كيف سيمضي قائد طائرة “سولار امبلس 2” العاملة بالطاقة الشمسية خمسة ايام دون توقف وحده في مقصورة ضيقة فوق المحيط الهادئ، وكيف سيأكل ويشرب وينام ويتفاعل مع الوحدة؟ اسئلة كثيرة تجعل من الرحلة التاريخية التي بدأتها الطائرة الاثنين للدوران حول العالم اختبارا لحدود الآلة والانسان على حد سواء.
وانطلق الطيار السويسري اندريه بورشبيرغ من ابوظبي صباح الأمس بالطائرة الثورية التي يفترض ان تدور حول الارض شرقا على اثنتي عشرة مرحلة وفي غضون خمسة اشهر دون استخدام نقطة وقود واحدة.
ويتناوب بورشبيرغ على قيادة الطائرة التي تتسع لشخص واحد، بين المرحلة والاخرى مع مواطنه برتراند بيكار الذي اطلق فكرة المشروع قبل 12 سنة ويفترض ان يقود المرحلة الثانية الثلاثاء من مسقط الى احمد اباد في الهند.
وستكون اطول المراحل بين الصين وهاواي، وستستغرق خمسة ايام من التحليق المتواصل.
وقال بورشبيرغ لوكالة فرانس خلال الاستعدادات للرحلة في ابوظبي “ان التحدي انساني اكثر منه تقنيا”.
واضاف “اعتقد ان المجهول في هذه الرحلة هو العنصر الانساني لان الطائرة مستدامة من ناحية الطاقة والمسألة هي كيف نجعل الطيار مستداما ايضا”.
ويؤكد مصمما الطائرة وقائداها ان “سولار امبلس 2” التي يبلغ وزنها وزن سيارة ولها اجنحة اكبر من اجنحة طائرة بوينغ 747، ان الآلة التي صنعاها تستطيع ان تطير من دون توقف، ليلا ونهارا، لايام واسابيع وربما اكثر.
لكن الانسان الذي يقودها لن يتمكن من الطيران من دون توقف، وهو بحاجة لنوع من الوقود، اي الطعام والمياه والاكسجين وغيرها.
وبما ان الطائرة تسير بسرعة متوسطة تتراوح بين 50 و 100 كيلومتر في الساعة، فان الرحلات ستكون طويلة ومضنية.
واضطر المصممون الى ايجاد حلول عملية لتسهيل استدامة الحياة في مقصورة صغيرة لمدة ايام. فالطيار يستخدم المرحاض وهو جالس على مقعده، كما يستحم بواسطة المناديل المبللة والمعقمة. اما الطعام، فقد اعد خصيصا لمنح الطيارين اكبر قدر من الطاقة والغذاء في اقل قدر ممكن من الطعام.
وقال بيكار بعيد اقلاع الطائرة “يجب ان نجعل مقصورة الطيران مثل منزل لنا، فنستخدم الحمام ونغسل انفسنا وناكل ونشرب ونحني مقعدنا ونستريح ونستعين بالطيار الاوتوماتيكي لكن علينا ان نبقى مسيطرين على الطائرة”.
لكن ايضا، كيف يمكن لقائد الطائرة الوحيد ان ينام بينما يقود طائرة تتجه اليها انظار العالم من اجل تحقيق اختراق للبشرية جمعاء، وكيف يمكنه ان يتعامل مع الوحدة؟
وقد اضطر بيكار وبورشبيرغ الى الاستعانة باساليب غير اعتيادية لمواجهة هذه التحديات.
وقال بيكار لوكالة فرانس برس “لقد لجأ اندريه الى تمارين اليوغا اما انا فقد تدربت على التنويم المغناطيسي الذاتي”.
واكد اعضاء من فريق “سولار امبلس 2” ان اليوغا تهدف الى مساعدة الطيار على الاسترخاء والتركيز والتعامل مع الواقع الصعب في السماء. اما التنويم المغناطيسي الذاتي فيمكن الطيار من الدخول في سبات عميق لفترة قصيرة نسبيا هي عشرون دقيقة، بينما يشعر عند الاستفاقة بانه نام عدة ساعات.
واذا ما واجهت الطائرة مشكلة في الجو بينما الطيار نائم، يمكن للفريق المساند على الارض ايقاظه.
وسيكون الطيار متصلا على مدار الساعة مع مركز تحكم يعمل فيه 65 شخصا في موناكو، كما سيكون متصلا مع العالم اجمع عبر بث حي من خلال موقع الرحلة الالكتروني.
وسيجري الطيار مقابلات صحافية وحوارات مع جامعات ومدارس حول العالم من الجو، وذلك للتأكيد على رسالة الرحلة التي يمكن تلخيصها بنقطتين: العالم قادر على خفض نصف استهلاكه من الطاقة، وبالامكان تأمين حاجاته من مصادر نظيفة بواسطة تقنيات متوفرة الآن. وقال بيكارد لوكالة فرانس برس “عندما نحاول تحقيق امر لم يجربه احد من قبل ولا نعرف ما ستكون المشاكل التي سنواجهها، فنحن نكون امام المجهول وعلينا ان نجد الحلول ايا تكن، تقنية او انسانية او لوجستية”.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-6aL