مجلة مال واعمال

الأزمة المالية تطال ركيزة الديمقراطية في اسبانيا

-

عاني المناطق الذاتية الحكم، رمز التنوع وركيزة الديمقراطية في اسبانيا، من ديون فادحة ترغمها على طلب مساعدة الدولة، مهددة بعجزها الوضعَ المالي في البلاد بل في منطقة اليورو برمتها.

وقال كريستيان شولتز المحلل في مصرف بيرنبرغ ان «مشكلة المناطق تزيد من احتمال ان تحتاج اسبانيا الى خطة انقاذ شامل» لانها تضاف الى ديون الدولة المركزية ومصاعب المصارف التي ستحصل على مساعدة اوروبية اقصاها مئة مليار يورو.

ويحدد معظم المحللين شهر تشرين الاول/اكتوبر كمهلة قصوى قبل تعثر اسبانيا في سداد مدفوعاتها.

وان كانت المناطق تستنكر ذكر خطة «انقاذ»، شانها في ذلك شان الحكومة المركزية، الا ان العديد منها اقر بالحاجة الى مساعدة خارجية لمواجهة دين طائل يصل الى 140,1 مليار يورو ما يمثل 13,1 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي للمناطق.

واثارت منطقة فالنسيا الجمعة موجة ذعر جديدة في الاسواق اذ بادرت الى الاعلان رسميا عن طلب مساعدة من الصندوق الذي انشأته الدولة لمساعدة المناطق وقدره 18 مليار يورو، مبددة بهذا الاعلان الارتياح الذي نتج عن توقيع خطة مساعدة المصارف في بروكسل.

ومن المرجح ان تليها مناطق اخرى، ما سيهدد بزيادة اعباء الدين الاسباني الذي يتوقع ان يقارب 80 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي بحلول نهاية السنة.

واقرت منطقة مرسية بانها تدرس طلب «200 مليون يورو او في اسوأ الحالات 300 مليون يورو».

كما تواجه منطقة كاتالونيا استحقاقات ديون بقيمة 13,47 مليار يورو خلال العام 2012 بحسب صحيفة الكونفيدنسيال، قد تدفعها الى طلب مساعدة بدورها.

اما فالنسيا، فهي بحاجة بحسب صحيفة الموندو الى 3,34 مليار يورو في النصف الثاني من السنة.

وقال سيريل رينيا المحلل لدى ناتيكسيس ان «وضع المناطق تدهور بعدما بدا قيد السيطرة في مطلع العام» مشيرا الى ان «حوالى ستة مناطق من اصل 17 في اسبانيا ستطلب على الارجح مساعدة الدولة».

ويمضي اميليو غونزاليس استاذ الاقتصاد الهيكلي في جامعة مدريد ابعد من ذلك فيرجح ان «تليها الى ذلك كاستيا لا مانتشا والاندلس وعلى الارجح جزر الباليار واستورياس. باختصار جميع المناطق تقريبا باستثناء مدريد وربما أراغون».

وهو يرى ان «الوضع لم يعد يحتمل» للمناطق معتبرا ان الاقتطاعات الصارمة في النفقات التي يتم درسها لن تكون كافية.

وافادت بعض المناطق من سنوات الازدهار في الاقتصاد الاسباني لتنفق بشكل طائل. فقامت حتى ببناء مبان غير ماهولة وشق طرقات لم تكن بحاجة اليها ومطارات لا تشهد حركة ملاحة تذكر، الى ان انهارت الفورة العقارية عام 2008.

وتعاني المناطق اليوم من الديون وقضايا فساد طاولت حتى صهر الملك ايناكي اوردانغارين في الباليار.

وقال غونزاليس «من المؤكد ان نظام المناطق الذاتية الحكم شهد الكثير من التجاوزات التي ينبغي اليوم تصحيحها» وفي طليعتها «ازدواجية الصلاحيات التي تكلفنا حوالى 5 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي».

ولفت بهذا الصدد الى ان هذا النظام لا يقوم على «ازالة المركزية بل على نسخ نموذج الدولة المركزية في المناطق ال17» بل ايضا على صعيد المقاطعات داخل المناطق.

واضاف ان هناك «مثلا 56 جامعة عامة مستقلة في حين ان 12 او 14 جامعة عدد كاف. لدينا كذلك اعداد هائلة من الشبكات التلفزيونية العامة والمجالس الاقتصادية والاجتماعية» وغيرها.

والمشكلة ان الدولة لطالما غضت الطرف عن هذا الموضوع بسبب حساسيته على الصعيد السياسي.

واوضح الخبير ان «الحكم الذاتي كان فكرة طرحت لمعالجة مشكلة كاتالونيا وبلاد الباسك وعممها الاشتراكيون على اسبانيا برمتها. وكان الطرح هو ان الحكم الذاتي يعني الديموقراطية والمركزية تعني الفرانكية (نسبة الى حكم الجنرال فرانكو)» والديكتاتورية.

وكاتالونيا التي تمثل ربع الثروات الاسبانية وتدافع بشدة عن حكمها الذاتي الواسع، ترفض شروط المساعدة التي تفرضها عليها الحكومة والتي تقضي بتخفيض عجز المناطق الى النصف خلال العام 2012 والى 0,7 بالمئة عام 2013.

كما تقاوم مناطق اخرى مثل استورياس والاندلس والكناري فرض مثل هذه الشروط عليها.

وقال غونزاليس ان المناطق امام خيار بسيط «اما ان تطبق الاصلاحات او ان تنتظر الى ان تفرض عليها من الخارج».

لكنه رجح ان «تفضل المناطق ان تترك الامر للدولة (…) نظرا للثمن السياسي المترتب».