أستاذة جامعية….باحثة… مؤلفة…مدربة دولية…مستشارة لوزير التنمية الإجتماعية..رئيسة وحدة الارشاد النفسي…أخصائية نفسية واجتماعية…نائبة رئيس بلدية….رئيسة جمعية خيرية…ناشطة اجتماعية… ست بيت من الطراز الأول…جميعها القاب تليق بضيفتنا لهذا العدد
الحديث عن شخصية أكاديمية وفكرية وتربوية فذة بحجم الوطن وحبنا له، تكاد تجعل الكلمات حائرة وهو ما حدث الآن في حديثنا عن الدكتورة نهله القرعان العملاقة الأكاديمية التي لا يشق لها غبار .
فقد عملت بصمت، وأثمرت جهودها عند الجميع، فحققت نفع للوطن والمواطن، فلها كل التحية والاحترام لما قدمته في سبيل ازدهار العلم والتعليم، والى الأمام.
الدكتورة نهله القرعان صاحبة الشجاعة التي لا توصف، المقاتلة الشرسة، التي تصدح حنجرتها بقول الحق، ولا تخشى في ذلك لومة لائم.
لها بصمات لا يمكن أن تنسى أوتُمحى، حققت الكثير من الانجازات، وسعت، في كل مرة تجدها تحمل فكراً ناضجاً، وتستسقي معلومات جديدة، بحر من العلم والمعرفة.
وفوق كل هذا تتمتع الدكتورة نهله بكاريزما عالية، منفتحة على كل الاتجاهات، ذات حضور جذاب، ومنطق خيالي، وجرأة طبيعية لمسناها خلال ترؤسها وإدارتها وعرافتها لكثير من الحفلات والمناسبات الوطنية، فرؤيتها للحياة تنبع من تجربة كبيرة رغم صغر سنها، وهي واحدة من الشخصيات النسائية اللواتي صنعن مستقبلهن بعصامية.
وهي واحدة من القلائل اللواتي وضعن لهنّ بصمة في كافة مجالات الحياة، ذات رؤية واضحة، ولها بصمات في كل موقع احتلته طوال فترات عمرها العملي. تميزت وأتقنت صنع المستحيل، وطوعته بذكاء وحسن تقدير، أكاديمية، وسيدة مجتمع، وريادية، ومبدعة، هي ايضاً القاب تليق بإبنة اربد، إبنة السنوات الجميلة التي شكلت رؤيتها للمستقبل. .
” نهله….فتاة عربية اردنية ريفية، تتلمذت في مدرسة هاشمية بها من العراقة والأصالة ما يدفعها ألّا تسأل ماذا قدم لها الوطن، بل تسأل نفسها في كل لحظة ماذا قدمت هي للوطن، وماذا عليها أن تقدم؟” …. بهذه الكلمات عرّفت نفسها وهي تخطو خطواتها الواثقة في سنواتها الأولى من الانخراط بالعمل العام عندما تم اختيارها فارسة بالبرنامج الجماهيري يسعد صباحك بداية عام 2001م، وتم اختيارها بعد ذلك الفارسة المتميزة بمناسبة مرور عشرة اعوام من تأسيس البرنامج عام 2003م، فلم يكن شعاراً فقط بل هي مسيرة حياة، وهو ما اختصرته عنواناً لبرنامجها الانتخابي عندما تم ترشحها للانتخابات النيابية عام 2007م ولم يحالفها النجاح.
” أنا وأنتم … سيرة ومسيرة” سيرة يشهد لها القاصي والداني.
سيرة ذاتية حافلة بالانجازات لا بالمناصب، لا تجامل، انسانة وعروبية ومنطقية في نفس الوقت، تناضل لنشر السلام وقبول الآخر وتقبل كافة الآراء وتحترمها.
