الاميرة هيا : إذا كان الزواج مدرسة فزواجي من الشيخ محمد بن راشد جامعة

أخبار الإمارات
16 مايو 2016آخر تحديث : منذ 9 سنوات
الاميرة هيا : إذا كان الزواج مدرسة فزواجي من الشيخ محمد بن راشد جامعة

Z_2om9NdAziE0OcsG

تمثلينَ المرأة العربية الشابة العملية والمقدام، وكنتِ العربية الأولى التي ترأس الاتحاد الدولي للفروسية وتشارك في أولمبياد الفروسية، والأولى التي تفوز ببطولات عربية وعالمية، وأول فارسة عربية تحوز رخصة لقيادة الشاحنات وأول رئيسة لاتحاد عمالي عربي هو اتحاد النقل البرّي في الأردن، وأول عربية سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأغذية العالمي. هل هذه طريقتكِ في دفع الأمور الى أمام؟ بمعنى أن تكوني القدوة، وتفتحي الطريق أمام الأخريات؟
– أعتقد بأن هذا هو نتيجة ما زرعه فيّ وفي اخوتي الوالد الملك حسين، رحمه الله، والذي علّمنا ان الأفعال أبلغ من الكلمات والخطابات والوعود. كان يردّد ان الكلمات إن لم تقترن بالأفعال لا تساوي شيئاً. إن خوضي مجال الفروسية أردنياً وعربياً وعالمياً من بابه الواسع، هو ترجمة لإيماني بدور المرأة في خوض أصعب الميادين وأكثرها تعقيداً، تلك التي كان كثيرون يعتقدون بأنها حكر على الرجال. لذا تدرّبتُ وشاركتُ في أولمبياد الفروسية وحزت رخصة لقيادة الشاحنات وترأستُ أول اتحاد عمالي عربي هو اتحاد النقل البرّي، كلّ ذلك لئلا أتحدّث مع الآخرين عن أمور قد يعتقدون بأنها لم ولن تتحقّق يوماً. أن يؤمن المرء بمبدأ معيّن، يعني أن يطبقه على نفسه أولاً، ليكون مثالاً حيّاً يُلهمُ الآخرين، ويمهّد الطريق أمامهم، ويثبت لهم، أنه لا يُطلقُ نظريات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع. هذا هو التغيير الذي أؤمن به.
> صرّحتِ يوماً بأن على المرء أن يُلهِم نفسه، كيف تقومين بذلك من وحي تجربتك في مجالي الفروسية والخدمة الاجتماعية؟
– علّمني والدي الملك حسين، رحمه الله، الاتكال على النفس في كلّ شيء. وكلّ ما علّمني إياه وحضني على خوض غماره، يفيدني اليوم في دوري الاجتماعي. فمن خلال عملي في رياضة الفروسية، تعلّمتُ أسس التدريب وبناء القوّة لتحقيق النجاحات، وهو تماماً ما أفعله اليوم خدمة لقضايا المجتمع. القاعدة هي هي أطبّقها في المجالين.Kk9qK6GSNaU
الأميرة
> معروف عنك انكِ إنسانة عملية، تعبتِ كي تحققي ما حققته في مجال الفروسية. عملتِ في اسطبلات أوروبية لتفهمي أكثر التحضيرات للأولمبياد والعوامل التي يمكن أن تؤثر في أداء الخيول، وسافرتِ في طائرات شحن البضائع وتعلّمتِ قيادة الشاحنات، وهما الوسيلتان الأساسيتان لنقل الخيول. أليس هذا مغايراً لصورة الأميرة والتي ترسمها الكتب والروايات، الأميرة التي تعيش الرفاه في قصر جميل، محاطاً بحدائق غنّاء؟
– تجيبُ وقد رُسمَت على وجهها ابتسامةٌ خجولة: لا أعتبر انني أمثّل الصورة النمطية للأميرة، أو حتى تلك التي تُصوّرها الكتب والروايات. تُوفيت والدتي وأنا في سنّ صغيرة، تاركة في غيابها فراغاً كبيراً. وتولّى والدي تربيتي وشقيقي علي، لاعباً دور الأب والأمّ في آن، واحتضننا الشعب الأردني صغاراً، حتى بات عائلتنا الكبيرة والأردن قصرنا الجميل.
