لا يخلو ساحل دولة الامارات العربية المتحدة من انتشار العديد من أشجار القرم أو المنغروف والتي تصنف ضمن جنس نباتات الايكة الشاطئية التيتعيشعلىالماءالمالحفيمنطقةالمدوالجزرعندالشواطئوتتصف هذه الأشجار بسماكة أوراقها والتي لا يوجد فيها أشواك بينما تمتد جذورها في قاع البحر، ويبلغ ارتفاعها من 2 إلى 4 أمتار و تجتذب أنواعا كثيرة من الطيور البرية والبحرية وذلك للاحتماء بها من الحيوانات وحرارة الشمس في وقت الظهيرة إذ تحقق هذه الأشجار تكيفا طبيعيا عند مرور الهواء عبرها، كما تتجمع الأسماك قريبا منها بالاضافة الى أنها تحافظ على التوازن البيئي وحماية الكائنات من خطر الانقراض، حيثتنمو أشجار القرم في درجات حرارة منخفضة لا تزيد على 35 درجة مئوية وفي مياه قليلة الملوحة مما يجعل المحافظة عليها تحديا جسيما للدولة حيث ترتفع درجات الحرارة فيها فوق 35 درجة مئوية خلال أشهر الصيف حيث تم استخدام أشجارها في الماضي كمواد خام لبناء البيوت والسفن بسبب صلابتها ومقاومتها العالية للتعفن والنمل الأبيض، فضلا عن كونها مصدرا رئيسا للغذاء والوقود والخشب.
تغطي أشجار القرم مساحة 75 كيلو مترا مربعا بالدولة وتضم الامارات أحد الانواع النادرة الذي يطلق عليه ” القرم الرمادي ” أو المعروف باسم ” أفيسينيا مارينا ” و تنمو غابات القرم في المناطق التي تقع بين خطي المد والجزر وتسهم إسهاما كبيرا في الحفاظ على البيئة حيث تحمي السواحل من عمليات التعرية الناجمة عن الأمواج والتيارات البحرية وتلعب دورا فعالا في الحد من الانبعاثات الكربونية مما يسهم في خفض آثار تغير المناخ.
وتعتبر أشجار القرم كنزا بيئيا فهي ذات اهمية اقتصادية وبيولوجية كبيرة لاحتضانها العديد من الكائنات البحرية حيث تقوم بيئة الجذور بوظيفة محاضن طبيعية للثروة السمكية اذ تعتبر ملجأ للأسماك الصغيرة كما تعتبر الحاضن الطبيعي الوحيد للروبيان وفى نفس الوقت تقوم بحماية الشواطئ من التآكل كما تستخدم مأوى لتعشيش الطيور.
وتصنف مستنقعات القرم على أنها من أغنى البيئات في البيئة البحرية وتتميز أشجارها بمقاومتها الشديدة للملوحة كما تتميز بنمو جذور هوائية من مجموعها الجذري المتشعب المغمور تحت سطح الماء حيث ترتفع فوق السطح بارزة كأعمدة صغيرة لتسهل للجذر المغمور الحصول على الهواء الجوي والقيام بالتنفس .
وبالإضافة إلى دورها في الحفاظ على التنوع البحري والبري فإن للمحمية سحرها الخاص الذي تبدو ملامحه على الزوار الذين يفدون إلى المكان للاستمتاع به، حيث لا يمكن الإحساس بالوحدة أثناء الجلوس على المقاعد التي تحيط بها أمام الكثافة الخضراء وخرير المياه وحركة الحيوانات البحرية الدائمة، إضافة إلى أصوات الطيور المتسارعة إلى الآذان من كل صوب وحدب ما يجعل من المكان عالما جميلا تملأه الحيوية والانبهار، بالإضافة إلى الفوائد التي تجسدها المحمية في الحفاظ على التنوع البيولوجي.
و تغطي ” أشجار القرم ” في امارة رأس الخيمة مساحات كبيرة ويعد خور مدينة رأس الخيمة الذي يقسمها قسمين محمية طبيعية للطيور والأسماك لما تتميز به من موقع فريدة في الإمارة ولمساهمتها في الحفاظ على أنواع الحياة البرية والبحرية وعلى حياة أنواع مختلفة من الطيور وتعد مناطق ملائمة لحياتها وموردا لغذائها كما أنها تعكس سحر الطبيعة الخلابة أمام الأهالي ولهذا أولت حكومة رأس الخيمة اهتماما كبيرا للحفاظ عليها .
وتعتبر غابات القرم التي تغطي عشرات الكيلومترات من الأراضي الواقعة على طول الخط الساحلي لدولة الإمارات جزءا لا يتجزأ من النظم الإيكولوجية الساحلية في دولة الإمارات وهي تمثل موائل طبيعية غنية وآمنة لتكاثر عدة أنواع من الأسماك والثعابين البحرية والسلاحف والأسماك التجارية مثل الروبيان والسنوبر وسمك الناخر إذ تعد أشجار القرم موطنا طبيعيا لحوالي 75 بالمائة من جميع أنواع الأسماك الاستوائية التجارية الصغيرة في العالم كما أن الطيور البحرية والطيور المهاجرة تتخذ من غابات القرم ملاذا مناسبا للتعشيش ووضع البيض.
وتبذل الجهات الحكومية بالدولة جهدها لمساعدة المحميات على المحافظة على التنوع الثري الذي تتميز به حيث تضم أنواعا مختلفة من الطيور والأسماك، كما عمدت الجهات الحكومية إلى وقف جميع أنواع الصيد في المحميات عبر فرض العديد من الإجراءات والقوانين الجديدة وتعيين مراقبين على مدار اليوم لتطبيق هذه القوانين.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-8cJ