مع اكتمال المرحلة الاولى من مشروع “لندن اراي” والرامي إلى توليد الكهرباء بطاقة كافية لتلبية حاجات نصف مليون منزل سنويا، تكون بريطانيا قد قطعت شوطا جديدا في المحافظة على مكانتها الرائدة في مجال توليد الكهرباء بالرياح من حقول بحرية.
وساهمت استثمارات إماراتية في إنجاز المشروع بعد أن اشترت شركة “مصدر” المملوكة لحكومة أبو ظبي 20 في المئة من المشروع بالتعاون مع شركات عالمية تعمل في قطاع الطاقات المتجددة.
واستغرق إنجاز المشروع أكثر من أربعة اعوام بكلفة تجاوزت ملياري يورو، حيث تم تثبيت 175 توربينا على مساحة مائة كيلومتر مربع قرب سواحل مقاطعة “كِنت” جنوب شرقي إنجلترا، ويشمل الجزء الثاني من المشروع، وهو قيد الدراسة، زيادة عدد التوربينات بهدف مضاعفة الطاقة الانتاجية تقريبا.
وتوقع المشرفون على الحقل أن يساهم في تخفيض الانبعاثات الحرارية من ثاني أوكسيد الكربون بنحو 900 ألف طن سنويا وأن يمنح الشركات العاملة في قطاع الطاقة المتجددة نفسا جديدا لزيادة استثماراتها والتعلم من أخطائها.
مدير مشروع “لندن أراي” ريتشارد ريغ قال في حديث خص به بي بي سي العربي أن إقامة مشروع مماثل في المستقبل سينجز بنسبة سبعين في المئة أو أقل من التكاليف التي ضخت في هذا الحقل بسبب الخبرة التي اكتسبتها الشركات والتقدم التكنولوجي الذي تحقق في هذا القطاع.
ويأتي الإعلان عن الافتتاح الرسمي لحقل لندن أراي بعد إنجاز عدد من الحقول المشابهة ولو أنها أصغر حجما، فقد تم قبل أشهر افتتاح حقل في سواحل سكانغس، في حين تجري الاستعدادات لإنجاز مشروع مماثل في شمال مقاطعة ويلز ما يضمن ريادة بريطانيا في هذا النوع من الطاقة المتجددة.
الا أن خبراء حذروا من أن توقعات الحكومة بخلق 75000 وظيفة في القطاع في بداية العقد المقبل ستتوقف على مدى استعدادها لتقديم تسهيلات وحوافز للمستثمرين.
وفي الصيغة الحالية تتكفل الحكومة بدعم أسعار الكهرباء تصل قيمتها إلى حدود 40 في المئة او اكثر وذلك بهدف تشجيع الاستثمار الخاص في الطاقات المتجددة.
ولا يستبعد مدير مشروع “لندن أراي” ان ينجح القطاع الخاص في تقليص تكاليف إقامة المشروع بنحو 40 في المئة مع حلول عام 2020 وهو ما قد يسمح لهم بمنافسة الشركات العاملة على توليد الطاقة الكهربائية بالطرق التقليدية.
ويدرس البرلمان البريطاني حاليا مشروع قانون يرمي إلى تشجيع المنافسة وبالتالي خفض أسعار التدفئة للمستهلكين وهو ما قد تكون له تداعيات على قطاع الطاقة بأكمله وسط مخاوف من تراجع الدعم الذي تقدمه الحكومة لمنتجي الطاقة النظيفة بسبب السياسات التقشفية التي تتبناها بريطانيا حاليا.
قبل خمس سنوات دخلت شركة مصدر في شراكة مع شركة أي أون الألمانية بشراء عشرين في المئة من حصتها من شركة لندن أراي والتي كانت تملكها مناصفة مع الشركة الدانماركية العملاقة دونغ إنرجي. وتعكس هذه الخطوة سعي حكومة أبو ظبي في تنويع مصادر ايراداتها واستثماراتها العالمية مع تبني قطاع الطاقة الجديدة كقطاع استراتيجي.
وقال مدير وحدة الطاقة النظيفة في شركة “مصدر” بدر اللمكي إن المشروع “يمثل فرصة تجارية لتحقيق عائد تجاري، كما يمثل فرصة لتطوير كفاءات المواطنين الإماراتيين ويساهم في تعزيز دور دولة الإمارات كلاعب رئيسي في قطاع الطاقة سواء كانت تقليدية ام متجددة”.
نمو طاقة الرياح
وشهد قطاع توليد الطاقة من الرياح نموا كبيرا في أوروبا والولايات المتحدة في العقد الماضي بفضل سياسات الدعم التي اعتمتدها العديد من الدول اضافة إلى البحوث التي قامت بها الشركات والتي أدت إلى تطوير تكنولوجيا جديدة أسهمت في خفض التكلفة.
وأسفرت البحوث وبرامج التطوير التي اعتمدها العاملون في هذا القطاع عن تصاميم مبتكرة وتوربينات أكبر حجما وفعالية ساعدت على تقليص التكاليف التشغيلية للشركات، ولكن وبالرغم من أن النتائج تبعث على الإعجاب إلا أن سعر الطاقة الكهربائية المنتجة من الرياح لا يستطيع منافسة أسعار الكهرباء المنتجة من الوقود الإحفوري.
ويرى مراقبون أن نجاح القطاع يعتمد إلى حد ما على مدى قدرته على إدخال تحسينات تكنولوجية لتقليص تكاليف إنتاج الكهرباء بنحو 30 في المئة على الأقل ما قد يمكنها من منافسة الوسائل التقليدية لإنتاج الكهرباء.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-3Sk