الصناديق السيادية العربية .. ما لها وما عليها

admin
مقالات
admin20 أبريل 2012آخر تحديث : منذ 12 سنة
الصناديق السيادية العربية .. ما لها وما عليها

اراء2  - مجلة مال واعمالمسألة التوفير قديمة بقدم الخليقة وليست حصرية على الإنسان. حتى بعض الحيوانات والحشرات تخزن مؤنا لها لإعالة نفسها في فصول لا تمنحها الطبيعة ما تعتاش عليه. والإنسان بطبيعته ميال إلى الاقتناء والتوفير، أي وضع ما يفيض عن الحاجة جانبا والعودة إليه حين اشتداد الحاجة.

والصناديق تعد جزءا من الاستثمار ولكنها ليست أفضل الاستثمار. أفضل الاستثمار هو الذي يؤدي إلى تشغيل أيد وطنية عاملة من خلال توطين الصناعة والعلوم بشتى أصنافها لتلبية متطلبات السوق المحلية وكذلك التصدير.

وقد لا نجافي الحقيقة الاقتصادية إن قلنا إن الاستثمار من خلال الصناديق السيادية على الطريقة العربية استثمار محفوف بالمخاطر أولا، وثانيا استثمار قلّما يلجأ إليه بالكميات الهائلة المعروفة منها فقط من كان حقا حريصا على تطوير بلده.

كل البلدان العربية في حاجة ماسة إلى النهوض بقطاعات التعليم والصحة والزراعة والصناعة والقضاء على البطالة، فما فائدة المليارات والمليارات المكدسة لدى الأجانب إن كان قطاع التعليم أو الصحة متخلفا على سبيل المثال؟

وولع العرب بالاستثمار في بلدان غير بلدانهم إن كان من خلال الصناديق السيادية أو غيرها وإن كان على مستوى الدول والمؤسسات أو الأفراد صار شأنا غريبا وعجيبا في الوقت نفسه. فمثلا يمتلك العرب حصصا كبيرة جدا في كثير من الشركات السويدية العملاقة، منها ما يختص بإنتاج حلقات تكنولوجية حيوية، ولكن لا تأثير للمستثمر العربي لا في الشركة ولا في السياسة السويدية.

كل هذه الاستثمارات لم تقنع الحكومة اليمينية الحالية أن تصوت لمصلحة فلسطين في منظمة يونسكو. كانت السويد الدولة الإسكندنافية الوحيدة التي صوتت ضد قرار انضمام فلسطين إلى المنظمة.

الاستثمارات العربية في الخارج ليست مثل الاستثمارات الصينية لأن متلقيها يتصورون أنهم يتفضلون على العرب بقبول تشغيل أموالهم. مع الصين الأمر مختلف. الغرب يتوسل إلى الصين كي تستثمر ويقدم لها التنازل التجاري والمالي والسياسي تلو الآخر كي تستثمر.

فشرط الاستثمار للعربي شيء وشرط الاستثمار لغيرهم يبدو أنه شيء آخر. وإن قلت إن الأموال العربية الهائلة الموجودة في خزائن الغرب على شكل سندات أو عقارات أو أسهم أو ملاعب أو بأي شكل آخر أمينة فقط طالما كانت تدر الأرباح والفوائد لمتلقيها، وطالما كانت سياسات الدول والأفراد والمؤسسات المستثمرة تقع ضمن الأولويات السياسية والاقتصادية للبلدان المتلقية لما صدقني البعض.

سيف الحجز والحصار مسلط على أي مستثمر أجنبي في الغرب لا يملك من القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تمكنه من رد الصاع صاعين. والوضع اليوم لا يسمح للعرب بالتنافس مع الغرب مثل الصين أو روسيا اللتين هما في حال تنافس تجاري حاد وصراع سياسي شديد مع الدول الغربية. ولهذا تستخدمان استثماراتهما لتحقيق أهداف سياسية أو تجارية أو اقتصادية تعود فائدتها للبلد ومواطنيه أولا وليس على البلدان المتلقية حصرا.

ومع أن للعرب، ولا سيما دول مجلس التعاون، استثمارات هائلة في دول السوق الأوروبية المشتركة لم يستخدم العرب هذا السلاح المالي حتى لإقناع هذه الدول لتوقيع اتفاق شراكة يميل لمصلحة العرب كما هو الحال مع إسرائيل مثلا.

والكل يعلم، ولا سيما الغرب وأمريكا، أن الاستثمارات العربية تنعش اقتصادات الدول المتلقية وأن دول مجلس التعاون يهمها كثيرا شأن الاقتصاد العالمي من خلال تحسين الوضع المالي للدول الغربية الصناعية من خلال السيطرة على إنتاج وأسعار الطاقة.

ولكننا لا نعلم إن كان الغرب حريصا بهذا الشكل على الاقتصادات العربية ولا نعلم إن كان الغرب سيفعل أي شيء للعرب إن هوت أسعار النفط إلى مستويات لا تتحملها الاقتصادات العربية.

*نقلا عن الاقتصادية

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.