> يبدو انه كان للملك حسين، رحمه الله، كلّ التأثير في تربيتكِ وخياراتك لاحقاً.
– صحيح. كان والدي وراء انخراطي في مجال الفروسية، وهو من حضني على الخوض في أصغر تفاصيل هذه الرياضة وأدقّها، قائلاً ان عليّ أن أعرف كلّ شيء عنها، من الاهتمام بالخيول في الإسطبلات العالمية وشحنها بأفضل الطرق الى أماكن السباق، إلى أساليب عمل اتحادات الفروسية. كان والدي رحمه الله يؤمن بالرياضة ودورها في مجتمعاتنا العربية خصوصاً، والشرق الأوسط عموماً، في مرحلة ما بعد السلام الذي آمن به وسعى جاهداً الى إحلاله. وكان بذلك يهيّئني لخدمة وطني وأمّتي رياضياً، وأتاح لي بذلك فرصة التعرّف عن كثب إلى طبقات المجتمع الأردني وطرق حياتها، وليس فقط أبناء القصور. هذه المعرفة هي التي كوّنت شخصيتي وقرّبتني أكثر من الناس.
> أيّ تربية تلقيتِ كأميرة؟ وماذا زرع فيكِ الوالد الملك حسين؟
– حرص والدي على تربيتي تربية عادية، شأني شأن أيّ فتاة أردنية، على رغم ان ضيوفه كانوا ملوكاً وأمراء وحكّاماً. وكان يردّد باستمرار على مسامعنا ان الإنسان يعيش ويموت ولا يأخذ معه من حطام هذه الدنيا ومجدها الباطل وألقابها، غير أعماله الحسنة. وأدركتُ، منذ صغري، حقيقة ان الغنى الحقيقي هو الغنى الداخلي، وليس المادي. كم يصعب على المرء أن يعيش حياته في جوع أبدي بهدف الحصول على الملذات الزائلة للدنيا! أنا سعيدة لأن والدي جعلني أدركُ ذلك باكراً، فلا أشتهي غير رضا الله سبحانه، ومحبة الناس لي.
> هل من وصيّة أوصاك بها الوالد وبَقيتْ راسخة في نفسكِ؟
– أوصاني وإخوتي ان نكرّس حياتنا لخدمة الآخرين. هذه كانت وصيّته الأخيرة قبل أن يتوفّاه الله. أراد أن يتذكّره الناس، ويتذكّرونا من بعده، وسعينا جاهدين الى الخدمة، وقدّمنا كلّ ما نستطيع، وهي وصيّة لم يمرّ يوم في حياته إلا وردّدها على مسامعنا.
> هل قابلتِِ الوالد قبل أن يتوفّاه الله، وماذا قال لكِ؟
– نعم قابلتهُ، وأمضينا معاً فترة طويلة. بالنسبة إليّ، لم يختلف في أيامه الأخيرة عمّا كان عليه طوال السنوات التي عرفته فيها. معنوياتُه هي هي، وتوجيهاتُه هي هي التي كان يردّدها في حياته، وقد ردّدها على مسامعي قبل مماته. ان مبادئه لم تتغيّر مذ عرفته طفلةً، وحتى النَفَس الأخير.