تحلق بثقافتها وأفكارها في فضاءات لا حدود لها، وتنتقل بين زهرة وأخرى لتنشر لمساتها الإنسانية الساحرة هنا وهناك، فتداوي جراح هذا، وتشارك تلك أفراحها وأحزانها، وتتبادل الخبرات التي ترتقي بكل منهن.فهي كما وصفها الشاعر الكبير معالي الأستاذ جريس سماوي -رحمه الله- نهله كالنحلة في الجدّ والنشاط والحركة المستمرة والنظرة الثاقبة، وتنشر العسل والفرح لكل من يحيط بها، شقت طريقها نحو مجالات كثيرة من العمل العام، فهي أكاديمية تفوقت على نفسها، وهي رائدة الإعلام التطوعية، وجدت البيئة الخصبة لتنمية افكارها (وتُرجع الفضل في ذلك بعد الله جلت قدرته الى والديها، الأم- رحمها الله- الطيّبة البسيطة المكافحة والتي تواصل الليل بالنهار لتربية أبنائها التربية الصالحة ومخافة الله وحب الوطن، والأب-أطال الله في عمره- العصاميّ المناضل العروبي الجندي الذي التحق بالخدمة في القوات المسلحة رغم أنه وحيد والديه، ليتقاعد في سن الخامسة والثلاثين وينطلق بعدها في عالم الزراعة وحب الأرض ثم العمل في التجارة وصياغة المجوهرات، سيرة مكافح قدوة ونموذجاً يحتذى به ويستحق منا جميعاً الدعاء له بدوام الصحة والعافية وطول العمر، أبوين زرعا في أبنائهم حبّ العلم والعمل الشريف فأبدع كلّ منهم في مجاله فكان منهم الأستاذ الجامعي والطبيب والمحامي والمهندس ومربي الأجيال والكابتن الرياضي- رحمه الله- هذه المسيرة التي توارثها الأحفاد فلم يكونوا أقل طموحاً وإبداعاً ممن سبقهم من الأعمام أو الأخوال …ولله الحمد القافلة تسير بثبات رغم ما مرّ بالعائلة من منغّصات ومصائب بفقدان شابين من أميز وأروع شباب العائلة الشهيد علي والكابتن رزق الذي ترك خلفه أطفاله الثلاثة اللذين لم يتجاوز أكبرهم السبعة أعوام، أعانهم الله وجعلهم الذرية الصالحة.
نهله تملك افكاراً لا مثيل لها وفي نواحي متعددة، نعم هكذا يولد الانسان وهكذا يطوع الانسان الحياة ليكون على حجم العمل الملقى على كاهله، أبهرتنا بسيرتها الذاتية التي جعلت حروفها تفف عاجزة عن اختصار الانجاز فارتأيت أن انقل مسيرتها واضعها بين ايديكم لتكون مرجعاً لمن يبحث عن الانجاز..
تحمل الدكتورة نهله القرعان درجة الدكتوراة في التوجيه والإرشاد النفسي والتربوي، وتعتبر سنواتها الجامعية في الدفعة الأولى من قسم علم الإجتماع في مرحلة البكالوريوس في جامعة اليرموك المرحلة الأكثر تأثيراً وصقلاً لشخصيتها ونظرتها للحياة وانخراطها في العمل العام، فعملت على تأسيس جمعية سيدات تخدم لواء الطيبة وهي في السنة الدراسية الثانية، ومنذ ذلك الوقت واصلت مسيرتها عينٌ على الكتاب والأخرى على العمل العام حتى حققت فيه مواقع عدة. والقرعان تعمل حالياً أستاذ مساعد في قسم الإرشاد النفسي والتربوي وقسم الاصلاح والارشاد الاسري في جامعة جدارا، كما وتحمل الدكتورة نهلة شهادات في تدريب المدربين، منها:
- مدرب معتمد لدى اتحاد المدربين العرب.
-مدرب معتمد لدى موسوعة التكامل الإقتصادي العربي الأفريقي
-شهادة تدريب المدربين (TOT)International College in London.
شهادة تدريب المدربين(TOT)Focus Academy for Consulting and Training هذا وقامت الدكتورة نهلة بتأليف كتابين ونشرت العديد من الابحاث العلمية القيمة وفي مجلات عالمية.
اما عن الخبرات العملية فحدث ولا حرج فهي ايقونة العمل الاكاديمي واليكم جزء من خبراتها العملية …
فقد عملت مستشارة لوزير التنمية الاجتماعية ورئيسة قسم الأخصائيات النفسيات في دار الوفاق الأسري خلال الأعوام (2004م-2007م) وخلالها عملت كعضو لجنة تطوير عمل الأخصائيين النفسيين والمرشدين الاجتماعيين في الوزارة، واستقالت من وزارة التنمية بسبب ترشحها للانتخابات النيابية عام 2007م ورغم انه لم يحالفها النجاح الا أنها تعتبرها مرحلة حاسمة من مراحل حياتها فقد تعلمت منها الكثير من الدروس والعبر التي شكلت لها نبراساً أضاء لها الطريق في خطواتها اللاحقة . وبعدها تم تعيينها نائبة لعميد شؤون الطلبة في جامعة جدارا عام 2010م، ثمّ عملت في جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز في المملكة العربية السعودية لمدة ثمانية أعوام (من عام2011م-2019م) وإلى جانب التدريس كانت ترأس وحدة الإرشاد والدعم النفسي ووحدة التدريب على مستوى الجامعة في محافظاتها السبعة الممتدة من محافظة الخرج الى محافظة وادي الدواسر، وتعتبر القرعان هذه المرحلة مرحلة حاسمة زاخرة بالإنجازات والعلم والمعرفة قدّمت خلالها عشرات الدورات التدريبية والتوعوية في مختلف المجالات وتابعت العديد من الحالات والبرامج الارشادية لطالبات الجامعة، كما عملت مديرة لصندوق السلف والإعانات لطالبات الجامعة، كل هذا كان بدعم من إدارة الجامعة والدعم المباشر من عميدها الأستاذ الدكتور مسفر الكبيري حفظه الله. هذا الى جانب العمل بالتدريس لطالبات الدراسات العليا في الإرشاد والإصلاح الأسري في الجامعة وتدريس جميع المساقات الخاصة بـ الإرشاد والإصلاح الأسري. كما عملت بالتدريس في كلية التربية بالدلم/جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز (من 2011-2019م). وقد درست جميع مساقات القسم منها : الصحة النفسية، مشكلات الطفل السلوكية،علم نفس النمو،مهارات الاتصال، تنمية مهارات التفكير، مدخل إلى علم النفس…وغيرها.
