يحتل المعدن الأصفر مكانة متميزة في دبي مدينة الذهب التي يتوقع الخبراء أن يزيد الطلب عليه في السوق المحلي بعد التراجعات التي سجلتها أسعاره خلال الأيام القليلة الماضية على نحوٍ مغرٍ للكثير من المستهلكين والمستثمرين الذين يتهافتون على شرائه ضمن المستويات السعرية الحالية.
ويتعرض الذهب في العالم لضغوط كبيرة أدت إلى تراجع أسعاره لأدنى مستوى لها منذ مارس 2010 أي أكثر عن خمس سنوات بالغاً 1,088 دولار (ما يعادل 4,067 درهم) للأوقية في التعاملات الآسيوية خاسراً نحو 4% من قيمته في أعقاب تأكيد الحكومة الأمريكية رفع أسعار الفائدة على الدولار خلال العام الجاري.
وأول من أمس باع مستثمرون مراهنون على هبوط الأسعار نحو 33 طنا من المعدن الأصفر في دقيقتين فقط.
وأمس تم تداول كميات من الذهب بقيمة 1.3 مليار دولار في أسواق الصين والولايات المتحدة. واعتبر طارق المدقة، المدير العام لشركة كالوتي للمجوهرات أن التراجعات الحالية في أسعار المعدن الأصفر تأتي في مصلحة أسواق الذهب في دبي، حيث أن ذلك يغري المستثمرين ويدفع بهم للإقبال بقوة على الشراء ضمن الأسعار الحالية، مشيراً إلى أن الضغوط التي يتعرض لها الذهب في الوقت الراهن يرفع من مكانته العالمية كخيار استراتيجي للاستثمار.
وفسر أن التصريحات الأمريكية جذبت المستثمرين إلى التعاملات بالعملة الأمريكية الدولار التي سجلت ارتفاعات متتالية متأثرةً بتأكيدات مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع أسعار الفائدة على الدولار جراء المؤشرات الإيجابية التي تدلل على تحسن أداء الاقتصاد القومي الأمريكي.
ملاذ آمن
وتفصيلاً، أكد المدقة أن الذهب من الملاذات الأكثر أماناً للمستثمرين لحفظ ثرواتهم وقت الأزمات الاقتصادية والصعوبات المالية مرجعاً سبب ذلك إلى الثقة التي يحظى بها المعدن النفيس عبر جميع العصور وفي كل أرجاء العالم، لافتاً إلى ثبات قيمته الذاتية التي لا تتعرض للتحكم من قبل السلطات والحكومات، فضلاً عن محدوديته مقارنةً بالمعادن النفيسة الأخرى حول العالم، موضحاً أن المستثمرين عادة ما يقبلون على شراء الذهب خلال الفترات التي تتسم بالغموض.
وقال إن أسواق الذهب في دبي تحتوي على خيارات عديدة من القطع الصفراء المتلألئة حيث إنها تعج بأعداد كبيرة من المحال التجارية التي تضفي تنوعاً على المعروض الذي تقدمه من الحلي والمجوهرات. وأوضح أن مدينة الذهب تتمتع بمقومات قوية تجعلها قادرة على تحقيق النمو المستدام بفضل ما تزخر به من البدائل والخيارات التي تبعث فيها الحيوية والازدهار وتضعها في موقع المستفيد في لحظات الصعود السعري على المعدن الأصفر، لذا حريٌ أن تزيد الفائدة في الوقت الراهن الذي تسجل فيه أسعار الذهب تراجعات على المستوى العالمي.
مواسم
وأشار الدقة إلى أن الإقبال على شراء الذهب يعتمد على المواسم خلال العام، حيث إن العملاء من مختلف الجنسيات العربية عادةً ما يقبلون على الشراء خلال فترات الصيف والإجازات التي تكثر فيها حفلات الزفاف والأعراس، في حين أن مشتريات الجنسيات الآسيوية تحقق ارتفاعات خلال مواسم الأفراح.
ولفت إلى أن المشغولات الذهبية هي الأكثر رواجاً وإقبالاً من المستثمرين على حساب السبائك والعملات الذهبية (الليرات والجنيهات)، حيث إنها تتوافر بصور وأشكال ومنقوشات فنية ترضي مختلف أذواق العملاء.
وأوضح أن المستثمرين من الجنسيات العربية بمختلف مشاربها تفضل الذهب المشغول عيار 21 قيراطا، بيد أن الجنسيات الآسيوية لاسيما الهندية تفضل الذهب المشغول عيار 22 قيراطا، في حين أن الجنسيات الأجنبية من الزوار والسياح تختار دائماً الذهب المشغول عيار 18 قيراطاً. وتوقع الدقة أن تحقق تجارة الذهب في مدينة دبي مستويات قياسية خلال النصف الثاني من العام الجاري، حيث إن المؤشرات تدلل على سير تجارة الذهب في دبي نحو تحقيق نمو مقارنة بالعام الماضي يقدر بنسبة 10%.
وتضم أسواق الذهب في دبي تجارتي الجملة والتجزئة التي تحقق نجاحات متتالية كل عام حيث حققت بحسب الإحصائيات الأولية حجم نمو زاد عن 5% خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وفي السياق ذاته، قدّر كريم ميرشانت الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجوهرات بيور جولد أن الأسعار الحالية للذهب في العالم وبعد تسجيلها تراجعاً بنسبة 4% سوف تزيد من حماس المستثمرين المحليين على الإقبال لشراء الذهب، معتبراً أن الوقت الحالي فرصة جيدة للاستثمار في الذهب بما سيدفع إلى تحقيق مبيعات كبيرة على مستوى الجملة والتجزئة.
وفي معرض إجابته عن التوقعات باستمرار انخفاض أسعار الذهب لمستويات متدنية خلال الفترة القليلة المقبلة، قال ميرشانت: «إن ارتفاع أسعار الذهب أو هبوطها حول العالم تعتمد على عوامل متعددة منها قوة العملة الأمريكية الدولار من خلال زيادة الفائدة المتوقعة من قبل الحكومة الأمريكية»، مضيفاً: « أن انخفاض الطلب من الصين والهند يلعب دوراً جوهرياً في تحديد الاتجاهات السعرية للمعدن الأصفر»، مشيراً إلى أن الطلب الهندي والصيني على الذهب هو المحرك الرئيس لنمو مبيعات الذهب في مدينة دبي.
لا بديل
وشارك ميرشانت سابقه باعتبار الذهب دوماً الملاذ الآمن لجميع الاستثمارات متوقعاً أنه لن يفقد مكانته، لافتاً إلى أن الذهب في الوقت الراهن يمر بمراحل متغيرة بعد الصغوطات التي مورست عليه من قبل المستثمرين المتحمسين لمكاسب الدولار، متوقعاً أن يعاود صعوده المعتاد قريباً.
قوى شرائية
أكد كريم ميرشانت أن أسواق الذهب في دبي تشهد تنوعا كبيرا من ناحية المستثمرين من مختلف الجنسيات حول العالم فهناك قوى شرائية تلعب دوراً محورياً في حركة السوق المحلي منها الجنسيات العربية، والهندية، والباكستانية، والسريلانكية، والبنجلاديشية، فضلاً عن الزوار والسياح الذين يمثلون قوة شرائية من الطراز الثقيل في فترات المواسم والمهرجانات بالإمارة.
وأوضح أن مبيعات الذهب المحلية تحقق مستويات نمو متتالية بما يؤكد صحة الأسواق المحلية وقدرتها الكبيرة على التعامل مع مختلف التحركات العالمية.