> علاقة الابنة بوالدها مميزة عادة. كيف كانت علاقتكِ بالوالد، وهل تذكرين حادثة معيّنة طبعتها؟
– كان والدي الملك حسين، رحمه الله، كل شيء في حياتي. كان عالمي الذي أتنفّسه وأعيشه، وكنت لا أرى غيره مثالاً أعلى ووالداً عطوفاً وقائداً حكيماً. والدي… والدنيا من بعده. لا أعرفُ كيف يمكن أن أصفَ تلك العلاقة، فالكلمات عاجزة، والملك حسين كان كذلك بالنسبة الى جميع الأردنيين… كان القلب الكبير، والأب الحنون والقائد الحكيم والملك المتواضع. والدي لم يمت، لأنّه حيّ في أولاده، خصوصاً في الملك عبدالله الثاني الذي أخذ عنه العهد والمسؤولية، إضافةً إلى التواضع والخدمة والطيبة والابتسامة التي تشبه ابتسامة والدنا.2-MZJBQH48-07012012060125
> وماذا أخذِتِ عن الوالدة علياء، أم علي، رحمها الله؟ وهل صحيح ان الابنة سرّ أمّها، بمعنى بماذا تشبهينها أكثر؟
– ذكرى والدتي ترافقني دائماً. وآسفُ لأنه لم يتسنَّ لي أن أعايشها كثيراً، وأعرف شخصيتها عن كثب كي أتمكّن من تحديد أوجه الشبه بيننا. فالوالدة رحلت وأنا في السادسة من عمري، لكنّ المقرّبين من العائلة يؤكدون انني أملك حسّ الفكاهة الذي كانت تملكه أمّي، وكلتانا، في رأيهم، تحبّ صناعة المقالب المضحكة، وأعتقد بأن هذا صحيح لأنّني أعشق المقالب البريئة… تضحك بفرح..
> أيّ نوع من المقالب البريئة تقصدين؟
– إنها مقالب”شقيّة”جداً، فعلى سبيل المثال: وضع الملح في القهوة، بدلاً من السكر! وأفبرك من هذه المقالب مراراً يومياً.
> ورثتِ عن الملكة علياء، رحمها الله، عمل الخير، وتتمنين أن تكوني نسخة عنها فتمدي يد العون لكلّ من يطلبها. هل تكيّة أم علي، مائدة الفقراء التي أطلقتِها في الأردن هي إحياء لذكرى الوالدة ومحاولة للسير على خطاها؟
– كانت رغبتي دائماً أن أخطو على طريق والدتي، وأنا أؤمن برؤيتها الإنسانية التي دفعتها الى تنفيذ الكثير من المشاريع الخيرية والإنسانية في الأردن. أنا فخورة إذ حققتُ حلماً كان يراودها، هو إنشاء جمعية تعنى بالأمن الغذائي في الأردن، هي تكية أم علي التي كانت تتطلع إلى إنشائها بنفسها. والآن تعمل التكية لتوفير سبل العيش الكريم للمعوزين، وهي أول جمعية من نوعها في العالم العربي التي توفر خدمات كهذه.
ترعرعتُ في غياب الأم، وأفتقدها كثيراً، وبالسير على خطاها أحسّ بوجودها أكثر في حياتي. أعرف ان حياتها لم تكن أبداً حول الإنجازات أو الشعارات، بل تمحورت حول عمل الخير والسمعة الطيبة، وهو ما أرادت أن يتذكرها الجميع به.
> ماذا يعني لابنة أن تترعرع من دون أم؟ وهل يمكن أحداً أن يملأ الفراغ الذي يخلّفه غيابها؟
– لا يمكن أحداً أن يملأ هذا الفراغ، وهذا ما أشعر به اليوم، بعد زواجي مع كلّ ما يترتّب عليه من مسؤوليات عائلية. تحاصرني أسئلة كثيرة أودّ لو تجيبني عنها والدتي، خصوصاً تلك المتعلّقة بالأمومة وطرق العناية بالأطفال وتربيتهم… فأنا لا أذكر شيئاً عن تربية والدتي لي، خصوصاً انني كنت في السادسة عندما توفّاها الله. ولا أعرف كيف كانت لترعاني في مراحل حياتي. بمعنى انني أفتقد المثال الذي يُلهم كلّ امرأة في تربيتها لأطفالها. صحيح انه يمكنني أن أسأل جدّتي وأخواتي، لكنّ الأمر مختلف عمّا لو كنتُ عايشتُ والدتي في تفاصيل الحياة العائلية اليومية.
