أدخلت حكومة عبد المالك سلال الثالثة، في الجزائر، مخططها التنموي الجديد، حيز التنفيذ، بعد المصادقة عليه من قبل أغلبية نواب البرلمان، الخميس، دون أن تقدم حصيلة نشاطها في إطار حكومة سلال الثانية، التي أنهت مهامها، مباشرة بعد انتخابات الرئاسة 17 نسيان الماضي، وهو الأمر الذي افرز جدلا بين أحزاب الموالاة المؤيدة للخطوة، وأحزاب المعارضة التي طالبت بتقديم الحساب السابق قبل إقرار الجديد.
وتحاشى الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، عرض حصيلة عمل حكومته الثانية، التي رحلت(نظريا) فور إعلان فوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بانتخابات الرئاسة، وبادر إلى عرض مخطط حكومته الجديدة رغم انتقادات وجهت له من قبل قيادات أحزاب المعارضة.
وقال البرلماني الجزائري يحي بوكلال عن حزب “جبهة القوى الاشتراكية”، المعارضة، لـ”عربي21” الجمعة، إن “المخطط المصادق عليه من قبل الأغلبية الموالية للنظام، في الحقيقة عبارة عن نص أعد لنا لغرض تكريس ديكور تقليدي، وقد اعد المخطط لكي لا يطبق كما هو الشأن للمخططات السابقة”.
وقال بوكلال: “لقد ورد في مخطط حكومة سلال الثالثة كلمة (تعزيز مكافحة الفساد)، بينما السلطة لم تبدأ أصلا بمكافحة الفساد فكيف تعزز مكافحته؟”.
وأوضح بوكلال أن مخطط عمل الحكومة “فاقد المصداقية”، إذ “لا يتضمن أرقاما ولا آجالا لتنفيذه”، الأمر الذي “يحول دون تمكننا من المتابعة والرقابة”، كما أضاف “هدف استعادة الثقة المفقودة لدى الشعب الجزائري في مسؤوليه منذ فترة طويلة، يستوجب مراجعة السلطة لحساباتها فورا بالابتعاد عن هذه السلوكيات والأساليب المنافية للقانون والدستور”.
وقصد بوكلال رفض الوزير الأول الجزائري، عرض مخطط حكومته السابقة التي “أسال أداؤها الكثير من الحبر”، خاصة ما تعلق بمكافحة الفساد، وكذا الاتهامات التي وجهت أليها، فيما تعلق بتسخير وزراء وإمكانات الدوائر الوزارية من اجل إنجاح حملة الدعاية الانتخابية للرئيس (المترشح) بوتفليقة، الأمر الذي يمنعه القانون ويعاقب عليه.
لكن الوزير الأول الجزائري، هاجم الخميس، المعارضة خلال تقديمه برنامج حكومته الثالثة واتهمها بـ”ممارسة الإحباط، وزرع ثقافة اليأس لدى الجزائريين”، وقال “كل القضايا التي قلتم أننا أهملناها، هي محل اهتمام عندنا بما في ذلك ملف الفساد”.
وسبق لبعض رموز المعارضة بالجزائر، وعلى رأسهم، عبد الله جاب الله، رئيس “جبهة العدالة و التنمية” المعارضة، وعبد الرزاق مقري، رئيس “حركة مجتمع السلم” المعارضة أيضا، ومحسن بلعباس، رئيس حزب “التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية” أن نددوا في مؤتمرات صحفية بما أسموه “استغلال وسائل عمومية في حملة الدعاية الانتخابية للمترشح بوتفليقة”، ودعوا عبد المالك سلال حينها إلى تقديم “توضيحات” بخصوص هذا “الخرق الصارخ للقانون و الدستور”، على حد قولهم.
وأفاد بوكلال بأن “الامتناع عن التطرق لعدد من القضايا والتوجهات في هذا المخطط والتي تكتسي أهمية قصوى في استقرار البلاد والحفاظ على الوحدة الوطنية أمر قد يطرح عدة تساؤلات، وأذكر على سبيل المثال ملف غرداية، حيث طالبنا بكشف الأسباب التي أدت إلى انفجار الوضع وحدوث انزلاقات أمنية خطيرة “.
ورفضت الأحزاب الإسلامية، الثلاثة، الممثلة بالبرلمان المصادقة على مخطط حكومة سلال، والتحق بهم كل من “حزب العمال” الذي تقوده اليسارية، لويزة حنون، وحزب “التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية” اليساري.
وقال البرلماني الأخضر بن خلاف، عن حزب “جبهة العدالة و التنمية” لـ”عربي21″ الجمعة، إن سبب رفض حزبه تزكية برنامج الحكومة “قفز الحكومة على الدستور خاصة في مادته الـ 84 من خلال عدم تقديم بيان السياسة العامة (الحصيلة) للحكومة السابقة التي تراسها الوزير الأول الحالي “.
وأضاف بن خلاف “هناك حكومة تذهب وحكومة بديلة تأتي لتنطلق من نقطة الصفر، وتبدا بمخطط وبرنامج جديدين، دون أن تقدم حصيلة عملها التي ينص عليها القانون و الدستور”.
ويرى بن خلاف أن برنامج الحكومة الجديدة “يعتمد في تمويله على واردات النفط بالإضافة إلى التوجه الجديد باستغلال الغاز الصخري، وهو توجه غير صائب على الإطلاق”.
ولما كان سلال يعرض برنامج حكومته، بالبرلمان الجزائري، منذ الثلاثاء، الثالث من مايو أيار الجاري، كان غليانا يسود أقسام تحرير الصحف التي انشغلت بإقدام السلطات على وقف سحب احدى الجرائد المعارضة بحجة تجارية.
وأوقفت المطبعة العمومية الرسمية، طبع جريدة “الفجر” بسبب “عدم تسديد ديونها”، المقدرة ب700 الف دولار، لكن مديرة الجريدة ، حدة حزام، قالت إنها تدفع ثمن معارضتها الولاية الرابعة للرئيس بوتفليقة ، باعتبار أن اتفاقا سابقا مع إدارة المطبعة، تم فيه التفاهم على إعادة جدولة الديون، ويجري تسديدها بطريقة نظامية ودون تأخير.
وفتح وقف سحب الجريدة، جدلا واسعا على الصعيد الإعلامي، وطرح تساؤلات حول الشاكلة التي سوف تكون عليها المرحلة المقبلة من حيث حرية التعبير.
وقال بوجمعة غشير، الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، لـ”عربي21″، الجمعة إن “السلطة بالجزائر متخوفة من الفعاليات النشطة ضده داخل المجتمع، وعليه فانه يعمل على إحكام قبضته على كل ما من شأنه أن يهدد استمراره”.
وأضاف غشير “السلطة تستخدم الإشهار العمومي والمطابع كأداة للضغط على الصحافة ، لأنها تعلم أن للصحافة دور في صناعة التغيير”. وتابع “السلطة تنظر إلى الإعلام على انه أداة لتشجيع الإرهاب والتشجيع على عدم الارتباط بالسلطة الحاكمة”.
وما زاد من مخاوف التضييق على حرية التعبير بالجزائر، عدم منح وزارة الداخلية، الترخيص لـ”تنسيقية الانتقال الديمقراطي” المتكونة من أحزاب المعارضة، لعقد “ندوة الانتقال الديمقراطي” ، لـ10 حزيران القادم.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-4Sh