مجلة مال واعمال

تعديلات هامشية أم جوهرية؟

-

يبدو أن هناك صراع إرادات بين وزارة المالية من جهة واللجنة المالية لمجلس النواب من جهة أخرى ، فاللجنة تريد اثبات موجوديتها بإدخال تعديلات على مسودة الموازنة العامة ولو بجعلها أسوأ مما كانت ، ووزارة المالية تريد الحصول على المصادقة النيابية على الموازنة باسرع وقت لكي تبدأ عجلة الاقتصاد الأردني بالدوران.
وحتى عندما حصل شبه توافق بين الوزارة واللجنة على إدخال بعض التعديلات ، فقد استمر الصراع بين الجانبين حول ما إذا كانت التعديلات المطلوبة هامشية كما تقول الوزارة ، أم جوهرية كما تقول اللجنة!.
نعرف جميعأً أن الموازنة العامة ، وإن كانت تصدر بقانون ، إلا أنها عملياً غير ملزمة ، فالظروف العملية تفرض نفسها عليها ، وليس هناك ما يمنع من زيادة الإيرادات أو النفقات أو نقصانها كما يحدث دائماً ، فهي مجرد تقديرات قد تميل إلى المبالغة أحيانأً والتحفظ أحيانأً أخرى ، ولكن الغلبة تظل للأمر الواقع ، بدلالة صدور ملاحق للموازنة خلال السنة ، بعضها لا يتناول النفقات العامة فقط بل الإيرادات أيضاً.
سواء كانت تقديرات المنح مبالغأً فيها أو متحفظة فلا علاقة لذلك بما سيتحقق فعلاً ، ولا تهتم الدول المانحة بما يرد في الموازنة العامة ، وتبقى المنح الخارجية قضية سياسية لا تبت بها وزارة المالية ولا اللجنة المالية لمجلس النواب ، بل تتولاها الحكومة من خلال وزارة التخطيط والتعاون الدولي ، كما أنها تقع على رأس اهتمامات الدبلوماسية الملكية.
إذا كانت المسـألة صراع إرادات يتقرر على ضوئها الغالب والمغلوب ، فإن وزارة المالية تستطيع أن تقول إن هذا المشروع يمثل اجتهاد الحكومة كسلطة تنفيذية تعرف مالها وما عليها ، وإذا كانت غير مقبولة للجنة فعليها أن تقدم موازنة بديلة تلتزم بها الحكومة ويتحمل مجلس النواب مسؤوليتها ، شريطة مراعاة المحددات الدستورية التي تمنع المجلس من زيادة أية نفقـة (وبالتالي إنقاص أي إيراد).
هذه اللجنة المالية سبق أن أقرت موازنة السنة الماضية 2011 وكانت النتائج في التطبيق مختلفة تمامأً ، فالإيرادات لم تنمو ، وحققت النفقات الجارية قفزة كبيرة ، ولم تنفذ بعض النفقات الرأسمالية ، وتجاوزت المنح الخارجية التقديرات ، فلم تسقط السماء على الأرض؟.