> هل اليُتم أخفّ وطأة على أميرة طفلة، منه على طفلة عادية؟
– المشاعر الإنسانية هي هي، واليتم هو اليتم، أياً تكن مكانة المرء الاجتماعية، وأيّاً يكن لقبه.
> تجربة المدرسة الداخلية، ماذا علّمتكِ؟
– أن أعتمد على نفسي، والاعتماد على النفس درس نتعلّمه بالممارسة.2-MZJBQH48-07012012060125
> ولكن، ألم تكن تلك التجربة قاسية لطفلة صغيرة في سنّكِ آنذاك؟
– أعترف بأنها كانت تجربة قاسيةً. كان صعباً عليّ أن أتأقلم مع فكرة الابتعاد عن والدي وعن وطني الأردن. لم تكن أيام المدرسة الداخلية أياماً سعيدة، ولم يكن صحيحاً ما كانوا يردّدونه على مسامعي: أغمضي عيناً وافتحي أخرى وها هي العطلة الصيفية. وها أنتِ تعودين الى ربوع بلادك! كانت الأيام تمرّ ببطء شديد، خلالها أفتقدُ أهلي وجدّتي وأصدقائي ومدرستي وحتى أطباق الطعام الأردنية، ومع ذلك، فإن هذه التجربة صقلت شخصيتي وعلّمتني كيف أتعايش مع جنسيات مختلفة، وهيّأتني لدوري الحالي في دبي، المدينة ذات الجنسيات والانتماءات المتعدّدة، وزوّدتني الخبرات المنوّعة في التعامل مع هؤلاء.
السفيرة
> كسفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الغذاء العالمي، زرتم دولاً فقيرة جداً، آخرها أثيوبيا وملاوي. ماذا عن تلك الزيارات؟ بأيّ انطباع عدتم؟ وهل من مشهد أثّر فيكم أكثر؟
– آمل بأنني تمكنت من خلال عملي كسفيرة لبرنامج الغذاء العالمي، من توجيه أنظار العالم الى معاناة هؤلاء الناس الذين يموتون بصمت كل يوم بسبب الجوع وتداعياته. وعملت مع البرنامج منذ تعييني كسفيرة عام 2005 وهو قرار دعمه الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي أنان، ومنذ إنشاء”المدينة العالمية للخدمات الإنسانية”وتعييني من جانب الشيخ محمد رئيساً لمجلس الإدارة، وجدت أن هذا العمل يتطلب مني ألاّ أنفرد بتبني مؤسسة انسانية واحدة دون غيرها، وشعرت بأن عملي كسفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الغذاء العالمي يمكن أن يشكل نوعاً من تضارب المصالح، لذا قررت أخيراً التنحي عن هذا المنصب. لكن هذا لا يعني أنني لن أواصل عملي في مكافحة الجوع، وأن أقدم كل ما أستطيع للوصول الى حلول جذرية وعملية، تساهم في محاربة الجوع والقضاء عليه.
> قلتِ يوماً:”من المهم أن يدرك العالم انه واجب علينا مساعدة الأقل حظاً، وأننا جميعاً نتشارك في المسؤولية، وأهم ما يمكن عمله هو زيادة الوعي بقضية الجوع لحشد الدعم في محاولة لتخفيف وطأته وآثاره السيئة والقضاء على هذه الآفة الاجتماعية التي تهدد مستقبل شعوب بأكملها”. ما هي أخطار الجوع على مستقبل العالم؟
– الجوع أساس لمشاكل اجتماعية أخرى. فهو يولّد حالة من الإحباط واليأس… كيف لنا أن نتكلم على مستقبل مشرق للإنسانية وبيننا أفراد لا يستطيعون الحصول على أدنى حق إنساني… الطعام؟
> وهل من رسالة توجهينها بالنيابة عن الأطفال الجياع في العالم؟
– هناك مسؤولية مشتركة للجميع، كل شخص بإمكانه المساهمة بطريقته الخاصة، للحد من تفشي هذه الظاهرة. إن رؤية معاناة طفل جائع أو مشهد أمّ تكافح لإبقاء حياة طفلها، تعكس أقوى رسالة يمكن توجيهها إلى العالم.
