بعد يوم من التوصل أخيراً إلى اتفاق إيران النووي ارتفعت أسعار النفط إذ يدرك المستثمرون أن طهران تحتاج بعض الوقت لزيادة الإنتاج لكن زيادة صادراتها في نهاية المطاف ستزيد من تخمة أسواق لديها ما يكفي من المعروض بالفعل. وبالتالي فان تغير قواعد “لعبة” منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” قد تؤجل وفقاً لمحللين.
وبموجب الاتفاق ترفع عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن إيران مقابل تقييد برنامجها النووي.
وقال ريتشارد نيفيو مدير برنامج الإدارة الاقتصادية والعقوبات وأسواق الطاقة في المركز الأميركي لسياسات الطاقة العالمية «لن يتدفق النفط الجديد من إيران حتى 2016 وربما يكون أقل من توقعات المتفائلين».
وأضاف «أتوقع أن يدخل ما بين 300 ألف و500 ألف برميل من النفط السوق خلال ستة شهور إلى 12 شهراً من تنفيذ الاتفاق».
وجرى تداول عقد شهر أقرب استحقاق من خام القياس العالمي مزيج برنت عند 58.72 دولاراً للبرميل مرتفعاً 21 سنتاً عن آخر تسوية. وصعد الخام الأميركي الخفيف 28 سنتاً إلى 53.32 دولاراً للبرميل.
اتفاق
وقالت مجموعة بلاتس للمعلومات حول الطاقة إن «العقوبات الاقتصادية والنفطية ضد إيران سترفع بعد اتفاق 14 يوليو حول برنامجها النووي لكن السوق لن يتلقى مزيداً من الخام فوراً». وأضافت أن «السوق لن تشهد على الأرجح ارتفاعاً في شحنات النفط الإيراني قبل العام المقبل».
لكن في حال رفع العقوبات، يشكك المراقبون النفطيون في قدرة إيران على إنتاج مليون برميل إضافي يومياً في الأشهر التي ستلي هذه الإجراءات، كما أعلنت في يونيو.
أما الخبراء في وكالة التصنيف المالي فيتش الذي يقدرون حجم الصادرات الحالية للجمهورية الإسلامية بـ1.1 مليون برميل يومياً مقابل 2.5 مليون برميل قبل 2012، فيرون أن الإنتاج الإيراني لن يكون قادراً على تجاوز الـ700 ألف برميل يومياً العام المقبل «ويحتاج إلى سنوات للعودة إلى المستويات السابقة».
لكن المحللين يرون أن الأمر يحتاج إلى أشهر لتظهر آثار رفع العقوبات على صادرات النفط الخام الإيراني، مشيرين إلى قدم بعض المنشآت النفطية ومهل تطبيق الاتفاق النووي.
قواعد اللعبة
وقال مندوبون خليجيون لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن من المرجح أن تبقي المنظمة على إنتاجها النفطي دون تغيير وتدافع عن حصتها في السوق هذا العام بعد توصل إيران لاتفاق نووي مع القوى الكبرى نظراً لأن العودة الكاملة للخام الإيراني إلى السوق لن تأتي سريعاً.
غير أن 2016 سيكون عاماً صعباً على المنظمة حيث من المتوقع أن يتم فيه تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على إيران بما يسمح لها بزيادة إنتاجها وصادراتها من النفط.
صحيح أن إصرار طهران على استعادة وضعها كثاني أكبر منتج في أوبك بعد توصلها للاتفاق سيشعل منافسات جديدة داخل المنظمة إلا أن المراهنة هي على أن ارتفاع الطلب في العام المقبل قد يساعد السوق على امتصاص الكميات الإضافية.
وقال مندوب خليجي كبير لدى أوبك لرويترز «إذا تباطأ الإنتاج من خارج أوبك كالمتوقع وفي نفس الوقت واصل الطلب نموه في العام المقبل على افتراض عدم ارتفاع (إنتاج) العراق كثيراً وعدم عودة ليبيا فإن السوق ستستوعب النفط الإيراني».
وتتوقع أوبك ارتفاع الطلب العالمي على النفط 1.34 مليون برميل يومياً في 2016 من نمو قدره 1.28 مليون برميل يومياً هذا العام.
واتفق المندوب الخليجي الكبير مع مسؤولين آخرين بالمنظمة وبعض المحللين في القول إن من المستبعد رفع العقوبات المفروضة على إيران حتى 2016 وإن هدف إيران زيادة إنتاجها بواقع مليون برميل يومياً قد لا يتحقق قريباً.
وقال كارستن فريتش محلل النفط لدى كومرتس بنك لمنتدى رويترز النفطي العالمي إن من المستبعد أن تصدر إيران كميات إضافية تزيد على 500 ألف برميل يومياً. وأضاف «مليون برميل نفط إضافي يومياً من إيران إنتاجية ستغطي تقريباً الزيادة المتوقعة في الطلب في 2016 وتمحو تأثير تباطؤ إنتاج النفط الأميركي».
وقت
ولم يتضح بعد الوقت الذي سيستغرقه رفع العقوبات. ومن المستبعد جني كثير من الفوائد من رفع العقوبات حتى العام القادم نظراً للحاجة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق النووي. وقال مندوب خليجي آخر لدى أوبك «أسعار النفط ستهبط لكن يبقى السؤال.. هل ستعود إيران إلى نفس طاقة الإنتاج التي كانت عليها قبل العقوبات؟ أشك في ذلك».
معركة الحصص
وأجرت منظمة أوبك تعديلاً تاريخياً في سياستها في نوفمبر برفضها خفض الإنتاج لدعم الأسعار في مسعى لحماية حصتها في السوق. وأكدت المنظمة على هذه الاستراتيجية في اجتماعها في يونيو.
ولن تجتمع أوبك مجدداً حتى الرابع من ديسمبر. ويقول مندوبون لدى المنظمة إن من المستبعد أن تغير أوبك سياستها وتخفض إنتاجها إذ تفضل الانتظار حتى بعد ديسمبر لتقييم أثر تدفق النفط الإضافي الإيراني على السوق.
وقال مندوب خليجي «لا خفض. ليس في هذا العام بالتأكيد» مضيفاً أن من السابق لأوانه تقييم متى يمكن لإيران زيادة تدفقاتها النفطية.