في كتابه “تأملات في السعادة والإيجابية”، يروى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، قصة عن المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان يرغب في تخضير وزراعة أبوظبي وبعض الجزر التابعة لها وكان لديه صورة في ذهنه لشوارع الإمارة وأشجارها يريد ترجمتها على أرض الواقع، غير أن الخبراء رأوا استحالة ذلك بسبب عدة عوامل مثل ملوحة التربة والظروف المناخية وغيرها، ولكن تلك العقبات لم تقف عائقاً أمام قائد طموح يتمتع بنظرة مستقبلية مثل الشيخ زايد رحمه الله، الذي أبدع حلولاً مبتكرة وقام بزراعة أبوظبي بغابات وأشجار كثيرة وتم منحه العديد من الجوائز والأوسمة العالمية في مجال البيئة، تقديراً لجهوده المتميزة في مجال العمل البيئي ونظرته المستقبلية التي استهدفت تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة، والحفاظ على حق الأجيال المتعاقبة في التمتع بالحياة في بيئة نظيفة وصحية وآمنة.
واليوم، تسير قيادتنا الرشيدة – خير خلف لخير سلف – بخطى واثقة على الدرب ذاته، وباتت دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة في مجال العمل البيئي تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. واستطاعت الدولة أن تختزل مئات السنوات عبر تطوير أنظمتها وأجهزتها، وواكبت ذلك بتطوير العنصر البشري الذي تعتبره أهم ثرواتها، بفضل الرؤية الثاقبة لقيادة استشرفت المستقبل، وآمنت بقدرة أبناء الإمارات على تحقيق المستحيل.
وعلى الرغم من إن دولة الإمارات تمتلك أحد أكبر احتياطيات النفط في العالم، تولي القيادة الحكيمة اهتماماً كبيراً بتنويع مصادر الطاقة في الدولة، انطلاقاً من رؤية ثاقبة تدرك أهمية الطاقة المتجددة في تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة، فعملت الدولة على غرس بذور مشاريع الطاقة المتجددة لتقطف ثمارها الأجيال القادمة، فبناء هذه المشاريع الكبرى في الوقت الحالي يعني توفير طاقة مستدامة ونظيفة لأجيالنا القادمة، التي ستقدر هذه الجهود كما نقدر نحن جهود آبائنا وأجدادنا الذين أولوا اهتماماً كبيراً بموضوع البيئة والحفاظ عليها وتنميتها. وتستثمر دولة الإمارات في بناء مشاريع عملاقة ورائدة للطاقة النظيفة والمتجددة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية، حيث حبانا الله تعالى بشمس ساطعة طوال أيام العام.
ووفقاً لتقرير “مؤشرات تنظيمية للطاقة المستدامة” الذي أصدره البنك الدولي حول مؤشرات تنظيم الطاقة المستدامة في 111 دولة حول العالم، جاءت دولة الإمارات في المركز الأول على مستوى العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وفي المرتبة 28 عالمياً ضمن قائمة أكبر الدول التي تقود العالم في التحول إلى الطاقة النظيفة. كما أشار التقرير إلى أن كلفة عطاءات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في دولة الإمارات تعد الأدنى على مستوى العالم.
ويعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي تقوم بتشغيله وإدارته هيئة كهرباء ومياه دبي، أكبر مشروعات الطاقة الشمسية – في موقع واحد – على مستوى العالم، وستبلغ طاقته الإنتاجية 1000 ميجاوات بحلول عام 2020، و5000 ميجاوات بحلول عام 2030. ويدعم المشروع استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي تهدف إلى توفير 7 بالمئة من طاقة دبي من مصادر نظيفة بحلول عام 2020 و25 بالمئة بحلول 2030، لترتفع هذه النسبة إلى 75 بالمئة بحلول عام 2050. وعند اكتماله، سيسهم المجمع في تخفيض أكثر من 6.5 ملايين طن من انبعاثات الكربون سنوياً، الأمر الذي يدعم المبادرات والبرامج الخضراء التي تنفذها حكومة دبي لتخفيض الانبعاثات الكربونية.
اليوم، بفضل الله تعالى، ونتيجة الدعم غير المحدود من قيادتنا الرشيدة، تدشن هيئة كهرباء ومياه دبي المرحلة الثانية من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، والتي ستنتج 200 ميجاوات من الطاقة النظيفة، وتعد هذه المرحلة أول وأكبر مشروع من نوعه للطاقة الشمسية في المنطقة ينفذ وفق نظام المنتج المستقل. وسنواصل تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة لنساهم في تحقيق سعادة المجتمع، وترسيخ ريادة دولة الإمارات على الخارطة الدولية، وتحقيق النتيجة المنشودة في 2021 عندما نحتفل باليوبيل الذهبي لاتحادنا الميمون، وهي أن نصل إلى المركز الأول عالمياً.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-iHv