>”عندما تقف وجهاً لوجه مع الجوع، تجده أفظع سفاح يمكنك أن تتخيّله”. هذا ما صرّحتِ به يوماً. ماذا عن الجهل؟ وأيهما أخطر؟
– قضية الجوع مرتبطة بالجهل، فكيف للطفل الذي لا يجد ما يسدّ رمقه وجوعه ان يحصل على أي نوع من التعليم؟ وكما قلت، الجوع في أساس مشاكل اجتماعية إحداها الجهل. ولعل خطر الجوع أكبر من خطر الجهل، ببساطة لأن الجائع لا يملك خياراً آخر، بينما الجهل وحده يمكن أن يكون قراراً شخصياً.
الفارسة
> أيّ علاقة تربطكِ بالخيول، خصوصاً انكِ تقولين انها كانت دوماً”أقوى من أيّ شغف”عرفتهِ في حياتك؟ في سنّ السادسة أهداكِ الوالد أول فرس، ما الذي تذكرينه عنها؟
– كانت فرساً فقدت أمها وكان عليّ الاعتناء بها. وجدت في الخَيل خير رفيق، وتعلمت من العلاقة الوطيدة مع الخيل المثابرة للوصول الى الهدف والحماسة والقدرة على التحمل. كما تعلمت منهجية العمل للتحضير لمسابقات الفروسية والاعتناء بالخيل.
> وهل كان الوالد، رحمه الله، يخطّط كي تكوني فارسة الأردن والدول العربية؟ وهل كنتِ بفوزكِ المتكرّر، تحققين أحلامكِ الشخصية أم أيضاً حلم الوالد فيكِ؟
– طلب مني الوالد، رحمه الله، أن أتعلم كل شيء عن الفروسية، وأطّلع عن كثب على أفضل الممارسات المتعلّقة برياضة الفروسية، لأعود وأطبقها في بلدي بغية النهوض بهذه الرياضة… آمن بي وبقدراتي، إلى حدّ انه قدّمني الى أحد الأطباء في مايو كلينيك في الولايات المتحدة قائلاً:”هذه ابنتي الأولمبية”، وذلك قبل أن أتأهل للأولمبياد. أدرك بحكمته أن الأولمبياد ليست عبارة عن خمس دقائق شهرة فقط، بل سنوات طويلة من التحضير والعمل الجدي والعطاء.
أنا وأميري
> قلتِ في تصريح صحافي ان الحياة بما تحمله من تجارب وأحداث هي”أفضل المدارس”، فماذا علّمتكِ؟
– علّمتني ألا أعيش في الماضي وأن أحيا يومي وأنظر إلى غدي بعين ثاقبة. ان دروس الحياة لا تنتهي، في كلّ يوم أتذكّر موقفاً أو حادثةً وأستخلصُ العبر، وهذه العبر هي سرّ الاعتماد على النفس. إن أفضل ما تعلّمته من الحياة، هو أن كلّ يوم يحمل درساً جديداً.
> تنظرين بعين ثاقبة الى المستقبل، وزوجكِ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم جعل دبي مدينة للمستقبل. فهل تعلّمتِ منه التخطيط لمشاريع معيّنة؟
– الشيخ محمّد يخطّط، وأنا أحاول فقط أن ألحق به، تضحك. يفترض أن يسبقنا الشيخ بخطوة، لكنه يسبقنا بألف خطوة وخطوة. فكيف يمكننا أن نلحق بخطواته العملاقة والمتسارعة؟ قبل زواجي، كان بعضهم يردّد انني سأتزوّج وأهدأ وألتزم بيتي الزوجي، وقد أضجر من الجلوس في المنزل وأصاب بالملل. هذا لم يحصل، بل على العكس، كثُرت المهمات والمسؤوليات الموكلة إليّ من الشيخ محمد، ويكاد ألا يكفي الوقت للقيام بما يجب فعله، لكنّ هذه المسؤوليات هي مدعاة فخر لي واعتزاز. فنحن لا نعرف مقدارنا إلا من خلال حجم المسؤوليات الموكلة إلينا، وأنا أشكر له كلّ ما يوكله إليّ، وأدعو الله أن أكون على قدر المسؤولية.
