لكن الحقيقية أن أوضاع الشركات المساهمة لم تتغير الى حد يحدث معه هذا التغيير الكبير ولم ينخفض الاستثمار الخارجي بل عاد الى نسبة 51 % في الأسابيع التي مضت . اذا ماذا حدث ؟ ان الاستثمار في السوق المالي الأردني يدفعه السيكولوجية الاستثمارية للمستثمرين الأردنيين والذي يبنى على التوقعات المدفوعة بالتفاؤل والتشاؤم وسلوك الاعتماد على المعلومات التي لا تعكس أوضاع الشركات المالية الحقيقية بل الاعتماد على العزم الاستثماري و اللحاق بموجة السوق وتقليد صناع السوق أصحاب الحوزات الضخمة من الأسهم والحصص السوقية العالية .
وما حدث من تراجع للبورصة في الأعوام 2007 وجزء من 2008 هو ناجم عن سببين : (1) تحول أنظار المستثمرين نحو بديل آخر اكثر ربحية وأسرع في النتائج ومن دون وجود مخاطرة ( كما اعتقدوا او أوهموا انفسهم بدافع الطمع ) وهي ما يدعى بالاستثمار في البورصات العالمية مما حدا بجمهور المستثمرين نحو هذا النوع من الاستثمار دون التفكير بحقيقته , و (2 ) تسييل بعض كبار المستثمرين ما بحوزتهم من أسهم لتحقيق أرباح ضخمة والاستفادة من العزم الاستثماري ومن سيكولوجيا الاستثمار السائدة بين جمهور المستثمرين.
وفي أواخر عام 2008 حدثت الأزمة المالية العالمية وانسحب بعض المستثمرين الأجانب من بورصة عمان وسادت التوقعات التشائمية و تأثرت الأسواق المالية في الخليج بالاضافة الى امتداد مشكلة ” البورصة العالمية ” المحلية والمخاوف من الأوضاع الاقتصادية و مما زاد من سوء الأمور ما حدث بعد ذلك في الأعوام 2010 و2011 من أحداث ما تم تسميته ب ” الربيع العربي ” الذي جمد التعاملات في الأسواق المالية ودفعها للانخفاض من جديد الى ما دون القيم الاسمية لأسهمها حتى باتت صيدا سهلا بخيس السعر لمن يرغب في الاستيلاء على الشركات المساهمة المحلية خارجيا وداخليا . اذن هذه هي سيكولوجيا الاستثمار للمستثمر الأردني والعربي التي ترفض فكرة رأس المال الجريء وتسعى نحو الاستثمار الأكيد قليل المخاطرة وتنتظر قدوم الموجة العالية لتتزحلق عليها مع أنها تستطيع احداث هذه الموجة والاستفادة منها , كما ينتظر لاقتناص الفرص من تدفق رؤوس الأموال من الدول المجاورة حسب تقلب الأوضاع السياسية والاقتصادية .
كفانا سلبية , يستطيع السوق المالي الأردني التعافي من جديد و يستطيع أن يسحب معه السوق الحقيقي مع أن البعض يعتقد العكس لكنها علاقة تكاملية , ويستطيع كبار المستثمرين الدخول مرة أخرى و تحريك التداول و رفع الأسعار فالسوق المالي يمثل الملكية الحقيقية للشركات المساهمة وعليه على الجميع المحافظة عليه والبقاء فيه ومعاودة الدخول اليه رامين بعرض الحائط تلك السيكولوجية السلبية للاستثمار.