وخلال عملها في جامعة الأمير سطام قامت بالعديد من المهام، منها:
– مستشارة نفسية وأسرية لطالبات الجامعة.
– الإشراف على محور الأفلام التوعوية للمشاركات في المؤتمر السنوي لجامعة الأمير سطام في كلية التربية بالدلم.
-المشاركة في تحكيم أبحاث العلوم الإنسانية والاجتماعية للمشاركات في المؤتمر العلمي الرابع والخامس والسادس لطلاب وطالبات التعليم العالي للعام الدراسي (1433-1434هجري)
-عضو في لجنة وضع ضوابط صرف السلف والإعانات للطلاب والطالبات المحتاجات في مختلف كليات الجامعة
– مسؤولة عن نظام صرف السلف والإعانات للطالبات المحتاجات في مختلف كليات الجامعة
-عضو في فريق الهدف الاستراتيجي الأول للعام الجامعي 1437-1438هجري في الجامعة.
وبالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني قدمت العديد من الدورات التدريبية والورش والندوات العلمية في مختلف المجالات الخاصة بالأسرة والمجتمع المحلي. ومن المؤسسات التي قدمت فيها: مركز التنمية الإجتماعية بالأفلاج، لجنة التنمية الأهلية بالدلم، إدارة التربية والتعليم بمحافظة الدلم، جمعية الأفلاج للإصلاح الأسري والزواجي، مركز التنمية الإجتماعية في وادي الدواسر، إدارة التربية والتعليم في وادي الدواسر، إدارة التربية والتعليم في محافظة السليّل، مراكز التنمية الإجتماعية في محافظة حوطة بني تميم، مدارس روافد العالمية، مدرسة متوسطة وثانوية العالية بالخرج.
وفي نهاية العام الدراسي 2018-2019م قرأتْ إعلاناً صادراً عن جامعة جدارا بإستحداث قسم الإصلاح والإرشاد الأسري وحاجتها لأعضاء هيئة تدريس، فعاودها الحنين والإشتياق للعودة إلى الوطن الحبيب ورفد الوطن بما تراكم لديها من خبرات علمية وعملية في هذا المجال والعمل في جامعة جدارا التي تعشق وتفتخر دوماً بأنها أحد أعضاء الهيئة التدريسية في هذا الصرح العلمي الكبير، وفور عودتها للوطن قابلت عطوفة الدكتور شكري المراشدة رئيس هيئة المديرين ومدير عام جامعة جدارا وتقدمت بطلب للعودة الى جدارا العزّ، وكما هو المراشدة دوماً ذو ذكاء متوقد ورؤى وتخطيط استراتيجي وفارساً مقداماً في استقطاب الطاقات الوطنية ودعمها وتقديم يد العون لها، تم تحقيق حلمها بتعيينها من جديد عضو هيئة تدريسية في جامعة جدارا في قسم الارشاد النفسي والتربوي.
وخلال عملها في جامعة جدارا تسلمت عدداً من المهام، منها:
-عضو لجنة تحقيق الطلبة على مستوى الجامعة.
– رئيسة وحدة الدعم النفسي في عام2020
– رئيسة اللجنة الاجتماعية في كلية العلوم التربوية / عام2022م
– رئيسة لجنة شكاوى الطلبة ورئيسة لجنة الأنشطة الأكاديمية في قسم الارشاد النفسي والتربوي منذ عام 2021م ولتاريخه.
