 مليار دولار و25 مليار دولار. مزيج التطبيق من المشاعر الإيجابية وسرعة الزوال – معظم الصور والدردشات تختفي بعد مشاهدتها – قوي.

موسم الهالوين هو فترة الذروة لسناب شات، وليس لمجرد أن شعاره هو شبح. إنه المُعادل الرقمي للعائلات التي ترتدي الأزياء وتُسلّي بعضها بعضا. على عكس شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر واقعية المليئة بالمعلومات، مثل تويتر وحتى فيسبوك، هو يعتبر تسلية خفيفة.

موطن الإثارة في شبكات التواصل الاجتماعي يكمن في التسلية وإشراك الأصدقاء المقرّبين، بعد فترة كانت الأولوية فيها لجمع أكبر قدر ممكن من المستخدمين والمتابعين – مهما كانوا بعيدي الصلة. إنستجرام، الذي تملكه فيسبوك، أعاد أخيرا تصميم نفسه ليكون أقرب في عمله إلى سناب شات، مع شكل “قصص” تهدف إلى التقاط نفس روح جيل الألفية السعيدة.

منذ وقت ليس ببعيد، الصور التي تختفي لم تزد على كونها وسيلة للتحايل لإنقاذ المراهقين من الإحراج الدائم بسبب المحتوى الذي يسبب الحرج أحيانا. لكن كثيرا من الناس، ومنافسي سناب شات، قللوا من شأن سبيجل الذي تبيّن أنه يملك نظرة حادة لمعرفة مواطن الخلل في شبكات التواصل الاجتماعي ـ ولديه في الوقت نفسه خطة للتغلّب عليها.

الأمر يتلخّص في معنى “صديق”. مارك زوكربيرج وسّع فيسبوك لتصبح شبكة التواصل الاجتماعي الرائدة في العالم من خلال تعريف مصطلح الصديق بنوع من التجاوز. الصديق على فيسبوك ليس صديق العالم الحقيقي نفسه: كثيرون هم أصدقاء عرضيون أو معارف. هذا هو السبب في أن المستخدم العادي لديه 150 “صديقا” وفيسبوك لديه 1.7 مليار عضو.

نهجه في تحديد الوضع الافتراضي للانفتاح تبعته شبكات أخرى، خاصة تويتر. النجاح على تويتر يُقاس بعدد المتابعين الذين يستطيع المستخدم بث أفكاره إليهم. هذا يُمثل نمو تويتر الأولي ونفوذه العالمي، لكنه أيضاً السبب في أن النمو تراجع لأن الناس سئموا من الإساءة وضغط الأداء في العلن.

هذا الاتجاه الأخير شجّع صعود تطبيقات الرسائل مثل “وي تشات”، و”لاين”، و”واتسآب”، و”ماسنجر” من فيسبوك. فهي أعادت الخصوصية والسلامة التي بُنيت عليها شبكات التواصل الاجتماعي في الأصل، قبل أن تستسلم للإغراءات المالية للنمو الفيروسي والنطاق الهائل.

سناب شات جزئياً هو تطبيق رسائل لكن ليس بالكامل. في الواقع، هو مُربك تماماً من حيث التصميم: فليست هناك تعليمات وعليك العمل عليه لفترة من الوقت لاكتشاف كيف يعمل. وهو يفتح الكاميرا في الهاتف الذكي من خلال النقرة الأولى الأكثر طبيعية، لالتقاط صورة أو فيديو. سناب الآن تُعلن بصراحة أنها “شركة كاميرا”، بدون حتى ذكر للرسائل.

السبب في ذلك هو أن سناب شات مرئي إلى حد كبير، وهو وسيلة غير فعالة للتواصل عبر النصوص. معظم المستخدمين يرسلون الصور إلى مجموعة صغيرة من الأصدقاء مع تعليق موجز وحاشية من الرموز التعبيرية، أو ربط صور يومهم معا فيما يُسمى القصص، التي يُمكن مشاهدتها من قِبل الآخرين لمدة 24 ساعة. الخدمة تتعلّق بالتسلية المرحة والألفة، وليس بالمعلومات.

ربما يبدو التطبيق وكأنه مضيعة للوقت بالنسبة لكثير من قرّاء “فاينانشيال تايمز”، ويتناقض مع الشبكات المهنية، مثل لينكدإن أو تطبيقات الرسائل، لكنه جذّاب بشكل عميق: وجدت إحدى الدراسات أن المستخدمين يقضون في المتوسط 25 إلى 30 دقيقة يومياً على سناب شات. ووضعته الدراسة في المرتبة الثانية، بعد الاتصال وجهاً لوجه فقط، كشكل رائع للتواصل.

تكويننا يقوم على تفضيل الترفيه على الأخبار والعاطفة على المعلومات. وكثير من شبكات التواصل الاجتماعي مُصممة على الافتراض المُعاكس، من خلال أخذ زمام المبادرة من “عدد دانبار” الذي أصبح شائعاً من قِبل روبن دانبار، العالِم في علم الإنسان في المملكة المتحدة. فهو يُجادل بأن أدمغتنا تطوّرت لتكون كبيرة بما فيه الكفاية للتفاعل مع الدوائر الاجتماعية المكونة من 150 شخصا، وهذا يفسر السبب في أن كثيرا من مستخدمي فيسبوك لديهم هذا العدد من “الأصدقاء”.

لكن 150 ليس عدد دانبار الوحيد. فهو يلاحظ أن الألفة تقتصر على مجموعات تتكون من نحو 30 إلى 50 شخصا. كان هذا صحيحاً للصيادين ما قبل التاريخ ويبقى كذلك للحيوانات الرئيسية الأخرى. القرود تُعبّر عن الألفة من خلال “التزويق الاجتماعي” مثل تنظيف أفراد مجموعتها.

سناب شات يُثبت هذه النقطة: يغلب على المستخدمين إرسال صور بلهاء لهذا العدد من الأصدقاء المقرّبين. إنه الدائرة الاجتماعية التي يشعرون بالراحة بجعل أنفسهم يبدون بلهاء فيها، ولا يتعين عليهم التفكير بعناية قبل نشر أي صورة. حتى إن هناك صدى للتزويق الاجتماعي في مرشّحات الصور و”عدسات” الصور الشخصية التي يُمكن استخدامها لتغيير وتحسين صورهم. كلما ازداد نمو سناب تشات، ازدادت قوة الحافز ليفتح نفسه أمام المعلنين وغيرهم، وازداد ضعف نظامه البيئي. حتى الآن، سمح التطبيق للناشرين، مثل بزفيد والمعلنين، بما فيهم “جاتوريد”، للوصول إلى مستخدمي التطبيق بدون التضحية بسمة الألفة الأساسية. أي خطوة خاطئة في المستقبل يمكن بسهولة أن تعرض للخطر السمةَ التي جعلت التطبيق ناجحا.

منذ الآن أثبت سبيجل هذه النقطة. الترهات، والأمور سريعة الزوال، والتصرفات الصبيانية الحمقاء، والضحك كلها مغروسة في طبيعة البشر، كما يتبين لنا من 150 مليون شخص من الذين يستخدمون سناب تشات كل يوم. يجب ألا ننسى ذلك.