> جمعتكِ والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الفروسية وحبّكما للشعر والكتابة، وتاريخ العرب والإسلام، وماذا بعد؟
– أعتقد بأن تجارب الحياة المختلفة التي عاشها كلانا، تجمعنا. وأفضل ما يميّز علاقتنا كزوجين هو تلك الصداقة التي تربطنا. فأنا أحكي للشيخ محمد كلّ شيء. هو زوجي وأخي وصديقي ورفيق دربي. أما القول ان الفروسية والشعر والكتابة وتاريخ العرب والإسلام وحدها تجمعنا، فلا يفي هذه العلاقة العميقة والاستثنائية، حقّها.
> تذكرين حتماً اللقاء الأول مع الشيخ محمد. ما الذي جذبكِ إليه للوهلة الأولى؟ وهل يمكن القول انه كان حبّاً من النظرة الأولى؟
– التقينا في مباراة تنافسية للخيل. لم يكن حبّاً من النظرة الأولى بمقدار ما كان تحدّياً رياضياً: كان يقول لي انه سيهزمني في المباراة، وكنتُ أؤكد له انني مَن سينتصر تضحك.La princesse Haya dans ses écuries
> من الذي غَلَب حينها؟
هو طبعاً، ولا يزال غالباً حتى اليوم تضحك وتضيف ممازحة، لكنني أردّد على مسمعه، دائماً بعد كلّ هزيمة، ان الأيام بيننا… ولا بدّ من أن أغلبه يوماً.
> تقولين:”أنا محظوظة لأنني وجدت أميري وفارسي”، فما هي الصفات التي عرفتِها في الشيخ محمد الإنسان، ولا نعرفها فيه؟
– تواضعه وطيبته وتفانيه في خدمة شعبه ووطنه، واحترامه للكبير كما الصغير، وانتماؤه العربي والديني. هو فارس وأمير بكلّ ما للكلمة من معانٍ سامية وشهمة.
> وماذا عنه كفارس في الميدان؟
– هو أكثر من يفهم الخيول، في تفاصيل حياتها الدقيقة، كما في تطبيبها وفق علم الأعشاب والوصفات العربية القديمة. وأعتقد بأن هذا علم ضاع من العرب، لذا أطلب من الشيخ محمد وألحّ في طلبي تدوين خبرته الواسعة في هذا المجال في كتاب يكون دليلاً للفرسان.
> وما الصفة التي يقدّرها فيكِ؟
– ضاحكة لا أعرف، ولكن بالتأكيد ليسَ طريقة إعدادي للطعام، فأنا سيئة جداً في المطبخ!
> وهل تخبريننا عن حياتكِ مع الشيخ محمد بعد أكثر من سنتين على زواجكما؟
– سعادتي الى جانب الشيخ محمد لا توصف.
> يقولون ان الزواج مدرسة؟
– زواجي هو من شخص غير عادي، لذا لا يمكنني أن أعمّم تجربتي. عندما تزوّجت الشيخ محمد، ارتبطت بدولةٍ وشعبٍ وحياةٍ جديدة مسؤولة. وإذا كان الزواج مدرسة، فزواجي من الشيخ محمد جامعة جميلة، والحمد لله.
> يبدو وكأن الهموم العامة والمسؤوليات الملقاة على عاتقكما كزوجين، تطغى على همومكما الزوجية الشخصية.
