«النقد الدولي» متشائم حيال النمو الاقتصادي العالمي

تحليل اقتصادي
17 أبريل 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
«النقد الدولي» متشائم حيال النمو الاقتصادي العالمي

EA_1032580_392135

يتوقع صندوق النقد الدولي تحقيق الاقتصاد العالمي لنمو نسبته %3.2 خلال العام الحالي، حيث أظهرت توقعاته نصف السنوية تراجعا عن تلك التي قدر بها النمو عند مستوى %3.4 في يناير الماضي. وتم إعلان تلك التوقعات عبر المديرة العامة للصندوق الفرنسية كريستين لاجارد خلال اجتماعات واشنطن، حيث رجح «النقد الدولي» بلوغ معدل سعر برميل النفط عند 34.8 دولار خلال العام الحالي.
وأشار الصندوق إلى أن فقدان زخم النمو في الاقتصادات المتقدمة، والاعتقاد السائد بعجز السياسات النقدية، والاضطرابات في الأسواق المالية، وبعض القوى السياسية والطبيعية كانت من ضمن الأسباب التي أدت إلى تخفيض تقديرات النمو. وإذا كان العالم سينمو فعليا بنسبة %3.2 هذا العام، فلن يمثل ذلك إلا تحسنا طفيفا على معدل النمو الضعيف %3,1 المسجل في العام الماضي، بحسب تقرير صادر عن “QNB”.
ويمثل هذا التخفيض من قبل الصندوق لتقديرات نمو الاقتصاد العالمي في 2016، السنة الرابعة على التوالي التي يقوم فيها بتخفيض توقعاته. فمنذ عام 2013، اصطدم التفاؤل المبكر لصندوق النقد الدولي بحقائق الواقع. وبين يناير وأبريل من كل عام، قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعات النمو بنسبة %0.15 في المتوسط في كل عام. وقد كانت الآمال ترتفع في بداية كل عام بمؤشرات لانتهاء الأزمات السابقة وتعزز فرص الانتعاش، ولكن سرعان ما كان يجيء مستوى النمو مخيبا لتلك الآمال في نهاية المطاف. فقد كان الانتعاش “بطيئا جدا لفترة طويلة جدا”، كما جاء في عنوان تقرير الصندوق.
فما الذي دفع صندوق النقد الدولي إلى تخفيض توقعاته بنسبة %0.2 في الأشهر الثلاثة الأخيرة؟ هناك 4 عوامل وراء هذا التخفيض الذي تم على نطاق واسع، حيث شمل اقتصادات متقدمة وناشئة، أولا: يبدو أن زخم النمو في الاقتصادات المتقدمة قد تراجع، وينطبق ذلك تحديدا على الولايات المتحدة، حيث تراجع النمو في الربع الرابع من 2015 إلى %1.4 بعد أن كان قد بلغ %3 في المتوسط في الربعين اللذين سبقا ذلك. ويبدو أن النمو البطيء قد استمر في الربع الأول من العام الحالي، حيث تبلغ التوقعات المجمع عليها للنمو %1.2 بحسب بلومبيرج.
ثانيا: هناك اعتقاد بأنه لم تعد لدى صناع القرار حلول كثيرة لتحفيز الاقتصاد. وخير مثال لذلك منطقة اليورو واليابان، فقد أدى تخفيض السياسة النقدية بحدة في هاتين المنطقتين، بما في ذلك اعتماد أسعار فائدة سلبية، إلى رفع قيمة العملة بدلا عن تخفيضها. ويشير هذا التطور غير المتوقع إلى أن الأسواق المالية ربما تكون قد فقدت الثقة في قدرة البنوك المركزية على تحفيز الاقتصاد في ظل صدمات معدلات النمو السلبية.
ثالثا: تراجعت أسعار النفط بشكل حاد في مطلع العام مع تضاؤل الرغبة في تحمل المخاطر في الأسواق المالية. وعلى الرغم من أنه من المفترض لتراجع أسعار النفط أن يدعم المستوردين بقدر ما يضر بالمصدرين الدوليين، لكن يبدو أن هناك علة في هذه المقاربة. وقد يكون السبب في ذلك هو اختلاف مدة الاستجابة لهذه الصدمات. فبينما يؤدي تراجع دخل الدول المصدرة للنفط إلى تخفيض مباشر للإنفاق، يبدو أن عملية جني المكاسب تتحقق ببطء في الدول المستوردة للنفط، وفقا لتقرير “QNB”.
رابعا: هناك عدد من العوامل غير الاقتصادية التي كان لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي. ومن بينها عوامل سياسية كحالة عدم اليقين بشأن نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة واحتمال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. كما هناك مخاوف أمنية بشأن الهجمات الإرهابية والحروب الأهلية الإقليمية. إضافة إلى ذلك، فإن الفيضانات القوية والجفاف الذي تسببت فيه ظاهرة النينو قد أثر سلبا على الاقتصاد في العديد من المناطق.
استنتاجات
فهل التقديرات الجديدة للصندوق بنسبة %3.2 للنمو العالمي واقعية؟ بشكل عام، يبدو ذلك واقعيا رغم وجود أسباب للتشاؤم وأيضا للتفاؤل. في الجانب السلبي، هناك مخاطر زيادة حالة الارتباك في الأسواق المالية بسبب الرفع المبكر لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، خصوصا في ظل الاعتقاد السائد بعدم قدرة البنوك المركزية في بقية العالم على فعل الكثير. كما هناك مخاطر باحتمال تسبب التحول الجاري في الصين من الاستثمار إلى الاستهلاك في بعض النكسات في الاقتصاد العالمي بالنظر إلى حجم الصين ودورها في النمو العالمي وتأثيرها على التجارة العالمية وأهميتها لأسواق السلع. علاوة على ذلك، فإن مخاطر هروب رؤوس الأموال تظل مرتفعة مع احتمال تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة
وارتفاع ديون الأسواق الناشئة بالعملة الأجنبية.
وفي الجانب الإيجابي، فإن توقعات الصندوق لأسعار النفط (34.8 دولار للبرميل في عام 2016) تبدو غارقا في التشاؤم. ويبدو أن تقديرهم مبني على أساس أسعار العقود الآجلة التي تتسم بالتقلبات وتتحرك حسب الأسعار اليومية. وبالفعل، تحركت أسعار العقود الآجلة بقوة منذ كتابة صندوق النقد الدولي لتقريره، وتشير في الوقت الحاضر إلى
متوسط سعر بواقع 42 دولارا للبرميل في اليوم في عام 2016. وهذا قريب من توقعات “QNB” بمتوسط 40.8 دولار للبرميل الذي يجمع ما بين تحليلات العرض والطلب إلى جانب المعلومات التي يتضمنها إجماع التوقعات وأسعار العقود الآجلة.
عموما، فإن الاقتصاد العالمي لا يزال معلقا بسبب حالة عدم اليقين، كما يحتمل أن يستمر البطء في وتيرة تعافيه، بحسب “QNB”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.