شهد عام 2016 حدثين مهمين عكسا قدرا كبيرا من الغضب حيال الأوضاع الاقتصادية على مدار عقد من الزمان.
فقد تحدى دونالد ترامب جميع التوقعات تقريبا بفوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية. وقبل ذلك بأشهر قليلة صوت البريطانيون لصالح خروج بلدهم من الاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه بريطانيا قبل أكثر من 43 سنة.
ومثلت نتيجة الاستفتاء صفعة لقادة الاتحاد الأوروبي الذين كانوا يتنفسون الصعداء بعد سنوات من الجدل من أجل الحفاظ على العملة الأوروبية الموحدة حتى فاجأتهم تلك الضربة.
كانت النتيجة صادمة للجميع باستثناء محلل اقتصادي واحد هو روجر بوتل، الرئيس التنفيذي لشركة كابيتال إيكونوميكس للاستشارات الاقتصادية وصاحب التوقعات الدقيقة التي نشرها في كتابه “موت التضخم” قبل عشرين عاما.
اعتبر بوتل أن نتيجة الاستفتاء “مبهجة”.
وأضاف أن الأبحاث توصلت إلى أن الدافع الذي حرك الناخب البريطاني إلى اختيار الخروج من الاتحاد الأوروبي يتلخص في عبارة واحدة هي “استعادة السيطرة”، والظن أن هذا القرار سوف يدعم الاقتصاد البريطاني.
خيبة أمل الناخبين
على النقيض من بوتل، قال المستشار السابق للمفوضية الأوروبية غراهام بيشوب إنه شعر “بالانزعاج” لسماع النتيجة، لكنه أكد أنه لم يندهش منها.
وأضاف: “عندما تتحدث إلى الناس، تدرك مدى خيبة الأمل التي يشعرون بها تجاه عدة أشياء، من بينها الاتحاد الأوروبي.”
وترتبط خيبة أمل المواطن البريطاني بوضوح بالتراجع المستمر في مستوى المعيشة خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يؤكد مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي علاقته بموجات الهجرة المتزايدة من دول أوروبا إلى بريطانيا.
وأدت معدلات البطالة المرتفعة في جنوب أوروبا والنقص الحاد في فرص العمل في دول الشرق مثل أوكرانيا وبلغاريا إلى تدفق المزيد من العمالة إلى بريطانيا. ودائما ما وقف الاتحاد الأوروبي أمام محاولات بريطانيا الحد من تدفقات الهجرة تحت مظلة تقديس حرية حركة العمالة بين دول هذا التكتل.
وربما كان تدفق العمالة الأوروبية إلى بريطانيا أحد أهم أسباب نمو الاقتصاد في البلاد، لكن خلال الأعوام الـ15 الماضية زاد عدد سكان البلد بواقع 10 في المئة إلى 65 مليون نسمة.
ويعتقد الكثيرون أن الوافدين الجدد من الدول الأفقر هم السبب وراء تدني الأجور. ولأن خدمات التعليم والصحة يمولها دافعو الضرائب، هناك من يرى أن تلك الخدمات باتت تعاني من ضغوط وأصبحت في حاجة لأموال إضافية من دافعي الضرائب.
حوار وطني
يرى روجر بوتل أن الهجرة من أهم العوامل التي أدت إلى انخفاض الأجور في بريطانيا، ويرجح أن التحرر من قواعد الاتحاد الأوروبي سوف يعطي دفعة للاقتصاد.
لكنه أكد على أن هناك ضرورة للالتزام بقواعد السوق الأوروبية المشتركة حتى تتمكن بريطانيا من بيع منتجاتها في دول هذا التكتل.
حملة مؤيدة للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي
توجهت بسؤال إلى غراهام ماثر، وهو عضو محافظ سابق بالبرلمان الأوروبي والرئيس الحالي لمنتدى السياسة الأوروبي، عما إذا كان زعماء الاتحاد الأوروبي قد أعربوا عن ندمهم في الوقت الحالي لاتخاذهم موقفا متصلبا من محاولات بريطانيا الحد من تدفقات الهجرة الوافدة من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، وذلك استنادا إلى علاقاته الوثيقة بكثير من المسؤولين في الاتحاد الأوروبي. لكن ماثر قال “إنهم قدموا أقصى ما يمكنهم القيام به، فهي دول ديمقراطية، مثل رومانيا وبولندا، ولابد لهم من تلبية احتياجات ناخبيهم.”
وأضاف: “إذا قدمت لنا هذه الدول خيارا يسمح بالتمييز ضد مواطنيهم وإعادة بعضهم إلى أوطانهم، فسوف يعاقبهم ناخبوهم على ذلك أثناء التصويت في الانتخابات. والمشكلة الحقيقية هي أننا لسنا كيانا واحدا؛ إنها مباراة بين 28 دولة ديمقراطية. ”
تعهدات درامية
كان فوز دونالد ترامب مفاجأة أكبر من تلك التي فجرتها نتيجة التصويت على الخروج البريطاني.
فقبل فوزه بالانتخابات، أطلق ترامب عددا من التعهدات الدرامية، التي تضمنت بناء جدار على الحدود مع المكسيك في الجنوب، وإلغاء برنامج الرعاية الصحية للرئيس باراك أوباما، وفرض رسوم جمركية بواقع 45 في المئة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.
ورأى الكثير من الناخبين أن التجارة الحرة أصبحت تضر برفاهيتهم، ما دفهم إلى الترحيب بوعود ترامب التي تتضمن تغيرا جذريا في السياسات التجارية للولايات المتحدة.
وشهدت أسواق الأسهم الأمريكية ارتفاعات حادة، مدفوعة بتصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب التي أشارت إلى المزيد من مشروعات البُنى التحتية وخفض الضرائب.
لكن أليكس غولدستاين، الذي يدعو لإجراء إصلاحات مالية، قالت إن “ترامب ضلل الناخبين” وكان استخدامه خطابا عاطفيا لتحييد النخبة السياسية عملا “قذرا للغاية”.
وأضافت أنه (ترامب) “اختار فريقه الانتقالي من أعضاء التكتلات المختلفة، ومديري صناديق التحوط، وكبار الشخصيات في الدولة.”
تنوع الاقتصاد النيجيري
تسبب التراجع في أسعار النفط خلال 2016 إلى ظهور مشكلات عدة واجهت الدول المنتجة، بما فيها نيجيريا. وكانت المشكلة الكبرى لدى أكبر منتج إفريقي للنفط هي انكماش الاقتصاد، مع انهيار في قيمة العملة المحلية وارتفاع حاد لمعدل التضخم.
لكن عددا ليس بالقليل من الشركات النيجيرية لا زالت تظهر أداء يبعث على التفاؤل رغم ما تعانيه البلاد.
وقال أوزوما دوزي، الرئيس التنفيذي لدياموند بنك، إن الأزمة كانت في حقيقتها “هبة” لأنها دفعت البلاد إلى عدم التركيز على النفط كمصدر أساسي للدخل، والبداية في الاستثمار في قطاعات أخرى.
وأضاف: “قبل النفط، كنا بلدا زراعيا. لذلك من الممكن أن نتوسع في مشروعات البنى التحتية التي توفر فرصا في قطاع الزراعة.”
وأشار إلى أن هناك الكثير من أصحاب المشروعات الرائدة والأطباء والعمالة الماهرة يعودون من الخارج إلى بلادهم، حيث يرون أن هناك فرصا واعدة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-hjJ