– صحيح، فالشيخ محمد يقدّم كلّ مسؤولية عامة على حياته الخاصة. هموم شعبه قبل همومه الشخصية.
> وما الصورة التي رسمتِها سابقاً عن الشيخ محمّد، وتغيّرتْ بعد الزواج؟
– تعلّمتُ منذ صغري ألا أستبق الأمور وأرسم صورة معيّنة عن أشخاص أو أيام مقبلة. تعلّمت أن أقبل بمشيئة الله وما رسمه لحياتنا من مخططات، وأعيش كلّ يوم بيومه.
> معروف عن الشيخ محمد أنه قائد ذو حكمة ورؤية استثنائيتين. هل من حادثة معيّنة شهدتِها وأثرّت فيكِ؟
– الشيخ محمد كتاب غنيّ مفتوح، وأخشى إن ذكرتُ حادثة وأضأتُ عليها، أن أغفل بحراً من الأحداث التي تدلّ على حكمة هذه الشخصية الاستثنائية ورؤيتها الثاقبة.
> كتب الشيخ محمد مذكراته تحت عنوان”رؤيتي”. لو قدّر لكم أن تكتبوا كتاباً عنه ماذا سيكون عنوانه؟
– هو خيرُ من يكتب عن تجربته. وأُطمئن كلّ من استمتع بقراءة كتابه الأول، أنه لن يكون الكتاب الأخير.
> وهل أوصاكِ الشيخ محمد وصيّة معيّنة، قبل انتقالكِ للعيش في دبي؟
– هو فخور بنسبي وتربيتي، ولم يطلب منّي إلا أن أكون أنا، على سجيّتي.6-BTBQCM8-07012012060113
الناشطة
> أوكل الشيخ محمد إليكِ مهمّة تحديث الجهاز التعليمي والصحّي، والصحة والتعليم هما الأكثر اتصالاً بهموم الناس الاجتماعية. ما المشاهدات التي نقلتِها الى الشيخ محمّد، والاقتراحات التي تقدّمتِ بها؟
– قمتُ بالكثير من الزيارات الميدانية للمدارس الحكومية في دبي، بناء على توجيهات الشيخ محمد. واطلعت عن كثب على حاجات المدارس لجهة البيئة المبنية للمدرسة وواقع المعلم والحاجة الى تحديث الوسائل التعليمية والمرافق والعيادات المدرسية.
ونقلت للشيخ محمد الواقع واقتراحاتي التطويرية. وتمكنّا من إنهاء المرحلة الأولى من مشروع تأهيل المدارس الذي شمل صيانة شاملة لـپ17 منها، وبناء مدرستين، والصالات الرياضية الحديثة وتأمين أحدث الوسائل التعليمية وتزويد العيادات المدرسية المواد والأجهزة الطبية والكادر المؤهَّل. أما المرحلة الثانية من المشروع فينفذها مجلس دبي التعليمي.
> ما الذي يقضّ مضجعكِ أكثر في هذين المجالين؟ ما الذي يؤثر أكثر في مستقبل الوطن: طفل بلا علاج أم طفل بلا تعليم؟
– الصحة والتعليم معياران لتقدم المجتمع، ولا يمكن تقديم مجال على آخر. هنالك تداخل وترابط بينهما.
> منحكم الملك عبدالله وسام النهضة المرصّع، وهو أرفع وسام أردني. ما الذي أضافه هذا الوسام الى حاملتِه؟
– منحني مزيداً من التصميم على العمل والمضي قدماً خدمةً للمجتمع، فالعطاء لا يقف عند حد.
> وهل سيحفّزكِ هذا الوسام على عمل الخير أكثر في الأردن، وتوسيع نشاطكِ في بلدكِ الأم؟
– عمل الخير ليس مرتبطاً بمكان أو وقت أو وسام، بل نابع من قدرة الفرد على الاستمرار في تقديم كل ما يستطيع لمساعدة الآخرين. أسأل الله أن يمكنني من عمل الخير دوماً.