وبالاضافة الى تفوقها العلمي والعملي لم تنسى الدكتورة نهله الجانب التطوعي والإجتماعي، فقد قدمت للعمل العام سنوات طوال من الكدّ والجهد والوقت والعمل الدؤوب، ومن أعمالها التطوعية:
– نائب رئيسة بلدية الطيبة الجديدة / الأردن خلال (2001-2008م)
– رئيسة جمعية سيدات لواء الطيبة الخيرية منذ عام 1994 وحتى 2011م (ستة دورات متتالية)
-عضو مجلس استشاري لواء الطيبة / محافظة إربد من كانون الثاني عام 1995 وحتى 2011م
-أمينة سر تجمع لجان المرأة الوطني الأردني لمحافظة إربد منذ 2006 وحتى عام 2011م
– منسقة للجان المرأة عن لواء الطيبة لأربع دورات متتالية تموز من عام 1995 م وحتى عام 2011
– عضو إداري في نادي خريجي جامعة اليرموك عام 2006-2009م
– عضو في المجلس الأمني للواء الطيبة منذ عام 2003 وحتى عام 2011 م
– رئيسة لجنة تجميل بلدية الطيبة الجديدة خلال (2001-2008م)
-عضو في اللجنة اللوائية للتنظيم في لواء الطيبة خلال (2001-2008م
-عضو في المجلس الصحي للواء الطيبة منذ عام 2004م وحتى2011م
-عضوفي المجلس التربوي لتربية إربد الثالثة منذ عام 2004 وحتى عام 2011
– مستشارة وخبيرة أسرية في تجمع لجان المرأة الوطني الأردني منذ عام 2000م-2011م
– مدربة في مجال التنمية البشرية: مهارات الاتصال والبرمجة اللغوية العصبية
– مدربة في مجال تمكين الشباب في تجمع لجان المرأة الوطني الأردني خلال السنوات 1997-2011م
– مستشارة نفسية ومدربة على كيفية تشخيص الأمراض العقلية ومرض التوحد في جمعية الطفل المعاق الخيرية / الأردن 1997 وحتى 2005م
هذا وقد تم تكريم الدكتورة نهلة بالعديد من الجوائز والدروع من داخل الاردن والخارج.
وعلى الرغم من هذه الأدوار المتعددة والمواقع والمهام التي شغلتها إلّا أنها حرصت على أن تكون ست بيت من الطراز الأول، فإذا دخلت منزلها ورأيت حديقة البيت يهيأ اليك أنك أمام منزل مهندسة زراعية وفنانة وضعت لمساتها بكل دقة في كل ركن من أركان البيت، وإذا تناولت بعضاً من طهيها تظنّ انك أمام شيف مبدع بالطهي والتقديم. وإذا رأيتّ فستاناً أحاكته أو قطعة كروشيه قامت بعملها يهيأ اليك أنك أمام خياطة ماهرة فرّغت نفسها لهذا العمل… والأهم من كل هذا أنك إذا أتيتها ضيفاً تلاقيك بكرمها العربي الأصيل وبكل ترحاب وتهليل هي وزوجها وأهل بيتها حفظهم الله.
وما أن تدخل مكتبتها الخاصة الا وتجد نفسك تغرق ببحر من العلم وبآلاف الكتب القيّمة والمتنوعة في شتى المجالات والتي تعبر عن شخصية ذات ثقافة واسعة ومتعددة وإن كانت تركّز على كتب علم الاجتماع والإرشاد النفسي وعلم النفس وكتب تنمية وإدارة الذات.وهي تعتبر أن الكتاب الورقي شيء عظيم ومقدّس، ومهما تطورت التكنولوجيا والإنترنت فلا غنى عن الكتاب الورقي، وهذا ما يؤلمها عندما ترى طلبة الجامعة يمزقون كتبهم أو يتلفونها بعد الانتهاء من تقديم امتحانات المساق، وكم كانت سعيدة وهي تعرض لنا كتبها ومراجعها في مرحلة البكالوريوس بعد مضي ما يزيد عن ربع قرن من تخرجها من تلك المرحلة.
وبعد …
بعد هذا العرض المختصر لسيرة هذه السيدة العصامية رأينا في عينيها الرضا عما قدّمته فيما مضى من خطوات عمرها وما زال لديها الكثير من الأحلام والطموحات والآمال التي تسعى إلى تحقيقها برفقة ودعم من زوجها المستشار القانوني الحاصل على الماجستير في القانون الأستاذ محمد خير سطام العلاونه، والذي حطّ رحاله في ربوع الوطن بعد ما يزيد عن ثلاثة عقود من الإغتراب، ليستقرّ بهما المقام في عروس الشمال مدينة اربد ليتنسّما عبق زهورها ورائحة ترابها الزكية وعلى بُعد كيلومترات معدودة من مسقط رأسهم بلدة الطيبة… طيبة الطيبين على مقربة من الأهل والعشيرة والأحبة…