مجلة مال واعمال

القطاع الصحي بوابة الامان

-

بقلم: محمد فهد الشوابكه

يؤثر القطاع الطبي على صحة الأفراد وإنتاجيتهم وبالتالي نمو الاقتصاد ككل، وكلما كان القطاع الطبي أكثر تطورا؛ كلما انعكس ذلك على معدلات النمو الاقتصادي بالإيجاب، وتوضح تجربة الصين وسريلانكا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، أنه من الممكن تحقيق تحسينات مذهلة في توفير الرعاية الطبية والتوصل في نفس الوقت إلى تحسينات ملموسة في النتائج الطبية، مع الإبقاء على إجمالي الإنفاق العام على الصحة عند مستويات متواضعة، كما حقق انتقال كندا خلال عقد الستينات من سيادة التأمين الطبي الخاص، مع وجود أعداد كبيرة من السكان خارج مظلة التأمين، إلى التأمين الطبي القومي، إلى تحقيق تحسن ملموس في صحة السكان ومكاسب اقتصادية في نفس الوقت. من هنا تسعى جميع الدول إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي، وزيادة الناتج المحلي عن طريق آليات وخطط محددة، تهدف إلى زيادة مساهمات الأربع قطاعات المؤثرة في الناتج المحلي وهي القطاع الاستهلاكي، والاستثماري، وقطاع الإنفاق العام، والتجارة الخارجية. وتمثل الصحة محوراً أساسياً من محاور التنمية البشرية حيث يعتبر القطاع الطبي من أهم القطاعات التي تمس حياة الإنسان ووجوده وهو قطاع أساسي لتمكين المواطن من التمتع بحياة مثمرة اجتماعياً واقتصادياً. وعليه فإن تحسين الحالة الصحية المحفوفة بالمخاطر، وتوفير أعلى مستوى ممكن من الحماية والرعاية للسكان يمثل إحدى الأولويات الأساسية لمجتمع التنمية محلياً وعالمياً في هذا العصر. وهذا يعني على أرض الواقع تجميع سلسلة من الركائز الأساسية لهذا القطاع كنظام تمويل الخدمات الطبية، قيادة القطاع، تنمية الكوادر البشرية، تحسين تقديم الخدمات الطبية،دعم المعلومات الطبية، إطار تنظيمي للتعاون بين القطاع العام والخاص. وتدل المؤشرات الطبية الأساسية فـي الاردن على أن القطاع الطبي الاردني قد حقق نجاحات متعددة في العقد الماضي من خلال تطوير بعض المؤشرات الأساسية كالمؤشرات المتعلقة بالطفولة، الصحة الإنجابية، المراكز الطبية وتوفير الاسرة والتطوير في الكوادر الطبية، وانخفاض انتشار الأمراض السارية وغير السارية. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها ارتفاع مستوى المعيشة، تطور الوعي لدى المواطنين، انخفـاض نسب الأمية وتحسن البنية التحتيـة من ماء وكهرباء وصرف صحي. إضافة إلى التحسن في زيادة نسب التغطية بخدمات الرعاية الطبية الأولية والتوسع في الخدمات الطبية العلاجية وتوفر منظومة لخدمات الإسعاف والطوارئ بالتزامن مع زيادة أعداد القوى البشرية العاملة في القطاع الطبي وتنوع تخصصاتها وزيادة اعداد المستشفيات وزيادة الانفاق على القطاع الطبي. ويعد الإنفاق العام على القطاع الطبي من أهم أوجه الاستثمار في رأس المال البشري، الذي تسعى إليه جميع الدول، وتهدف من خلاله إلى تحقيق زيادة و كفاءة في إنتاج الأفراد، مما ينعكس إيجابا على إجمالي الناتج المحلي، ومعدلات النمو الاقتصادي. حيث يسهم الاستثمار الخاص في القطاع الطبي في تخفيف العبء عن القطاع العام، ويؤدي إلى إيجاد سوق منافسة كاملة، وزيادة الكفاءة الاقتصادية في تقديم الخدمات الطبية، باستهلاك اقل للموارد وإنتاج أفضل للخدمات. وتشكل المكاسب العالمية التي أمكن تحقيقها في قطاع الصحة أحد أهم الإنجازات التي حققتها البشرية مؤخرا ومن الممكن في هذا العصر أن يتوقع كل فرد أن يحيا حياة طويلة وخالية من المرض بشكل ملموس. وهذا الإنجاز يتجاوز الحاجة للتقييم الاقتصادي، إذ أن الصحة الجيدة هي هدف هام في حد ذاته، نظرا لما يترتب عليها من تزايد في القدرات البشرية، وباعتبارها إحدى الحاجات الإنسانية الأساسية. وتجدر الإشارة الي أن كفاءة التدخلات الطبية تقع أساسا علي عاتق الاطباء والكوادر الطبية ولكي يقوم هؤلاء بأداء دورهم بفاعلية،ف إنهم بحاجة الي مدخلات ملائمة ،وترتيبات تنظيمية ،وحوافز متماسكة ،سواء داخليا أو خارجيا من هنا يأتي دور المستشفيات والمراكز الطبية في توفير هذا الامر .