> هل تصفين لنا العلاقة التي تربطكِ بالملك عبدالله وعقيلته الملكة رانيا العبدالله؟
– أرى في أخي الملك عبدالله امتداداً لوالدي الملك حسين، رحمه الله. فهو ورث عن الوالد حكمته، حبه لشعبه وتفانيه في خدمته، وإيمانه بمستقبل الأردن. وتربطني به وبالملكة رانيا علاقة متينة وقوية كما الحال بين الاخوة والعائلة الواحدة.
> يتحدّث كثيرون عن هوّة بين الشرق والغرب. من واقع حياتك في مجتمعات عربية وغربية مختلفة، بين الأردن وفرنسا والإمارات، هل ترين أن هناك صداماً بين حضارتين؟ وإذا وجِد، هل من شفاء منه؟
– شاءت الفرص أن اختبر الحياة ضمن ثقافات متعددة، وتعلمت ألا أكوّن فكرة مسبقة عن ثقافة أو أشخاص معيّنين، وألا أتبنى الصور السائدة أو النمطية. هناك سوء فهم للثقافة العربية والإسلامية من المجتمعات الغربية، وساهم الإعلام في إيجاد الصدع بين العالمين.yahyaPic(395)
أعتقد بأن الفرصة موجودة لتصحيح سوء الفهم، وتقع على عاتقنا مسؤولية عكس هذه الصورة وإبراز الحقائق. إن للإعلام دوراً لا يمكن تجاهله في هذا المجال، سواء كان غربياً أو عربياً.
> كيف وجدتم الحياة في دبي التي يعتبرها كثيرون نيويورك الشرق؟
– دبي مدينة تجمع بين ثقافات مختلفة، منسجمة ومتواصلة. والفرصة التي توفّرها للتعرف الى الآخر المختلف ثقافياً ودينياً وسياسياً واجتماعياً، فرصة رائعة. أحبّ في دبي انها مدينة متجددة، دائمة النمو.
* المقابلة تنشرها الشقيقة مجلة”لها”غداً.
< لم يسبق لمقابلة أميرية أن كانت مرحة وسجيّة وقريبة من القلب، كما هي مقابلة الأميرة هيا بنت الحسين. لم يكن ترتيب موعد معها لإجراء المقابلة سهلاً، وسط كلّ المهمات التي أوكلها إليها زوجها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والمسؤوليات التي أُلقيت على عاتقها إثر انتخابها رئيسة للاتحاد الدولي للفروسية. رافقناها يوماً كاملاً كانت تتنقّل فيه من افتتاح مركز ثقافي إسلامي يحمل اسمها، وتدشين مركز ترفيه للأطفال، إلى رعاية عشاء خيري ومزاد علني لمصلحة مرضى السرطان.
تتدفّق عطاءً وحيوية، تحنو على الأطفال، تحدثهم بلغتهم، وتواكب بفرح واندفاع تدفّق التبرعات التي تسلك طريقها الى مرضى السرطان. والمفاجأة كانت في لقاء غير رسمي جمعنا بها بعيداً من الشكليات… أميرةً ديناميكية ارتدت جينزاً أزرق وقميصاً أبيض، وكانت الإجابات عفوية.
كلمات لها
– كتاب قرأته وأعود إليه باستمرار: القرآن الكريم.
– كتاب أثّر فيّ:”مهنتي كملك”للملك حسين.
– أسفي الكبير: الجوع الذي يفتك بشعوب بأكملها.
– حلمي الأكبر: أن تعود للعرب أمجادهم الغابرة.
– أغنية أرددها دائماً:”شايف البحر شو كبير”للسيدة فيروز.
– الطفلة التي كنتُ، تستيقظُ: عندما أعانق طفلاً يتيماً.
– أكثر ما يخيفني: أن أخسر الناس الذين أُحب.
– أكثر ما يريحني: تلاوة القرآن الكريم والتسبيح.
– أن أكون أميرة يعني أن أكون في خدمة الناس.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.