في عالم يزداد تعقيدًا، تظل بعض الشخصيات تذكّرنا أن الإصرار على التعلم والعطاء لا يرتبط بعمر أو مكان. من مدينة القدس، خرجت الدكتورة سناء عمر درويش الكرد لتسطر حكاية استثنائية لامرأة سخّرت حياتها لتكون جسراً بين العلم والرحمة، بين الحكمة والممارسة، وبين التراث والمعرفة الحديثة.
نشأت سناء في بيئة تؤمن بأن العلم عبادة والعطاء رسالة، فاختارت طريقًا فريدًا يجمع بين التخصص الأكاديمي، والإبداع الحرفي، والعلاج الطبيعي الشامل. بعد حصولها على دبلوم في الرياضيات، فتحت أبواب التميز المهني بحصولها على دبلومات في الأشغال اليدوية، وصناعة الأزهار والورود، والتحف الفنية، ثم توسعت إلى مجال التجميل والعناية بالبشرة والشعر والجسم.
ولأن الإيمان جزء من رسالتها، حصلت على دبلوم في التجويد وحفظ القرآن الكريم، بالإضافة إلى شهادة تربوية لتدريس القرآن وعلوم التجويد على رواية حفص، لتجمع بذلك بين العلم الدنيوي والمعرفة الروحية.
من القدس إلى أمريكا… ومن الحرف إلى الحكمة
ولأن شغفها بالعلم لا يعرف حدودًا، انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث حصلت على شهادتين متخصصتين في تركيب الأدوية العشبية، والزيوت العلاجية، والكريمات الطبية، إضافة إلى علاجات بمنتجات النحل، وسم النحل، ودودة العلق، ما منحها خبرة علمية نادرة في مجال الطب البديل الطبيعي.
تابعت مسيرتها بتحصيل دبلومات متعددة في الحجامة بأنواعها الخمسة، بما فيها النفسية، إضافة إلى دبلومات في العلاج بالتغذية والمساجات العلاجية الصينية والتايلاندية، إلى أن حصلت على درجة الدكتوراه في العلاج بالطب البديل، والحجامة، والعلاجات الفسيولوجية والإلكترونية.
كما نالت ثلاث شهادات من المعهد الإفريقي الدولي العالمي للطب البديل والحجامة، وشهادة دولية في التدريب تؤهلها لتقديم دورات احترافية ومنح الشهادات المعتمدة في جميع مجالات تخصصها.
15 عامًا من الخبرة… تثمر تميزًا وتبني ثقة
خلال مسيرة امتدت لأكثر من 15 عامًا، جمعت الدكتورة سناء الكرد بين الدراسة المستمرة والممارسة التطبيقية، فبنت لنفسها اسمًا موثوقًا في أوساط الطب البديل والتكميلي في العالم العربي. سنوات طويلة من التدريب، والعلاج، والبحث، والتطوير، جعلتها من القامات النسائية المتميزة في هذا الحقل الإنساني والعلاجي النبيل.
طريق العافية… حيث تلتقي الخبرة بالرسالة
اليوم، تُقيم الدكتورة سناء الكرد في الأردن، وتواصل عطاءها من خلال مركزها العلاجي والتدريبي “طريق العافية للحجامة”، الذي لا يُعد مجرد مركز علاج، بل مؤسسة متكاملة للتمكين الصحي والتأهيل العلاجي الطبيعي. في هذا الفضاء، تدمج الدكتورة بين المعرفة التقليدية والخبرة العصرية، لتقدّم خدمات متخصصة في الحجامة والطب البديل، وتدرّب الراغبين في التخصص المهني وفق أعلى المعايير العلمية والعملية.
العلم حياة… والشغف لا يموت
ما يميز الدكتورة سناء الكرد ليس فقط تعدد الشهادات، بل رسالتها الإنسانية المتجذرة في إيمان عميق بأن التعلم لا يتوقف أبدًا، كما تؤكد دائمًا:
“ما زلت أدرس وأدرّس عبر الزوم، وسأبقى أتعلم حتى آخر العمر… إيمانًا بالمثل: اطلب العلم من المهد إلى اللحد.”
إنها ليست مجرد طبيبة أو مدرّبة، بل سيدة من القدس أعادت تعريف الطب البديل كعلم ورسالة، وأثبتت أن الإصرار والمعرفة قادرتان على بناء منظومة شفاء متكاملة تستند إلى الأصالة، وتتطلع للمستقبل.


