لاقى تبني السعودية خطة التحول الوطني للتقليل من الاعتماد على النفط في الاقتصاد ترحيباً من مراقبين اقتصاديين ومستثمرين من حول العالم. وتهدف الخطة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 530 بليون ريال سعودي (141 بليون دولار) بحلول عام 2020 من خلال اعتماد ما يزيد عن 500 مبادرة، تشمل ضريبة القيمة المضافة. أما «أرامكو السعودية»، فستكون بقيمة سوقية تتخطى 2.2 تريليون دولار، أكبر من «إكسون موبيل» بخمسة أضعاف. والاكتتاب المزمع في جزء من أسهم الشركة سيجعل السعودية نصب أعين المستثمرين العالميين على أنها إحدى الوجهات الاستثمارية الأكثر جاذبية في العالم.
وقال جاستن وايتهاوس، الشريك المسؤول عن قسم الضرائب غير المباشرة في «ديلويت الشرق الأوسط»: «إن ضريبة القيمة المضافة هي إحدى الاستراتيجيات المقترحة لتنويع موارد الإيرادات الحكومية، فهي أداة مالية شائعة ذات كفاءة وتكلفة أقل في الاستخدام، كما أنها أقل عرضة للاحتيال وأقل قدرة من غيرها من أشكال الضرائب المباشرة على التأثير سلباً في تشجيع الاستثمار مقارنةً بأي نوع من أنواع الضرائب المباشرة».
وعلى رغم ان دول مجلس التعاون الخليجي على وشك فرض ضريبة القيمة المضافة رسمياً، بيّن استطلاع أخير أعدته «ديلويت» ووجهته إلى المديرين الماليين في الشرق الأوسط ان نصف المديرين الماليين الذين شملهم الاستطلاع لديهم «معرفة دنيا» بتأثير فرض ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي بينما توقع 93 في المئة منهم ان تؤثر هذه الضريبة نوعاً ما في أعمالهم.
لكن وايتهاوس قال: «نظراً إلى إمكانية استحداث ضريبة القيمة المضافة في منطقة مجلس التعاون الخليجي، على المعنيين في الشركات ان يعززوا فهمهم لكيفية تأثير الضريبة في أعمالهم بهدف تغطية كل الجوانب المالية والتجارية والتشغيلية مسبقاً وإيصال الرسائل الملائمة إلى كل أقسام الشركة».
وعلى رغم تزاحم الأخبار الصادرة من المملكة عن إعادة هيكلة الهيئات والمجالس الحكومية من ضمن «رؤية 2030» وخطة التحول السعودي المتوقع ان تضاعف العائدات غير النفطية إلى أكثر من 500 بليون دولار، وتوقعات أسعار النفط، وخطط التنويع الاقتصادي، لا شك في ان طرح أسهم في «أرامكو» للاكتتاب، من الخطط المرجح تحقيقها في المدى القصير.
وتوقع ماجد حسن، رئيس إدارة الأصول في بنك «ميرابو» السويسري، ان أي تعاف في أسعار النفط سيساعد في اكتمال الاكتتاب بنجاح. وتُظهر مبادرات السعودية إلى فتح أسواقها لتدفق الاستثمارات الأجنبية، مدى التزام المملكة عملية النمو الاقتصادي وقدرتها على التنفيذ وفق الخطط المطروحة. وتتطلع شركات أمثال «ميرابو» إلى توسيع محفظة استثماراتها في الخليج خصوصاً في السعودية، في حين أنها تستثمر حالياً أكثر من سبعة في المئة من محفظتها في الأسهم السعودية.
ولفت «ميرابو» في تقرير إلى ان «أرامكو» والشركات التابعة لها «فريدة نسبياً»، «ولذلك تستحق أسهمها علاوة على التقويم العادل، ويظهر ذلك جلياً من خلال المزايا التنافسية التي تتمتع بها شركات «أرامكو» في المملكة، وإذا استطاعت البورصة السعودية دخول المؤشرات العالمية بحلول وقت الاكتتاب، فسيساهم هذا في تعزيز التقويمات المالية للشركة». وأضاف التقرير: «يعتقد ميرابو بأن السوق السعودية ستظل منصة استثمارية جذابة. وكل الخطوات التي تتخذها المملكة اليوم ستكون إيجابية لها. ونرى أنها مسألة وقت قبل ان يدرك المستثمرون خارج المنطقة الفرص الاستثمارية الموجودة في المملكة».
يُذكر ان البرنامج الذي سيُعمل به خلال السنوات الأربع المقبلة، يستهدف خفض نسبة المشاريع الحكومية المتأخرة إلى 40 في المئة بحلول عام 2020 من 70 في المئة الآن. ويشير إلى رفع الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى 530 بليون ريال عام 2020 من 163.5 بليون عام 2015. وأوضحت وثيقة صادرة عن البرنامج، ان المملكة ستعمل على خفض الإنفاق العام على الرواتب والأجور إلى 456 بليون ريال عام 2020 من رقم أساس يبلغ 480 بليوناً. ويتوقع برنامج التحول الوطني الحفاظ على طاقة إنتاج النفط عند 12.5 مليون برميل يومياً حتى عام 2020. وسترتفع طاقة إنتاج الغاز الجاف إلى 17.8 بليون قدم مكعبة يومياً في 2020 من 12 بليوناً حالياً. ويستهدف البرنامج أيضاً زيادة قيمة صادرات السلع الأولية غير النفطية إلى 330 بليون ريال بنسبة 225 في المئة بحلول 2020، من خط الأساس البالغ 185 بليوناً.
وأضافت الوثيقة ان الحكومة «تطمح إلى تحقيق التوازن في الموازنة بحلول عام 2020، وتتوقع بلوغ نسبة الدَيْن العام إلى الناتج المحلي 30 في المئة في 2020، من 7.7 في المئة، وهي تشير الى ان المعيار الإقليمي لنسبة الدَين إلى الناتج المحلي يبلغ 35 في المئة في حين يبلغ المعيار العالمي 54 في المئة. وأفادت بأن برنامج التحول الوطني يستهدف خفض دعم الماء والكهرباء في المملكة بمقدار 200 بليون ريال بحلول عام 2020 مقارنة بمستوى صفر لخط الأساس.
ومع البرنامج يُرجح ان يصل تصنيف السعودية الائتماني إلى AA2 في 2020 مقارنة بـ A1 حالياً. وتشير الوثيقة إلى ان من أهداف التحول الوطني ان تصل الأصول السعودية غير النفطية إلى 5 تريليونات ريال بحلول 2020 من ثلاث تريليونات حالياً. ولا يستبعد البرنامج ان تبلغ مساهمة الطاقة المتجددة 3450 ميغاوات من مزيج الطاقة بحلول عام 2020، أي ما يعادل 4 في المئة من استهلاك المملكة.