يجتاز القطاع المصرفي في الكويت مرحلة من التحول الرقمي، حيث يتحرك أقوى قطاع اقتصادي غير نفطي في البلاد بشكل متزايد لتلبية الطلب من قبل جيل الشباب ذوي الخبرة في الخدمات الرقمية والاطلاع في مجال التكنولوجيا.
وفي ضوء ذلك، قالت مجموعة اوكسفورد بيزنس غروب ان المؤسسات الخاصة تولت قيادة الطريق من خلال اطلاق العديد من المبادرات الجديدة، بما في ذلك نظم الأمن البيومترية وأجهزة الصراف الذكي، في حين يسعى البعض الآخر لتحسين قابلية التشغيل البيني والعمليات المصرفية المتبادلة فضلا عن نظم الدفع الإلكتروني وتقديم خدمة العملاء الرقمية.
واستشهدت المجموعة بما قام به بنك الكويت الوطني بعد إطلاق قسم الابتكار والرقمنة لتحسين خدمة العملاء عبر الإنترنت، حيث أعلن في مايو الماضي افتتاح مركز لخدمة العملاء في بيان يتبنى الاساليب الرقمية بالكامل، وذلك كجزء من استراتيجية البنك للانتقال نحو الفروع الافتراضية ومراكز خدمة العملاء على الإنترنت.
وفي الشهر ذاته، كشف بيت التمويل الكويتي وبنك الائتمان النقاب عن توقيعهما اتفاقية بروتوكولية للمدفوعات الإلكترونية، وبمقتضاها يمكن لعملاء «بيتك» اجراء الدفعات لبنك الائتمان من خلال موقع بيتك الإلكتروني، ما يشير إلى أن البنوك أصبحت تدرك بشكل متزايد الطلب على التشغيل البيني وتقديم الخدمات بصورة سلسة واكثر مرونة.
ومضت «اوكسفورد بيزنس غروب» الى القول ان بنك الخليج كان أيضا في طليعة رواد الابتكار الرقمي في الكويت، ليصبح أول بنك في منطقة الخليج يقوم بإطلاق منصة باستخدام القياسات البيومترية للأمن المصرفي الرقمي في مايو 2016، حيث أنشأ بالتعاون مع شركة داون الأميركية للرقابة البيومترية، نظاما يجمع بين التعرف على الهوية من خلال اللمس وبين تقنية التعرف على الوجه.
ويمكن للعملاء استخدام الكاميرا على هواتفهم الذكية واجراء عملية مسح على وجوههم في غمضة عين، الامر الذي يتيح الوصول إلى الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول دون كتابة الارقام السرية للمصادقة على العملية.
وفي الربع الثاني من العام الماضي، قام البنك أيضا بإعادة إطلاق بوابة الخدمات المصرفية عبر الإنترنت لتحسين الأداء الوظيفي، وأنشأ شبكة صغيرة من خدمات إدارة المعلومات، التي تتيح للعملاء إجراء مكالمات فيديو في الوقت الحقيقي إلى المسؤولين في القطاع المصرفي، ما يلغي الحاجة إلى زيارة الفرع المحلي.
من جانبه، استفاد بنك بوبيان الاسلامي من تبني التكنولوجيا الرقمية، حيث أفاد بأن الاصول والايرادات التشغيلية وودائع العملاء ارتفعت بنسب 18% و17% و15% على التوالي في عام 2015، وذلك على خلفية قاعدة عملاء متنامية.
ويعزى ارتفاع عدد العملاء إلى عروض الخدمات المصرفية المتنقلة والجديدة عبر الإنترنت، ما يسلط الضوء على إمكانات الابتكار الرقمي لزيادة إيرادات البنوك وأرباحها ونموها على المدى الطويل، ويأتي الدفع من قبل البنوك لتعزيز التفاعل مع العملاء من خلال التكنولوجيا وتحسين عروضهم الرقمية استجابة لطلب قوي من المستهلكين.
وفي استطلاع أجرته شركة ايرنست اند يونغ في مايو 2016 شمل 2000 من عملاء البنوك الكويتية، تبين أن 27% فقط من تفاعلات العملاء المصرفية تم إجراؤها عبر الهواتف الذكية، على الرغم من أنها وجدت أيضا أن 89% من عملاء البنوك في الكويت سيكونون مستعدين للتحول من بنك الى آخر للاستفادة من تجربة رقمية أفضل.
في حين أن 80% سيكونون على استعداد للانتقال إلى بنوك تعتبر الرقمية فيها الخيار الاول، فيما أفاد 90% من هؤلاء أنهم سيفتحون حسابات لدى بنوك تعتبر الرقمية فيها الخيار الاول مع توفير أساليب دفع إلكترونية سهلة وفروع فعلية محدودة.
وترى «ايرنست اند يونغ» ان العملاء لديهم فهم جيد لفوائد الخدمات المصرفية الرقمية، وانهم مستعدون لدفع تكلفة اكبر للحصول على خدمة رقمية ملائمة ومريحة، ومع ذلك وجدت الدراسة أيضا أنه يتعين على البنوك عمل المزيد لتعزيز تجربة الخدمة الالكترونية بهدف انطلاقة مهمة في هذا المضمار.
وأفاد 85% من أفراد العينة بأنهم امتنعوا في السابق عن استخدام الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، نظرا لغياب قناة رقمية مفضلة، وصعوبة الوصول إلى منصة رقمية، وتجربة مستخدم غير محدودة، وبطء تنفيذ العمليات.
وانتهت المجموعة الى القول انه رغم استمرار تراجع أسعار النفط العالمية، فإن القطاع المصرفي الكويتي ظل مربحا ويتمتع برسملة عالية، حيث أفادت معظم البنوك بنمو قوي في الأرباح في الربع الأول من هذا العام، مدفوعا بالدخل الأساسي، كما سجلت البنوك التي اعتمدت الرقمية نتائج مالية إيجابية.
وعلى الرغم من أداء القطاع المصرفي بشكل جيد في السنوات الاخيرة، الا ان الابتكار يمكن أن يكون محرك نمو مهما في المستقبل، ويدعم الربحية، ويتيح للجهات التي تتبنى الرقمية الاستحواذ على حصة أكبر من السوق، مع توفير فرص جديدة لمزودي الخدمات التكنولوجية والمالية والامنية.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-klC