يقوم العلماء بدراسة العديد من أنواع النمل التي قد تكون الأساس في مواجهة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية. ولهذا النمل علاقة تعايشية مع الكائنات الحية التي تشكّل مركبات تحمي النمل من الفطريات والبكتيريا والميكروبات.
علاقة تعايشية
تعتبر مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية من الأزمات الكبيرة التي تهدّد العالم بأسره في الوقت الراهن. وفي الواقع فإنها إحدى القضايا الكبرى التي استدعت مناقشتها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. ووفقاً للتقديرات، فإن أكثر من 700 ألف شخص حول العالم يموتون سنوياً نتيجة العدوى بالبكتيريا المقاومة للأدوية، فيما تستمر البكتيريا الضارة بالتطوّر ضد العلاجات الفعالة.
وللمساعدة في تخفيف المشكلة، يبحث العلماء عن إجابات في الأماكن المستبعدة جداً ألا وهي ظهور النمل. حيث وجد العلماء بأنه يمكنهم استخدام النمل الذي يستضيف البكتيريا في مواجهة عدوى الفطريات والميكروبات،وقد يكون أحد المصادر الجديدة المحتملة للمضادات الحيوية.
كما حصر الباحثون مجال بحثهم في هذا النمل بالأنواع التي تستضيف الفطريات كمصدر غذائي لها، مثل النمل القاطع للأوراق، والذي يوجد في أمريكا الشمالية والجنوبية.
ويُذكر أن النمل القاطع للأوراق يقوم بجلب الأوراق إلى جحوره ويتركها على الأرض حتى تتحلّل بواسطة الفطريات، والتي تصبح فيما بعد مصدر الغذاء لهذا النمل. وتبقى الأمور على ما يرام حتى تبدأ أنواع الفطريات الأخرى باجتياح الطبقة السطحية من الجُحر، مما يؤدي إلى قتل كلّ من النمل والفطريات المزروعة. ومن أجل حماية نفسه، يقوم النمل بالدخول في علاقة تعايشية مع بكتيريا خاصة والتي تفرز مركّبات مضادة للفطور ومضادات حيوية. وتبدو هذه البكتيريا مثل مسحوق السكر المتناثر على ظهور النمل.
وتستمر هذه الحرب بين النمل والفطريات الضارة منذ ملايين السنين، وبالتالي فإن التقنيات والمركّبات التي يستخدمها النمل تستغرق وقتاً لتحسينها وتطويرها تبعاً لذلك. وهذا ما يعطي الباحثين أساساً متيناً لاختبار أفكار جديدة على المركّبات الأكثر فعالية لاستخدامها في جعل الأدوية تواجه مقاومة المضادات الحيوية.
وسائل جديدة للعلاج
وتستمر الأبحاث من هذ النوع منذ التسعينيات، ولم تسفر عن العلاجات المضادة للفطريات والمضادات الحيوية فحسب، بل إن الدراسات الأصلية بحثت أيضاً في إمكانية استخدام الباحثين للنمل لتطوير أدوية مضادة للطفيليات ومضادة للسرطان.
كما أن هذا النوع من الأبحاث يسلّط الضوء على تنوع الأماكن المستبعدة التي يبحث فيها العلماء عن إجابات لحلّ أزمة هذه البكتيريا. وبصرف النظر عن تطوير أدوية جديدة، فقد درس الباحثون استخدام الفيروسات لقتل البكتيريا بل وحتى حلول التكنولوجيا النانوية لمواجهة البكتيريا المقاومة للأدوية.