لقد تراجعت أسعار العقود الآجلة نسبيا بقوة في الآونة الأخيرة، تباطؤ نمو الطلب على النفط كان أحد الأسباب. حيث انخفضت أسعار العقود الآجلة لنفط بحر الشمال برنت إلى ما دون 105 دولارات للبرميل في الشهر الماضي، وتراجعت أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط في أسواق نايمكس إلى أقل من 100 دولار للبرميل. في حين ظلت أساسيات أسواق النفط معظمها ضعيفة، وتحول موقف الأسواق بالاتجاه التنازلي، تراجع نشاط المضاربين، حيث إن المخاطر الجيوسياسية في روسيا والعراق وليبيا فشلت في دعم الأسعار.
من ناحية الطلب، أظهرت البيانات الأولية ضعف نمو الطلب العالمي على النفط، مما يجعل من الصعب على النفط الخام الفائض إيجاد أسواق، ما وضع فائض الإمدادات العالمي فوق 300 ألف برميل في اليوم في تموز (يوليو). في حين كان عجز الإمدادات في الشهر نفسه من العام الماضي نحو 900 ألف برميل في اليوم. لقد ارتفع الطلب العالمي على النفط في تموز (يوليو) أكثر قليلا من 800 ألف برميل في اليوم مقابل حزيران (يونيو)، كان الطلب فقط 770 ألف برميل في اليوم فوق مستويات الشهر نفسه من العام الماضي. من المتوقع ألا يتجاوز متوسط نمو الطلب على النفط لعام 2014، 1.1 مليون برميل في اليوم، مقابل 1.5 مليون برميل في اليوم نموا في الإمدادات من المنتجين من خارج دول منظمة أوبك.
حالة عدم اليقين بخصوص أنماط الطلب الموسمية ألقت بظلالها على مسارات البيانات الأولية، لكن الاتجاهات العامة تشير إلى تباطؤ نمو الطلب على النفط في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في حين يتعافى الطلب في الدول الأوروبية الأعضاء في منظمة التعاون من التراجع الحاد الذي شهده في الربع الثاني من العام.
انخفاض النمو الاقتصادي في روسيا ونمو الاستهلاك المتواضع في الصين ألقيا بظلالهما على الدعم القوي الذي كانت تعطيه عادة الأسواق الناشئة للطلب العالمي على النفط. قد يتم لاحقا تنقيح الطلب على النفط في كلا البلدين إلى الأعلى قليلا، لكن الطلب على النفط في دول الاتحاد السوفياتي السابق من المرجح أن يتأثر بنسبة 5 في المائة من جراء العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، والتي أثرت بشدة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. في الوقت نفسه، البيانات الأولية لنمو الطلب في الصين لا تشمل النمو القوي في مخزونات النفط الخام الاستراتيجي الاحتياطي. من الضروري إضافة النفط الذي يذهب لبناء الخزين إلى الاستهلاك العالمي، لتقييم الطلب العالمي على النفط.
لا تزال تظهر أكبر اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الولايات المتحدة) بعض النمو في الطلب على النفط، مدعومةً بالبيانات الاقتصادية القوية نسبيا التي من المتوقع أن تستمر حتى نهاية العام. الطلب على النفط في اليابان في تراجع، ويتوقع المسؤولون انخفاض الطلب على النفط في قطاع توليد الطاقة الكهربائية خلال فصل الصيف. الطلب في أوروبا مستمر في الانخفاض لكن ليس بشكل حاد كما كان الحال في الربع الثاني. في وقت لاحق من هذا العام، من المتوقع أن تقوم أوروبا بتحويل كثير من سفنها البحرية إلى وقود الديزل، هذا الأمر قد يؤدي إلى حدوث بعض التقلبات في التسعيرة، حيث إن الطلب على زيت الوقود سينخفض والطلب على وقود الديزل سيرتفع. تعاني أوروبا نقصا في وقود الديزل، ونتيجة هذا الإجراء ستضطر إلى استيراد مزيد من الديزل من روسيا، الشرق الأوسط، الهند والولايات المتحدة.
تستند بيانات الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في المقام الأول على السياسات والبيانات الاقتصادية، وكلاهما يشير إلى ضعف نمو الطلب. يعتمد الطلب الضمني على النفط Implied في الصين لتموز (يوليو) على معدل تشغيل المصافي، حجم استيراد وتصدير النفط الخام، وإنتاج النفط المحلي. حيث تعطي هذه المعلومات مؤشرا عما إذا كانت الحكومة الصينية مستمرة في بناء مخزونها النفطي أم لا. في الوقت نفسه هذه المؤشرات مهمة لمعرفة التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العالمية. تظهر أحدث البيانات أن الاقتصاد الصيني آخذ في التحسن، وذلك بفضل استمرار اجراءات التحفيز الحكومية، التي ينبغي أن تدعم الطلب على النفط في النصف الثاني من عام 2014. نمو استهلاك النفط في الشرق الأوسط آخذ في التباطؤ حيث القتال في شمال العراق أوجد نقصا في المنتجات المكررة. مع ازدهار إمدادات النفط العالمية، تتكيف أسعار النفط الخام لشحن فائض النفط الخام الخفيف من حوض الأطلسي إلى آسيا، حيث إن تقلص الفرق بين أسعار خام دبي وبرنت إلى 1.6 دولار للبرميل، قد يساعد الخام النيجيري على العثور على مشترين خارج أوروبا، حيث إن ارتفاع الإنتاج الليبي من نوعية مماثلة وضعف معدلات تشغيل المصافي وفرا فائضا من النفط الخام الخفيف الحلو.
من ناحية العرض، تشير البيانات الأولية إلى أن إمدادات النفط العالمية ارتفعت خلال تموز (يوليو) بنحو 600 ألف برميل في اليوم معظمها من داخل منظمة أوبك. إن ارتفاع إنتاج المنظمة الذي كان نحو 180 ألف برميل في اليوم كان تقريبا بالكامل نتيجة قفزة الصادرات الليبية الهشة بعد اتفاق لفتح اثنين من الموانئ المغلقة. حيث أضافت ليبيا ما يقرب من 172 ألف برميل في اليوم من النفط الخام، وبلغ معدل إنتاجها لتموز (يوليو) نحو 415 ألف برميل في اليوم، في حين ارتفع إنتاج بقية دول المنظمة مجتمعة بنحو عشرة آلاف برميل في اليوم. إضافة إلى ذلك، ارتفع إنتاج “أوبك” من سوائل الغاز الطبيعي والسوائل الأخرى بنحو 200 ألف برميل في اليوم. في حين أن الإمدادات النامية من المنتجين من خارج منظمة أوبك، البالغة نحو 217 ألف برميل في اليوم، توزعت على نطاق أوسع، حيث تقاسمت كل من الولايات المتحدة، النرويج، كندا وكازاخستان معظم النمو، وساهموا بـ 110، 100، 97، و95 ألف برميل في اليوم على التوالي. في حين انخفض الإنتاج من باقي الدول خارج منظمة أوبك مجتمعة بنحو 185 ألف برميل في اليوم.